اسلاميات

ما هي ثمرات التفكر في خلق الكون؟.. وفوائدها

نبذة عن التفكر في خلق الكون

عند التفكير في خلق الكون، يمكن للشخص أن يزيد من إيمانه ويقنع بوجود الله، وقد ذكرت آيات قرآنية عديدة تشجع على التفكر والتأمل في خلق الله، مثل (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار).

التفكر يعني اشتغال العقل في خلق الله، أي أن الشخص يسأل نفسه عن خالق الكون، لأن العقل يشير إلى وجود الله عز وجل، وإلى كمال خلقه، وعظمة جاهه، وسيطرته علينا، ويتحقق ذلك من خلال التأمل في آيات الله.

يعد التفكير في إبداع النفس البشرية من بين أكبر الأدلة على تفرد الله بالربوبية، لأنه إذا فكر الإنسان بعمق في عجائب خلق الله، سيصل إلى استنتاج أن الله وحده القادر على خلق هذا الكون وما فيه، فلا يمكن لغيره من الآلهة أن يخلق الإنسان ويحول العلقة إلى مضغة ويكسو العظام باللحم ويحيي ويميت.

كان السلف الصالح يفكرون بعمق في الخلق والأسباب التي وضعها الله لفوائد الناس، فقال الحسن البصري: “ساعة التفكر تفضل على ليلة القيام”، وقال سفيان بن عيينة: “الفكرة نور يدخل القلب

هل عملية التفكر في خلق الكون محدودة

هذه العملية مجال واسع لا يحده حدود، ولا تنتهي أبدًا، يمكن أن يبدأ المؤمن بالتفكر بخلق الله ليجد أن هذه العملية لا تنتهي ابدًا، لأن كل شيء من حولنا دليل على عظمة الله تعالى، فالمخلوقات والأحداث إشارة واضحة على أسماء الله وصفاته، ومظاهر لعظمة خلقة، كما أن المؤمن قد يمر بالعديد من الأحداث والظروف ويأتيه لطف الله بعدها، أو جبره أو كرمه لتتحقق أسماء الله الحسنى وصفاته.

قال تعالى:أفلا يتدبرون القرآن؟ أم أن قلوبهم مغلقة كالأقفال؟” وهذا يعني أن المؤمنين يحذرون من الإغفال والانشغال بأمور الدنيا الفانية، وأن العبادة والتفكر يؤديان إلى ملء القلب بمحبة الله وتعظيمه وإجلاله.

ثمرات التفكر في خلق الكون

من ثمرات التفكر في آيات الله ما يلي:

  • واحدة من أهم نتائج التفكر في خلق الكون هي الإدراك العظيم لخلق الله تعالى، وزيادة الإيمان به، لأن المؤمن الصالح عندما يتأمل الآفاق ويرى خلق الله من السماء والأرض، والجبال والشمس والنجوم والكواكب والقمر، والبحار والأنهار، والليل والنهار وكل ذلك، يدرك أن وراء هذا التنظيم الدقيق يجب أن يكون هناك خالق، وقال تعالى: ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور {فاطر: 27-28}
  • يمكن لللتفكير في خلق الله أن يدفع الإنسان إلى عبادة الله تعالى وحده، حيث يتأكد من أن الله لم يخلق هذا الكون إلا ليعبدوه، وليس لينكره ويهمل عبادته، وكلما زاد تفكير الإنسان، زاد إدراكه بأن الله تعالى خلقه لغرض العبادة.
  • التفكر في خلق الله يؤدي إلى التواضع، وهو بحد ذاته عبادة يأمر الله بها وينهى عن الإهمالها، وإن التفكير يقود في النهاية إلى تثبيت القلوب على توحيد المولى، وزيادة قوة الإيمان بأن الله وحده هو الذي يمتلك صفات الكمال، وإدراك أنه لم يخلقنا إلا بالحق وبحكمة عظيمة.
  • يزيد التفكر في خلق الله من الإيمان بالله ويقرب العبد من ربه، وجعل الله في خلقه آيات تدل على وحدانيته وقدرته، ففي اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات للناس الذين يتقون الله

مجالات التفكر في خلق الله تعالى

  • أن يتفكر المؤمن في آيات الله، وذلك بعد أن يتأمل في جمال خلق الله من سماء وبحار وأنهار وجبال وسهول وطبيعة خلابسة وشمس ونجوم وقمر وكواكب، وتعاقب الليل والنهار والشمس والقمر بنظام بالغ الدقة لا يخطئ، قال تعالى: (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا)
  • تفكر في جمال خلق الإنسان، وكيف خلق الله جهاز الإنسان وتناغمه وتناغم أجزائه من الجهاز العصبي والقلبي والأوعية الدموية والجهاز الهضمي والبولي والتناسلي ووظائف العقل والدم والأنزيمات والهرمونات، وكيف يعمل هذا الجهاز الرائع بانسجام تام لدعم صحة وحياة الإنسان، والله يقول: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
  • تأمل في حال الدنيا وكيفية تغير أحوالها من الصعب إلى السهل، والعكس، والتفكير في حال الأشخاص الذين فقدوا الآخرة بسبب تعلقهم بمتع الدنيا الزائلة، وكيف تغلب بعض الأشخاص وتجبروا الأرض وتكبروا على عبادة الله وتتبع شهواتهم الدنيوية، وبنتيجة ذلك ينتهي بهم الأمر إلى الخسارة والهم في الحياة والموت. إنهم فقدوا الدنيا وفقدوا الآخرة. كما قال تعالى: `إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وأزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس. كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون
  • عندما يتأمل الإنسان في طبيعة النفس البشرية، سواء عن طريق التفكر أو قراءة آيات الله، يصل إلى فهم أعمق للنفس التي تميل إلى الشر، وكيف تدفعنا رغباتنا بغض النظر عن مدى إيماننا في بعض الأحيان إلى ارتكاب المعاصي والخطايا، وكيف يتغلب الإنسان أحيانا على الشهوات، وكيف يتأمل في ميل الإنسان نحو الشر ورغبته في الاستحواذ وحب الدوام، وكيف يغري الشيطان الإنسان في بعض الأحيان ويجعل الشر مغريا له ويبعده عن الطاعات، كما قال تعالى: `وحملها ٱلإنسان ۖ إنهۥ كان ظلوما جهولا`
  • عندما يتأمل الإنسان المخلوقات الحية والحياة غير الإنسانية، يكتشف أن الله خلق كائنات حية أخرى لا تحصى تعيش كل منها وفق نظام دقيق جدا، بعضها مفيد للإنسان وبعضها الآخر ضار، والله يوفر رزق هذه الكائنات. وعندما يؤمن الشخص بالله، يدرك أن الله هو الذي يعتني برزق أضعف كائناته، ولا ينسى سمكة في قاع البحر، ولن يترك الإنسان ضعيفه ومحتاجه دون مساعدته ورزقه، وهذه الفكرة تعين الإنسان على التوكل على الله والاعتماد عليه فقط، وقد قال تعالى: `وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها`

فوائد التفكر في خلق الكون

  • يجب أن يتمركز الإيمان بالله تعالى في قلب المؤمن، حيث يتفرّغ لعبادته ويتوكل عليه ويطلب منه المساعدة والرزق، ولا يخشى المتغيرات في الدنيا ولا يعتمد على الناس، ولا يطلب منهم شيئًا، بل يعتمد فقط على ما يرزقه الله.
  • زيادة الإيمان في قلب المسلم الذي تفكر في آيات الله تعالى وصفاته وخلقه الإنسان والحيوانات والكائنات الحية بأجمعها وهذا الكون بما فيه من الصفات الدالة على وحدانية الله تعالى، فيلجأ الإنسان إلى العبادة، وكلما زاد التفكر، زاد اليقين وزاد الإيمان وزاد العمل بما يرضي الله والعبادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى