اسلامياتالقران الكريم

تفسير الآية ” إن الله وملائكته يصلون على النبي “

وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ”، فهذا يعني أن الله وملائكته يصلون على النبي، ويُطلب من المؤمنين أن يصلوا عليه ويسلموا تسليمًا

تفسير الآية ابن كثير  :
قال البخاري: قال أبو العالية : صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء، وقال ابن عباس: يصلون يبركون، وقال سفيان الثوري: صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، والمقصود من هذه الآية، أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً.

قال ابن عباس: قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: هل يصلي ربك؟ فناداه ربه عز وجل: يا موسى، سألوك هل يصلي ربك. فقل: نعم، أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي. فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس].

وأخبر الله تعالى أنه يصلي على المؤمنين في قوله: { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } [الأحزاب:43]، وقال تعالى: { أولئك عليهم صلوات من ربهم } [البقرة:157]، وفي الحديث: « إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف »، وجاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يأمر بالصلاة عليهم.

روى ابن أبي حاتم عن كعب بن عجرة قال: عندما نزلت الآية `إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما`، قالوا: يا رسول الله، لقد علمنا كيفية السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: `قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد`، ومعنى قولهم: أما السلام عليك فقد عرفناه، وهو الذي في التشهد ويقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

توصل الشافعي رحمه الله إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، وإذا ترك ذلك، فإن صلاته لا تصح. ومع ذلك، فإن هناك اختلاف في الرأي حول هذه المسألة، ولم يتم التوصل إلى إجماع قديما أو حديثا بشأن وجوبها، والله أعلم.

قال الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل علي شهر رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبويه الكبر فلم يدخلهما الجنة`، وهذا الحديث دليل على وجوب صلوا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كلما ذكر.

وقد حدث خلاف بين العلماء حول جواز أن يصلى على غير الأنبياء. فقال البعض: يجوز ذلك، واستدلوا بقول الله تعالى في سورة الأحزاب (هو الذي يصلي عليكم وملائكته)، وبقوله في سورة البقرة (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة)، وبقوله في سورة التوبة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم)، واستدلوا أيضا بحديث عبد الله بن أبي أوفى الذي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقاتهم يقول: `اللهم صل عليهم`، وعندما جاءه أبي بصدقته قال: `اللهم صل على آل أبي أوفى`. وقد نقل هذا الحديث في الصحيحين.

وقال الجمهور من العلماء: لا يجوز لغير الأنبياء أن يفردوا بالصلاة، لأن هذا يعتبر خاصية مميزة للأنبياء عند ذكرهم، فلا يشار إلى القول الذي قاله أبو بكر صلى الله عليه، أو علي صلى الله عليه. وحتى في حالة صحة المعنى، لا يجوز قول “قال محمد عز وجل” عند الإشارة إلى الله عز وجل، والأنبياء حملوا في الكتاب والسنة على الدعاء لهم، ولهذا لم يتم تأسيس خاصية مميزة لآل أبي أوفى أو جابر وزوجته، وهذا هو المسلك المعتاد.

وأما السلام، فقال الجويني من أصحابنا: الصلاة تعني التحدث مع الله، ولا ينبغي استخدامها في الغياب أو تخصيصها لغير الأنبياء، فلا يجوز القول `عليه السلام`، سواء كان المستقبل حيًا أو ميتًا، ولكن يمكن استخدامها للحديث مع الحاضرين بالقول `سلام عليكم` أو `سلام عليك`، وهذا مسأد متفق عليه.

قال عكرمة عن ابن عباس: لا يجوز أن تصلى على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالمغفرة، وكتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله: بعدما ذكرت ذلك، فإن هناك بعض الناس يسعون لتحقيق مكاسب دنيوية على حساب الآخرة، وهناك أيضا بعض الأشخاص الذين يحدثون تغييرات في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم بدلا من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. فإذا وصلك هذا الكتاب، فأوصيك بأن توجههم لأن يكونوا صلواتهم على النبي وأن يدعوا للمسلمين بشكل عام وأن يدعوا لغير ذلك [قال ابن كثير: أثر حسن].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى