تعريف الشعر عند ابن رشيق القيرواني
تعريف الشعر عند ابن رشيق القيرواني
ذكر ابن رشيق القيرواني في كتابه “العمدة في محاسن الشعر وآدابه” أن الشعر يتكون بعد النية من أربعة أشياء وهي:
- اللفظ
- الوزن
- المعنى
- القافية
هذا هو الشعر لأنه من الكلام الموزون المقفى، وليس بشعر لعدم القصد والنية، مثل ما أتزن من القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما لم يطلق عليه أنه شعر. ولكن الشعر الموزون هو ما يتم عرضه على الوزن فتقبله، فيصبح الفعل له وزنا، ولذلك يطلق عليه اسم المجرى الذي يحدث للأفعال. وهذا هو الصحيح، بينما يعتقد بعض الناس أن الأفعال المنفعلة والمفتعلة لا يوجد لهما فاعل، مثل “شويت اللحم فهو منشو ومشتو” و”بنيت الحائط فهو منبن ووزنت الدينار فهو متزن”، وهذا غير ممكن ولا يمكن أن يحدث في العقول
وهو يؤدي إلى ما لا حاجة لنا به، ويكون مراد القوم في ذلك المجاز والاتساع وإلا فليس هذا مما يغلط فيه من رق ذهنه وصفا خاطره، وإنما جاء احتجاجاً على من زعم أن المتزن غير داخل في الموزون، وإذا لم يعرض المتزن على الوزن ويوجد موزوناً فمن أين يعلم أنه متزن، وقال بعض العلماء بهذا الخصوص إنه بني الشعر على أربعة أركان وهي
- المدح
- الهجاء
- النسيب
- الرثاء
وقالوا أن قواعد الشعر أربعة وهي:
- الرغبة
- الرهبة
- الطرب
- الغضب
ومع الرغبة يتم التعبير عن المدح والشكر، ومع الرهبة يتم التعبير عن الاعتذار والاستعطاف، ومع الطرب يكون الشوق وورقة النسيب، ومع الغضب يتم التعبير عن الهجاء والتوعد والعتاب الجارح. وقال الرماني، علي بن عيسى، إن أكثر ما تتمحور حوله أغراض الشعر هي خمسة أشياء
- النسيب
- المدح
- الهجاء
- الفخر
- الوصف
يستخدم التشبيه والاستعارة في الشعر لأغراض الوصف، كما قال عبد الملك بن مروان لأرطأة بن سهية: “والله ما أطرب ولا أغضب ولا أشرب ولا أرغب وإنما يجيء الشعر عند إحداهن”، وقال أبو علي البصير مايلي:
أطلب عرفه مدحت الأمير الفتح، وهل يستزاد قائل وهو راغب
فأفنى فنون الشعر وهي كثيرة وما فنيت آثاره والمناقب
فجعل الرغبة غاية لا مزيد عليها
وقال عبد الكريم يجمع أصناف الشعر أربعة وهم:
- المديح
- الهجاء
- الحكمة
- اللهو
ثم يجب أن يتم التركيز على كل فئة من هذه الفنون، حيث يمكن أن تكون فئة المديح المرائي والافتخار والشكر، وفئة الهجاء والذم والعتاب والاستبطاء، وفئة الحكمة والأمثال والتزهيد والمواعظ، وفئة اللهو والغزل والطرد وصفة الخمر والمخمور
ويقول بعض الناس إن الشعر ينقسم إلى نوعين هما المدح والهجاء، ويعود الرثاء والافتخار والتشبيب وغيرها من الأشياء المحمودة إلى النوع الأول وتتعلق بوصف الأشياء بشكل جميل مثل وصف الطلول والآثار والتشبيهات الحسان وتحسين الأخلاق كالحكم والمواعظ والزهد في الدنيا والقناعة. وأما الهجاء فهو يناقض ذلك ويتناول الانتقاد والإساءة ولكن العتاب يحتل وضعا متوسطا بين النوعين لأنه ينتمي إلى كل منهما، وبالمثل فإن الإغراء ليس من النوعين السابقين لأنه لا يعتبر مدحا ولا هجاء. فعندما تتحدث عن شخص وتصفه بأنه حقير أو مهين، فإن ذلك لا يعتبر إغراء ما لم يكن لديك ولد منهجي لإغراء هذا الشخص، وكذلك عندما تمدح شخصا فإن ذلك يكون على وجهه
يشبه البيت في الشعر البناء في المباني، حيث يتميز بقراره الذي يتمثل في الطبع، وسمكه الذي يتمثل في الرواية، ودعائمه التي تتمثل في العلم، وبابه الذي يتمثل في الدربة، وساكنه الذي يتمثل في المعنى. ولا يوجد خير في بيت لا يسكن، وتشبه الأعاريض والقوافي الموازين والأمثلة في المباني، أو الأوتاد والأواخي في الأخبية. وكل ما يفوق ذلك من محاسن الشعر يعد زينة مستأنفة وغير ضرورية، وقال القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني، مؤلف كتاب الوساطة، إن الشعر هو علم من علوم العرب، يشترك فيه الطبع والرواية والذكاء، وتكون الدربة مادة أساسية له، وتعتبر قوة لكل واحد من أسبابه. ومن يتوفر لديه هذه الصفات فهو شاعر محسن مميز
وبما ينصب له من نصيب يكون مرتبته من الإحسان، وقال: ولست أفضل في هذه القضية بين القديم والمحدث والجاهلي والمخضرم والأعرابي والمولد، ويجده إلى كثرة الحفظ. فإذا استكشفت عن هذه الحال وجدت سببها والعلة فيها أن المطبوع الذكي لا يمكنه تناول ألفاظ العربية إلا بالرواية، ولا طريق إلى الرواية إلا بالسمع، وملاك السمع الحفظ.
