تفسير ” وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين “
في القرآن الكريم، ذُكرت قصة إبراهيم عليه السلام وأنه دُعي للتخلص منه بالحرق، وقدموا له طريقة للنجاة من الحرق بالتوسل إلى الله، فقال “يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم”، وتم إنقاذه
تفسير الآيات:
{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}: لما دحضت حجتهم وبان عجزهم وظهر الحق واندفع الباطل، عدلوا إلى استعمال جاه ملكهم فقالوا: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} فجمعوا حطباً كثيراً جداً، قال السدي: حتى إن كانت المرأة تمرض فتنذر إن عوفيت أن تحمل حطباً لحريق إبراهيم، ثم جعلوه في جَوَبة ـ حفرة من الأرض وأضرموها ناراً فكان لها شرر عظيم ولهب مرتفع لم توقد نار قط مثلها، وجعلوا إبراهيم عليه السلام في كفة المنجنيق بإشارة رجل من أعراب فارس من الأكراد، فلما ألقوه قال: حسبي اللّه ونعم الوكيل.
نقل البخاري عن ابن عباس قوله “حسبي الله ونعم الوكيل”، الذي قاله إبراهيم عندما ألقي في النار، وقاله محمد عندما قالوا له “إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم”، فزادهم ذلك إيمانا وقالوا “حسبنا الله ونعم الوكيل”، وذلك ورد في سورة آل عمران الآية 173.
وروى الحافظ أبو يعلى، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار، قال: اللهم إنك في السماء وأنا في الأرض واحد، أعبدك`. ويروى أنه عندما ربطوه وجعلوه في النار قال: `لا إله إلا أنت، سبحانك، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك`. وكان عمره آنذاك ستة عشر عاما
يذكر بعض السلف أن جبريل عرض عليه وهو في الهواء، فقال له: ألك حاجة؟ فأجاب: لا، أنا لا أحتاج إليك، ولكن إذا كان هناك شيء مقسوم من عند الله فليكن. ويقال أيضا أن ابن عباس قال: عندما رمي إبراهيم بالنار، جعل خازن المطر يقول: متى يأمر الله بالمطر حتى أرسله؟ ولكن أمر الله كان أسرع من أمره، فقال الله: “يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم”، وبسبب هذا الأمر، تم إطفاء كل النيران في الأرض، ويقول كعب الأحبار: لم تحرق النار من إبراهيم سوى حبله، ويقول ابن عباس: لولا أن الله عز وجل قال: “وسلاما”، لأذى البرد إبراهيم.
وقال أبو هريرة: عندما رفع عنه الطبق وهو في النار، قال أبو إبراهيم “نعم الرب ربك يا إبراهيم”، وقال قتادة إنه لم يأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار إلا الوزغ، وقال الزهري إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن إبراهيم حين ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار غير الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم”، وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الوزغ
تقول بعض الروايات إن امرأة دخلت على عائشة ووجدت رمحا عندها، فسألتها عنه، فأجابت أنهم يقتلون به الأوزاغ، وذكرت الحديث الذي يقول: {وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين}، وهذا يعني أنهم الذين هزموا وخسروا لأنهم أرادوا الإيذاء لنبي الله، ولكن الله حماه ونجاه من النار، وفي موقع آخر يذكر عطية العوفي أنه عندما ألقي إبراهيم في النار، جاء ملكهم لينظر إليه، فاشتعلت شرارة ووقعت على إبهامه فأحرقته مثل الصوفة.