صحة

مضاعفات الولادة المبكرة المرتبطة بحدوث تغيرات كيميائية دائمة في الدماغ

تشير الأبحاث الجديدة إلى أن البالغين الذين وُلدوا قبل الأوان، والذين عانوا من إصابات صغيرة في الدماغ أثناء الولادة، لديهم مستويات أقل من الدوبامين في الدماغ .

تعاني الولادة المبكرة من مضاعفات مرتبطة بحدوث تغيرات كيميائية دائمة في الدماغ
تظهر أبحاث جديدة تمت في كلية كينغز لندن الجديدة، والتي نشرت في مجلة إي لايف ” eLife ” في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي، أن البالغين الذين ولدوا قبل الأوان والذين عانوا أيضا من إصابات صغيرة في الدماغ في وقت الولادة – لديهم مستويات أقل من الدوبامين في الدماغ، وقد ارتبط هذا التغير الكيميائي بعدم وجود الحافز والتمتع بالحياة الطبيعية، وأدى لحدوث تغيرات في الاهتمام والتركيز، والتي يمكن أن تكون كلها علامات مبكرة لقضايا صحة عقلية أكثر خطورة، مثل الاتجاه إلى المخدرات والاكتئاب .

حول الدراسة
توضح هذه الدراسة، التي تعتبر تعاونا بين الباحثين من كلية كينغز وكلية إمبريال لندن ومدرسة إيكان للطب في جبل سيناء في نيويورك، أن معظم الأشخاص الذين ولدوا مبكرا يعانون من مستويات أقل من الدوبامين، وعادة ما تنشأ مشاكل الصحة العقلية نتيجة لمزيج معقد من العوامل الجينية التي تجعل الأشخاص أكثر ضعفا، وتجارب الحياة السلبية أو المجهدة. يمكن أن تكون الصعوبات التي تواجهها الأشخاص عند الولادة من بين أخطر التجارب الحياتية وأكثرها دراماتيكية .

إحصائيات
تشير الإحصائيات إلى أن حوالي واحد من كل 10 أشخاص يولدون قبل الأوان، ومعظم التجارب تشير أنه لا يوجد مضاعفات كبيرة حول وقت الولادة، ولكن هناك 15 إلى 20 في المائة من الأطفال الذين يولدون قبل 32 أسبوعا من الحمل، يحدث لهم نزيف في الأسبوع الأول من الحياة في المساحات المليئة بالسوائل تسمى البطينين، والتي ترد في الدماغ، وإذا كان النزيف كبيرا فإنه يمكن أن يسبب مشاكل على المدى الطويل .

ليس هناك وضوح في العلاقة البيولوجية بين تعقيدات الولادة وزيادة خطر الإصابة بمشاكل صحة نفسية، لكن هناك نظرية تشير إلى أن الإجهاد الناجم عن الولادة المعقدة يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الدوبامين، والتي يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بمرض انفصام الشخصية .

ما قام به الباحثون في الدراسة
استخدم الباحثون صورا بالانبعاث البوزيتروني (PET) وصورا بالرنين المغناطيسي (MRI) لتصوير الدماغ، مع اختبارات نفسية، للكشف عن التغيرات الدقيقة في كيمياء وهيكل الدماغ بعد تلف المخ المبكر. قارنوا بين ثلاث مجموعات من الأشخاص: البالغين الذين ولدوا مبكرا جدا وأصيبوا بتلف الدماغ في وقت مبكر، والبالغين الذين ولدوا مبكرا جدا ولكن لم يعانوا من تلف الدماغ، والأشخاص الذين ولدوا في الوقت المناسب .

: قال الدكتور سين فروديست، الشخص الذي أجرى الدراسة في كلية كينغز لندن، “لقد افترض الناس لأكثر من 100 سنة أن بعض الأمراض العقلية يمكن أن تكون ذات صلة بمشاكل في نمو الدماغ في وقت مبكر، وقد أظهرت الدراسات التي تستخدم نماذج حيوانية كيفية ربط تلف الدماغ المبكر بالأمراض العقلية، ولكن هذه النظريات لم يتم اختبارها في تجارب على البشر .

ما وجده الباحثون
يقول الدكتور سين : ” لقد وجدنا أن الدوبامين، وهي مادة كيميائية مهمة للتعلم والاستمتاع، تتأثر في الأشخاص الذين أصيبوا في وقت مبكر من الدماغ، ولكن ليس بنفس الطريقة التي كان الكثير من الناس يفكرون بها – فمستويات الدوبامين كانت في الواقع أقل في هؤلاء الأفراد، وقد يكون هذا مهما لكيفية تفكيرنا في علاج الأشخاص الذين عانوا من تلف مبكر في الدماغ وتطور لديهم مرض عقلي، وآمل أن يحفز ذلك العلماء والأطباء وصناع القرار على إيلاء المزيد من الاهتمام للمشاكل المتعلقة بالولادة، وكيف يمكن أن تؤثر على الدماغ على المدى الطويل ” .

تصريحات الدكتورة كيارا نوسارتي
قالت الدكتورة كيارا نوسارتي، وهي مشاركة كبيرة في الدراسة من كلية كينغز في لندن : ” إن اكتشاف آلية محتملة تربط العوامل الخطر المبكرة للحياة بمرض عقلي بالغ، يمكن أن يؤدي يوما ما إلى علاجات أكثر استهدافا وفعالية للمشاكل النفسية لدى الأشخاص الذين يعانون من مضاعفات في ولادة ” .

تصريحات البروفيسور أوليفر هاوز
قال البروفيسور أوليفر هاوز، المؤلف الرئيسي الآخر في الدراسة والذي يتبع كلية كينغز لندن: `يمكن أن تساعد هذه النتائج في تطوير نهج لمنع تطور مشاكل الأشخاص الذين ولدوا في وقت مبكر` .

يجدر بالذكر أن الدراسة تم تمويلها من قبل مركز البحوث الطبية بدعم من المعهد الوطني للبحوث الصحية (NIHR) ومركز ماودسلي للبحوث الطبية الحيوية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى