لماذا نتحرك عندما نفكر
لماذا نفكر وكيف نفكر
الدماغ يعتبر آلة البقاء على قيد الحياة، وربما يكون هو السبب الرئيسي لبقاء الإنسان على قيد الحياة لفترة طويلة، حيث أننا نتميز بالتكيف، وينظر الآن إلى الأفكار الموجودة في رؤوسنا على أنها جزء منا، وهناك نوعان من الأفكار لدينا، أفكار واعية (أفكار نتحكم فيها) وأفكار غير واعية (أفكار لا نتحكم فيها)، وإذا كنت تستطيع التفكير في الأمر مثلما تتنفس بوعي، فهذا يشبه الأمر جدا، ولكن عندما تقوم بأشياء أخرى فإن التنفس يحدث بدون وعي.
يعود سبب هذه الأفكار اللاواعية إلى تقييم الخطر الذي يمتلكه الدماغ، فهو يقوم بملء نقاط عمياء في رؤيتك بالمعلومات لتجنب ثغرات في الرؤية، وبالتالي فإن عقلك مستقل إلى حد ما
عندما تشاهد شخصا غريبا، ينشئ دماغك تلقائيا قصة لهذا الشخص بناء على ما تراه وما حدث لك في الماضي، خاصة إذا كان هناك موقفا صادما. هذه هي الآلية التي يعمل بها عقلك؛ لذلك، جميع الأفكار التي تنبثق هي افتراضات من قبل عقلك، وقد تسبب هذه الأفكار ورطة لبعض الأشخاص؛ لأن بعض الناس يعتقدون أن هذه الأفكار صحيحة. هذا ما يسمى الحكم والافتراض.
تعتبر قشرة الفص الجبهي وهي أحدث تطور في التحكم بالوعي في الأشياء، لا تزال قيد التطور منذ منتصف التسعينيات إلى أواخر العشرينيات وفقًا لما يقوله الخبراء، وهذا ما يجعل المراهقين يتصرفون بشكل أكثر اندفاعًا
ولكننا لا نعرف بالضبط مكان الوعي في قشرة الجبهة، ولكن نعلم أن هذا الجزء من الدماغ قادر على التحكم في الأشياء بوعي، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نفكر كما نفعل. يريد الدماغ البقاء على قيد الحياة، ولكن البشر فريدين بما يكفي لتوليد الأفكار وتشكيل معتقداتهم الخاصة حول طبيعة تلك الأفكار.
سبب الحركة أثناء التفكير
في الأفلام، عندما يحاول شخص ما حل بعض المشاكل المزعجة، يفترض أن يكون في وضعية مألوفة، حيث يضع الرأس لأسفل ويضع إحدى يديه على الذقن ويتحرك في الغرفة بقلق. هذا الموقف يرتبط بالتفكير العميق والترقب، حسبما كتب هنري ديفيد ثورو، الكاتب والشاعر والفيلسوف الأمريكي، في يومياته مرة واحدة: “أعتقد أنه عندما تبدأ ساقاي بالتحرك، تبدأ أفكاري بالتدفق
في الواقع، عندما نواجه مشكلة ما، غالبا ما نتحرك بشكل عصبي وغير منتظم على الأرض. فلماذا يحدث ذلك؟ يقول الباحثون إنه في ظل مشكلة إرهاق الدماغ، يبدو أن المشي هو الطريقة التي يستخدمها الجسم لتدفق العصائر الإبداعية، ويعلم الجميع أن التمارين مفيدة للدماغ، حيث تزيد من تدفق الدم وتسهل إنشاء وصلات جديدة بين خلايا الدماغ، وتشجع على نمو الخلايا العصبية الجديدة، وتقوي الذاكرة وتخفف القلق. ومن المفيد بشكل خاص المشي لتحفيز الإبداع
فالمشي يفتح التدفق الحر للأفكار حيث كتب ماريلي أوبيزو ودانييل شوارتز من جامعة ستانفورد اللذان قاما بتأليف العديد من الدراسات والأبحاث التي تؤكد ذلك حيث أظهر المشاركون الذين ساروا مسافات درجات أعلى في اختبارات الإبداع من أولئك الذين بقوا جالسين وفي إحدى التجارب طُلب من المتطوعين إنشاء مقارنات والتي تعتبر علامة على التفكير الإبداعي خاصةً إذا كانت معقدة
