تفسير قوله الله تعالى ” كذلك واورثناها بني اسرائيل “
ذكر الله تعالى في سورة الشعرى، الآية التاسعة والخمسين: (وَكَذَٰلِكَ أَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ)، وسنقدم في هذا المقال تفسيرًا لهذه الآية الكريمة.
تفسير قوله الله تعالى ” كذلك واورثناها بني اسرائيل “:
– تفسر ابن عاشور: وقد فسر ابن عاشور قوله تعالى (ذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيل)، أن كلمة أورثنا تعود إلى الكثير من الأشياء التي وهبها الله لهم، وتعني أن الله أعطي فضمير بني إسرائيل عيوناً وكنوزاً، وأن الله منحهم بعض الأشياء التي ليس لهم ولم تكن يوما ملكا لهم، ولكنها كانت للكنعانيين ولكن الله سلط عليهم بنى اسرائيل فاحتلوا أرض فلسطين وأرض الشام.
يعود ضمير (أورثناها) إلى الكنوز التي أخذها بنو إسرائيل من المصريين في الليلة التي خرجوا فيها من مصر، حيث اقترضوا الذهب والفضة من جيرانهم المصريين، وتم ذكر ذلك في سورة طه.
فسر ابن عاشور أن هناك علاقة بين قول الله تعالى (فأخرجناهم من الجنات) وقوله (وأورثناها)، وأن (فأخرجناهم) يعود إلى قوم فرعون الذي أخرجهم الله من جنات التعب والضيق وأذلهم، وجعل بني إسرائيل يرثون ما كان لهم من كنوزٍ وثرواتٍ.
– تفسير القرطبي: فسر القرطبي قوله تعالى: `كذلك وأورثناها بني إسرائيل` بأن الله منح بني إسرائيل كل ما ذكره من كنوز وعيون وجنات، وأعطاهم مقاما كريما وميزهم بالعديد من الأشياء. ويقال إن بني إسرائيل عادوا إلى مصر بعد هلاك فرعون ومن معه، واستولوا على الذهب والحلي التي كانت في ملكية فرعون وشعبه. ويقال أيضا أن الله تعالى يقصد بقوله `وأورثناها` أن بني إسرائيل اقترضوا الذهب والفضة والحلي من آل فرعون بأمر من الله تعالى، وقد تحقق كل من هاتين النظريتين.
– تفسير الوسيط الطنطاوي : تفسير قوله تعالى (كذلك) هو خبر لمبتدأ محذوف، ويعني قوله: (وأورثناها بني إسرائيل) أي أن الله تعالى منح بني إسرائيل الجنات والعيون والكنوز والذهب والحلي والمنازل.
قوله: وأورثناها” يشير إلى الجنات والعيون والكنوز التي حصل عليها بنو إسرائيل بعد هلاك فرعون وجيشه، حيث أخذوا كل أموال فرعون وشعبه وكل ما كانوا يمتلكون من بيوت، ومنحهم الله هذه الكنوز
بعض العلماء يقولون إن بني إسرائيل لم يعودوا إلى مصر بعد هلاك فرعون، وأن تفسير قوله تعالى `وأورثناها` ليس له علاقة بكنوز فرعون، ولم يشهد عودة بني إسرائيل إلى مصر بعد مغادرتهما، فلم يرثوا مملكة فرعون. بل أراد الله أن يمنحهم المكانة الكريمة التي كانت لفرعون وأن يكون ميراثهم هو ما كان لفرعون من مكانة وثروة.
يقال إن الميراث الذي منحه الله لبني إسرائيل هو ما اقترضوه من جيرانهم عندما خرجوا من مصر قبل هلاك فرعون وشعبه.
يمكن أن يكون الضمير في قوله تعالى `وأورثناها` يعود إلى الجنات والعيون والكنوز التي كانت لفرعون وقومه، ومنح الله هذه الكنوز لسيدنا موسى ولمن كان معه من بني إسرائيل بعد هلاك فرعون وقومه، وعندما خرجوا من مصر، ذهبوا إلى الأرض المقدسة كما أمرهم سيدنا موسى وسليمان عليه السلام .
ويؤكد ذلك التفسير قوله تعالى (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها، وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ )، وقوله تعالى ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) .