من هو ابن رشيق القيرواني
هو أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني وهو أحد أفضل البلغاء والنقاد والشعراء والأدباء في تاريخ الأدب العربي بأكمله. وهو ولد في المسيلة والتي تسمى المحمدية. أما عن أسرته فليس للمؤرخين بها معرفة، ولا يولى اهتماما لأسرته أو حفلاته. وبالنسبة لأبيه، يقال إنه كان روميا ومواليا للأزد. عندما كان عمره ست عشرة سنة، رحل إلى القيروان لأنها كانت في الماضي مركزا للعلم في المغرب وشهرت بذلك، وأثنى عليها صاحبها المعز بن باديس. وانضم إلى خدمته وقضى هناك أربعين سنة بين قصره وحلقات العلم في المسجد، واشتهر بالقيروان
كان ابن رشيق رجلا راضيا ومسالما، حيث يتجنب معاداة الناس، ولكنه ليس طامحا في التنقل من أجل الحصول على منصب أو هبة. كان متدينا إلى حد ما. وفيما يتعلق بطريقته العلمية، يتسم بتواضع العلماء وأمانتهم. تلقى تعليمه من عدد من علماء عصره، بمن فيهم القزاز وأبو الرجال والحصري والنهشلي. له أعماله الخاصة مثل “العمدة في محاسن الشعر وآدابه” ونقده واستعراض أشعار العرب وتحليل الأخطاء في اللغة وأسلوب الأدب والمديح والذم. له ديوان شعري
على الرغم من فقدانه لمعظم شعره، وجدت مقتطفات قصيرة للشعر لا تتجاوز بيتين. يدل شعره الذي وصلنا عليه أنَّ ابن رشيق عالج فنوناً مختلفة وطرقًا متنوعة في الشعر العربي، ومنها الوصف والعتاب والمدح والمجون.
تعريف الشعر بين القدماء والمحدثين
يسخر كثير من النقاد من تعريف الشعر بأنه `الكلام الموزون المقفى`، بسبب أن الوزن والقافية لا يكفيان لتمييز هذا الفن أو هذا النوع من الشعر. ولكن النظم هو أيضا كلام موزون مقفى، ولكنه بكل تأكيد ليس شعرا. وذلك لأن الشعر ليس فقط كلاما ووزنا وقافية، بل هو أشياء أخرى إلى جانب الكلام والوزن والقافية. ويشتبه أن الذين قد أعطوا هذا التعريف دون إضافة أي شيء آخر، لم يكونوا يقصدون أنه مجرد كلام يحتوي على وزن وقافية
على الرغم من أن القصد الحقيقي هو أنه فن من فنون الأدب، إلا أنه يتميز عن باقي الفنون الأدبية بأنه يتبع نمطا محددا ويشتمل على عناصر أخرى معروفة في الأدب، حتى لو لم يكن هناك حاجة لتوضيحها في أذهانهم. وغالبا ما يكون وضوح الفكرة في الذهن سببا لعدم الحاجة إلى تعريف دقيق يشمل جميع الأصناف الأخرى. ومع ذلك، هل فعلا قال قدامة بن جعفر – الذي أشار إلى هذا التعريف في كتابه “نقد الشعر” – مثل هذا التعريف؟ في الحقيقة، لم يقل ذلك، بل أضاف إليه عنصر المعنى بكل ما يحمله من معنى في الشعر. وهذا هو المفهوم الذي كان عند القدماء والمحدثين