تم إعطاء الأشخاص تجربة واحدة مماثلة (مثل مصباح ينفجر) وطلب منهم إنشاء تجربة جديدة ذات معنى مشابه (مثل صاعقة تضرب شجرة)، ومن بين الأشخاص الذين ذهبوا في نزهة أثناء التجربة، تمكن 95٪ منهم على الأقل من إنشاء واحدة عالية الجودة، بالمقارنة مع 50٪ فقط ممن بقوا جالسين، ولم يخرج هؤلاء الأشخاص في نزهة لمدة ساعة حول المنتزه، بل استمرت المسيرات لمدة 5 إلى 16 دقيقة، وكانت التأثيرات الإبداعية قائمة حتى بعد انتهاء التجربة
وتشير الأبحاث أيضا إلى أن مكان وكيفية التنقل يمكن أن تؤثر على قدراتنا في حل المشكلات، هل ترغب في نتائج أفضل في الرياضيات؟ أظهرت دراسة حديثة أننا نكون أفضل في جمع الأرقام معا لتكوين أرقام أكبر عندما نتحرك صعودا على السلم، وأفضل في الطرح عندما نتحرك لأسفل، وينطبق الأمر نفسه على الحركات اليمنى واليسرى، حيث تكون قدراتنا الإضافية أفضل عندما نستدرج لليمين، وتكون قدراتنا في الطرح أفضل عندما نتجه إلى اليسار، ويعود ذلك إلى أن هذه الحركات تحاكي مقياس الشاشة العمودية كما يقول الباحثون
لكن لماذا نحب أن نسير ذهاباً وإياباً مراراً وتكراراً؟ قد تكون السرعة طريقة اللاوعي للتعامل مع القلق حيث تشير الأبحاث إلى إن السلوك المتكرر يمكن أن يساعدنا في إدارة مستويات التوتر لدينا عندما نشعر بالضياع أو الخروج عن السيطرة أو قد يكون السبب هو إن الدماغ يحب التكرار والأنماط
وبالتالي، إعادة تتبع خطوات الشخص يمكن أن تصبح وسيلة لإنشاء نمط يرضي الدماغ، كما ذكرت عالمة النفس سونا جونغ لموقع Mashable: `السرعة هي إشارة سلوكية تخبرك أنك مرهق للغاية`، ولا نقول أن المشي قادر على تحويلك إلى مايكل أنجلو، ولكن يمكن أن يساعدك في المراحل الأولى من الإبداع.
سرعة لغة الجسد
يصاب الجميع بالتوتر من حين لآخر، وربما لا تحب التفكير إذا كان هناك مجموعة من الناس حولك، وربما يجعلك تشعر بعدم الارتياح إذا كانت المجموعات كبيرة أو الأشخاص غير مألوفين، ومن الممكن أن يؤدي أي قدر من الانتباه إليك إلى الشعور بالتوتر. فعلى الرغم من أن العصبية تحدث للجميع في مواقف مختلفة، إلا أنه يجب عليك أولا فهم المواقف التي تجعلك تشعر بالتوتر وما هي علامات التوتر التي تظهر
غالبا ما يرتبط العصبية بشدة بلغة الجسد، وهذه علامات أو حركات أو إشارات بصرية مختلفة يصدرها الشخص على الأرجح بدون وعي عندما يكون متوترا، ويرتبط هذا الارتباط مباشرة بالأدرينالين الذي تنتجه أجسامنا بشكل طبيعي عندما نشعر بالتوتر
عندما يكون هناك فائضٌ من الأدرينالين في الجسم، فمن الشائع أن تحاول أجسامنا إيجاد `إطلاق` لتراكم الطاقة بأي طريقة ممكنة، من التهدئة الذاتية، وفي كثير من الأحيان لا ندرك حتى إننا نظهر علامات التوتر هذه، إنها مجرد طريقةٌ طبيعيةٌ وغير واعيةٌ لجسمنا لتخفيف الأعصاب التي نمر بها
فالسرعة أو التذبذب هي طريقة أخرى مرتبطة بالحركة تتفاعل أجسامنا مع الأعصاب وإذا رأيت في السابق شخصا يتذبذب ذهابا وإيابا أو يتذبذب أثناء إلقاء خطاب أو التفكير بشكل كبير، يجب أن تكون هذه إشارة فورية بأنه ليس في منطقة الراحة الخاصة به تماما. إذا وجدت نفسك تتحرك لتهدئة أعصابك، فقد اكتشفت طريقة واحدة على الأقل من طرق جسمك لمحاولة إطلاق بعض الأدرينالين المتراكم الذي يمر عبر جسمك، ومن الممكن أن تصل بتلك الطريقة إلى نتيجة إبداعية.