قصة ” مدينة بومبي ” الايطالية
تقع مدينة بومبي على بعد 16 ميلا جنوب شرق مدينة نابولي، وهي الموقع الأثري الأكثر زيارة في العالم بسبب آثارها الكثيرة التي خلفها ثوران بركان فيزوف في العام 79م، حيث دفن الرماد المدينة لمدة 1,600 سنة حتى تم اكتشافها في القرن الثامن عشر، وتمت إضافة هذا الموقع الأثري إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1997.
بما أن هذه المدينة كانت موطنا لحوالي عشرون ألف نسمة خلال العصور القديمة وتفتخر بتفاصيل حول الحياة اليومية في تلك الفترة، فإنها الآن تواجه الاندثار ولم تبق منها سوى آثارها القديمة، وتقع على سفح جبل بركان فيزوف الذي يرتفع 1,200 مترا عن سطح البحر، بالقرب من خليج نابولي في إيطاليا.
بداية النهاية المأساوية
ظهيرة 24 أغسطس عام 79م المدينة تتأهب استعدادا للاحتفال بعيد إله النار، دون إشارات سحب متصاعدة من الدخان تغطي الشمس، وتحول النهار إلى ظلام حالك السواد، الرعب والفزع يتملك سكان المدينة، محاولات فاشلة للفرار من المصير المحتوم تجاه طريق البحر، أو البقاء في البيوت طلباً للحماية. لقد ثار بركان فيزوف.
استولي الرومان على بومبي، وحولوها إلى مستعمرة رومانية وأطلقوا عليها اسم كورنيليا فينيرا بومبيانا، وقد كانت مدمرة جزئياً بسبب زلزال وقع في عام 62 بعد الميلاد، طوال 17عاما تمت إعادة إعمار المدينة، وأصبحت ملاذا للأغنياء، وشاهدا على الرفاهية والتقدم، لكن حمم فيزوف ودخانه طمر كل هذا الجمال المعماري.
توفي ألفان شخص تحت طبقة سميكة من الرماد البركاني، حيث عثرت مجموعة من المستكشفين على الموقع في عام 1748 واكتشفوا مبانًا وتحفًا وهياكل عظمية مدفونة تحت الغبار والحطام، وقدمت تفاصيل عن الحياة اليومية في العالم القديم.
الحياة في بومبي
منذ استقرار الإغريق في المنطقة في القرن الثامن قبل الميلاد، جذبت المنطقة المحيطة بجبل فيزوف وخليج نابولي المصطافين الأثرياء الذين يرغبون في الاستمتاع بأشعة الشمس والمناظر الطبيعية. ومع بداية القرن الأول الميلادي، أصبحت مدينة بومبي، التي تقع على بعد حوالي خمسة أميال من الجبل، ملاذا جميلا للرومان الثريين.
يتواجد منازل أنيقة وفيلات متقنة في الشوارع المرصوفة بالحجارة، ويتوافد المئات من السياح ورجال المدينة والعبيد الذين يعملون في المصانع الصغيرة وورش الحرفيين والحانات والمقاهي، بالإضافة إلى بيوت الدعارة والحمامات.
تجمع الناس في الساحة التي تتسعلـ 20 ألف مقعد، وبعضهم استراح في الساحات والأسواق المفتوحة، قبل حدوث الانفجار البركاني في العام 79م.
كانت بومبيي في السابق ميناءا متوسطيا مزدهرا ومنتجعا للأثرياء الرومان، ويحتوي منازل بومبيي على لوحات داخلية مصنوعة من الجص تصور الحياة اليومية، ومن خلالها استنتج علماء الآثار تقدير الرومان القدماء للجمال والفن ومفهومهم للرفاهية .
تشمل كنوز بومبي التي بقيت على قيد الحياة لفترة كافية لتحكي قصة المدينة، منتدى المدينة الرئيسي وهياكلها العامة، مثل كابيتوليوم، والبازيليكا، والحمامات العامة، والمنتدى الثلاثي، والمسارح، وحمامات ستابيان.
إعادة اكتشاف بومبي
بقيت بومبي في الغالب دون تغيير حتى عام 1748، عندما وصلت مجموعة من المستكشفين الذين يبحثون عن التحف القديمة في كامبانيا وبدأوا في الحفر، ووجدوا أن الرماد كان بمثابة حافظة رائعة، إذ كانت بومبيي تحت كل ذلك الغبار، مباني سليمة، هياكل عظمية تم تجميدها في المكان الذي سقطت فيه، الأشياء اليومية والسلع المنزلية تناثرت في الشوارع، حتى أن علماء الآثار في وقت لاحق كشفوا الجرار من الفواكه المحفوظة وأرغفة الخبز!
تلعب حفريات بومبي دورًا رئيسيًا في إحياء الكلاسيكية الجديدة للقرن الثامن عشر، حيث قامت العائلات الأكثر ثراءً وأناقةً في أوروبا بعرض الفن والنسخ من الأشياء التي تم العثور عليها تحت الأنقاض، وساعدت رسومات مباني بومبي في تشكيل الاتجاهات المعمارية المتبعة في ذلك العصر.
تستمر أعمال التنقيب في بومبي منذ ما يقرب من ثلاثة قرون، ولا يزال العلماء والسياح مفتونين بآثار تلك المدينة الغريبة كما كانت في القرن الثامن عشر.