ادب

أسطورة لقمان الحكيم والنسور السبعة

لقمان بن عاد، أو لقمان بن باعوراء من أولاد آزر ابن أخت أيوب أو خالته، عاش لقمان حتى أدرك داود عليه الصلاة والسلام وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه، و قد أفتى جمهور العلماء على أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً، استنادًا لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان:12]، تدور أحداث القصة حول الرغبة في طول الحياة وطول الآجل.

قصة لقمان والرغبة في البقاء:
عرف لقمان بن عاد ب لقمان الحكيم وذلك لحكمته وخبرته التي اكتسبها من طول بقائه في الدنيا، حيث كانت أمنيته الملحة هي البقاء والخلود، إلا أنه كان يعلم أن الخلود مستحيل ولابد من أن الموت يأتيه، فكان يدعو في صلاته وفي كل وقت بالعمر فوق العمر فكان يقول: «اللهم يا رب البحار الخضرْ، والأرض ذات النبت بعدَ القطرْ، أسالك عمراً فوقَ كل عمر».

وفي أحد الأيام وأثناء دعائه سمع مناديًا ينادي ويقول: «قد أجيبت دعوتكَ وأعطيت سؤالكَ ولا سبيلَ إلي الخلود، واختر ان شئتَ  بقاءَ سبع بقراتٍ عفْر، في جبل وَعْرْ، لا يَمسَسْهن ذعر، وإن شئْتَ بقاءَ سبع نواياتٍ من تَمر، مستَودعاتٍ في صخر، لا يَمسَسْهن نَدي ولا قَطرْ، وإن شئْتَ بقاءَ سبعة نسورٍ كلما هَلَكَ نسرٌ عَقَبَ بَعدَه نَسر»

الاختيار الأصعب:
وجد لقمان نفسه في حيرة شديدة فهو أمام ثلاثة اختيارات تمثل مدة بقائه على الدنيا، فإما أن يعيش مدة بقاء سبع بقرات شديدة وقوية موجودة في جبال واعرة لا يمسسها أذى، أو بقاء سبع نباتات من تمر مستودعة في صخر لا يصيبها أذى أو تلف، أو بقاء سبع نسور كلما هلك نسر أكمل بقائه النسر التالي.

بعد التفكير، قرر لقمان أن النسر طائر يعيش لفترة طويلة، لذلك اختار فترة بقاء سبعة نسور، وكلما مات نسر، تم استبداله بنسر آخر.

سبعة نسور لحياة مديدة:
تروي الأسطورة أنه في يوم من الأيام في جبل قبيس بمكة، وجد صوتا يناديه بأن النسر متواجد على رأس `ثبير`. صعد لقمان حتى وصل إلى القمة واكتشف عشا للنسر يحتوي على بيضتين قد فقسا. اختار واحدة منهما ووضع علامة على ساقها وسماها المصون. عاش المصون مائة عام ورعاه لقمان حتى اقتربت نهايته وتوفي، فناداه مناد: `يا لقمان بن عاد، لقد أصبحت رأس الجبل ومرعى الوعل ورأس السرماج المنعزل، مأمورا بطاعتك كما كنت في البداية.` صعد وجلب نسرا آخر وسماه عوض، عاش عوض مائة عام إضافية حتى توفي.

وبهذه الطريقة، تابعت النسور الظهور، وتبعها المصون عوض، ثم خلفه المغيب، ومن ثم ميسرة، وأُنسا، وأخيرًا لُبد، الذي عاش مائة عام مثل بقية النسور، حتى حان وقته الذي حزن به لقمان، بعدما أطلق عليه لُبد، وهو يعني الدهر، تعبيرًا عن رغبته وأمله في البقاء لفترة أطول، ولكن ذلك لم ينقذه من الموت، فمات لُبد وكذلك مات لقمان.

العبرة من القصة:
مهما طالت الحياة فالموت آت لا محالة فهو سنة للحياة وضعها الله لعباده لمعرفة نتيجة الاختبار الطويل والتجربة التي عشنا فيها، فاهو لقمان بحث عن الخلود فلم يستطيع فقرر طول البقاء ودعا ربه إلا أنه على الرغم من سبعمائة عام مع سبعة نسور بجانب عمره السابق لم يشفعوا له أمام الموت.

تذكرنا هذه القصة بقصة نبي الله موسى عليه السلام حيث جاءه ملك الموت ليأخذ روحه، ففتح موسى عينيه، وعندما عاد ملك الموت لربه، قال لموسى إنه يجب أن يضع يده على الثور، وسيعدد شعرات الثور تعداد أيام بقائه، فعرف موسى حينها أنه مهما طال بقاؤه، فإنه سيموت، لذلك دعا الملك ليأخذ روحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى