ادب

لمحات إدارية و قيادية في قصة ذي القرنين

امتلأ القرآن الكريم بالحكايات التي حكاها لنا عن ما حدث للأنبياء والصالحين وسيرتهم العطرة، وكانت بينها العديد من الحكايات مثل حكاية الخضر وحكاية ذي القرنين .

ذي القرنين قائد ناجح
إيمانه بالله

اعتمد نجاح ذي القرنين على عدة أمور كان على رأسها إيمانه بالله ، ذلك الذي كان نبراسا لمنهجه و تعاملاته ، ذلك الرجل الذي حمل رسالة إيمانية عمل على تحقيقها طوال قصته ، و بذلك بدأ القرآن الكريم الحديث عنه ، حين قيل أنه رجل صالح مكنه الله في الأرض ، كما أنه ذكر عنه في القرآن الكريم أن رسالته تنقلت إلى كاقة أنحاء الأرض فقيل من مطلع الشمس لمغربها ، و اتسم حديثه دائما بذكر الله ، و كان من بين ما ذكر عن لسانه في كتاب الله قوله تعالى قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) ( سورة الكهف )

أمانة ذو القرنين
– من بين السمات التي كانت أساسا للقيادة الناجحة لهذا الرجل الأمانة ، و لذلك تم توليته أمانة التصرف مع هؤلاء القوم الذي عرفوا عند مغرب الشمس ، و كانت هذه الأمانة من قبل الله جل و على و ليست من قبل البشر ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) ( سورة الكهف ) .

وعند بناء السد، كان مخلصا لثروات القوم وأمينا عليها. عندما أنشأ السد، عرضت عليه ثرواتهم، ولكنه لم يطمع فيها أبدا، بل كان يحافظ على أمانته تجاه تلك الثروات. طلب منهم أن يقدموا له تلك الخيرات بأنفسهم لبناء السد، وذلك عندما قال: `آتوني زبر الحديد`. يتضح من هذه الكلمات رغبته في أن يكتشفوا ما في أرضهم ويطلعوا عليه بأنفسهم، وكذلك تجلت أمانته في حماية أرواحهم عندما حاول حمايتهم من قوم يأجوج ومأجوج .

الثواب و العقاب
لم يكن ذا القرنين يدبر حكمه بشكل مرسل ، و إنما اعتمد على طريقة الثواب و العقاب ، فكان يطبق العقاب على الظالمين و يكافئ المحسنين ، و ذلك اعتمادا على الآية الكريمة قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ( سورة الكهف ) .

المهارات في التعامل مع مختلف البشر
ورد عن ذي القرنين أنه سافر إلى أماكن متعددة في الأرض، حيث ذهب إلى غروب الشمس وشروقها، وتجول بين الجبال، والأمر الملفت هو أنه كان قادرا على التعامل مع مختلف أنواع البشر بغض النظر عن جنسياتهم وعاداتهم المختلفة، وهذا يشير بوضوح إلى نجاحه، حيث برزت قدرته بوضوح في التكيف مع محيطات متنوعة، وذكرت قدرة الله عز وجل على فهم لغات هؤلاء البشر المختلفة، وتم ذكر هذا الأمر في القرآن، عندما ذهب إلى المنطقة بين الجبال ووجد قوما لا يفهمون قوله .

قدراته الذاتية و خبراته
في إطار القصة التي وردت في القرآن ، تبين أن هذا الرجل كان لديه خبرة واسعة أهلته ليكون محل ثقة من رب العالمين ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ( سورة الكهف ) ، و قد ذكرت كلمة خبرا نكرة لتبين مدى تعدد خبراته و إمكانياته .

ظهرت في الآيات الكثير من الصفات، منها الثقة في الآخرين عندما طلب من الناس مساعدته، والرؤية المستقبلية الواضحة عندما قرر بناء سد لحمايتهم إلى الأبد، وقدرته على إدارة أزمات الشعب التي تسببت بها قوم يأجوج ومأجوج، واحترام آراء الناس وعدم فرض رأيه عليهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى