اسلاميات

الفرق بين مفهوم العبادة الشرعي والمفهوم السائد عند الناس

حقيقة مفهوم العبادة

الهدف الأساسي من خلق البشر والجن هو العبادة، حيث خلقهما الله تعالى ليعبدوه. وقد جعل الله كل ما حول الإنسان يساعده في العبادة، كما ورد في سورة الذريات الآية 56: `وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون`.

العبادة هي كلمة تشمل جميع الأفعال التي يجب على الإنسان القيام بها ليحظى برضا الله عز وجل، وتعني الخضوع في اللغة، وتعني اصطلاحا الطاعة والانقياد لله عز وجل، حيث لا يمكن أن تكون العبادة لغير الله، ولا يمكن أن يسمى الإنسان عبدا إلا لله عز وجل، وعندما جاء الإسلام، ألغى العبودية ورسخ مفهوم الكرامة الإسلامية، ولكن الإنسان لا يزال عبدا لله الواحد القهار دون شريك له، مما يزيد من كرامته ويعفو عنه، فالخضوع لله عز وجل يدل على خشوع القلب.

العبادة في الدين الإسلامي والشريعة تعني أداء عبادة الله بكل معانيها ومفاهيمها، سواء الظاهرة أو الباطنة، حيث يتوجب أن يظهر العبد عبادته لله من خلال الأفعال السلوكية مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول الحسن والتصرف بأخلاق حميدة والتحدث بالحق وشهادة الحق والحفاظ على الصدقات وصلة الرحم، والامتثال لكل ما يأمر به العبد من الله عز وجل، والالتزام بجميع الأعمال الصالحة الإسلامية.

كما تشمل العبادة العبادة الباطنة، وتشمل التوكل على الله حق توكله والإيمان بأن الله هو القادر على تغير كل شيء، والصبر دائماً والإيمان بالله وبملائكته ورسله، والاعتقاد بكل ما أنزل من الله عز وجل دون ذرة شك تدخل قلب العبد والخوف من الله وتقوى الله وعدم ارتكاب الفواحش سراً لأنه يدرك بأن الله يراه، وشكر الله عز وجل على كل النعم والحب الخالص لله ورسله ورجاء رحمة الله.

: في القرآن الكريم، هناك العديد من الآيات التي توضح حقيقة العبادة، وفي سورة الفاتحة يقول الله عز وجل “إياك نعبد وإياك نستعين”، وهذا يدل على أن العبادة تكون لله وحده ولا يشرك بها أحد، وأن الله هو المعين والمسند الذي يحق له فقط السجود والصلاة والصوم والحج والطواف وكل ما يقوم به الناس من عبادات.

كما يقول الله تعالى في سورة الأعراف آية 65″لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”، ويقول في سورة مريم”رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا”.

فعبادة الله الحقيقية لا تنحصر في أمر معين فهي العبادة القلبية والسمعية والنفسية والبدنية والروحية، فلا يمكن حصرها في مفهوم ضيق، ففي الدين الإسلامي الابتسامة صدقة والصدقة عبادة، فكل فعل يقرب العبد لربه عبادة، فالدعاء والاستغفار والصبر والإحسان وكل شيء من الأشياء الطيبة عبادة.

ما هو الفرق بين مفهوم العبادة الحقيقي والمفهوم السائد عند الناس

يوجد فرق كبير وعظيم بين مفهوم العبادة في الشريعة الإسلامية ومفهومها عند الناس، ويجب على الناس فهم الأشياء بشكل كامل والتعرف على أصولها، وعدم أخذ الأمور بشكل سطحي فقط، فالعبادة في الإسلام تشمل كل ما ينبغي على الإنسان فعله لصلاح المجتمع والبيئة، ولهداية الناس وأن يكون قدوة معبرة عن الدين الإسلامي الحنيف، ولا يقتصر مفهومها فقط على الصدقة والصوم والحج والصلاة والزكاة، إذ أنها أركان الإسلام التي ينبغي على المسلمين أداؤها، ولكن العبادة الحقيقية تتعدى ذلك.

– المفهوم السائد للعبادة بين الناس يقتصر بشكل ضيق على أن الشخص يصبح مسلمًا ليكتب عند الله مسلمًا، ولكن يشمل مفهوم العبادة الإيمان والإحسان والعبادة بأشكال وأنواع مختلفة، لذلك لا ينبغي أن ينحصر المفهوم السائد للعبادة عند الناس بمعنى ضيق.

أنواع العبادة في الشريعة الإسلامية

تتألف العبادة في الشريعة الإسلامية من عدة أنواع يجب على المسلم معرفتها وأدائها لعبادة الله حق عبادته، وتتمثل في:

  • العبادة القلبية

العبادة القلبية هي كل ما يجب على الإنسان أن يؤمن به ويصدقه من قلبه، مثل إيمان المسلم بوجود الله وأنه لا شريك له، والاعتماد الكامل على الله وتوكله، والاعتقاد الثابت بأن الله هو القادر الوحيد على فعل كل شيء في هذا الكون، ويجب أن يخاف الإنسان الله ويتقيه ويتطلع إلى رضاه.

  • العبادة اللفظية

تشير العبادة إلى ما ينطق به الإنسان من تعبد، مثل نطق الشهادة وقراءة القرآن وتسبيح الله والاستغفار والدعاء، وكذلك تقديم النصح والدعوة لله عز وجل والتحدث بالكلمات الحسنة، وهي من أفضل الأمور التي يتكلم بها المسلم.

  • العبادة البدنية

العبادة هي الأعمال التي يقوم بها العبد كالصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والتعامل مع الناس لإصلاح العلاقات والدفاع عن الحق والعمل، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للجسد أن يعبد الله من خلال كل ما يقدمه ويفعله في سبيل الله وبنية خالصة لابتغاء وجه الله الكريم.

  • العبادة المادية

تشمل العبادة المالية إنفاق المال في سبيل الله عز وجل، وهي واحدة من أنواع العبادة، وتشمل توجيه المال لليتامى والفقراء ودفع الزكاة والتصدق واستضافة الضيوف ودفع المال في سبيل الجهاد والعديد من الجهود التي ترضي الله عز وجل.

  • العبادة المركبة

يُقصد بالعبادة المركبة القدوم على أكثر من عبادة معًا، مثل الحج الذي يشمل العبادة البدنية والمالية واللفظية، فيقوم العبد بأداء العديد من العبادات خلال الحج.

خصائص العبادة

تتسم العبادة في الدين الإسلامي بعدة خصائص تميزها، وتتمثل في:

  • العبادة مبنية على اليسر

الإسلام يستند إلى الوراثة والفهم واليسر. يهتم الإسلام بأن العبادات تكون مناسبة للإنسان وقدرته على أدائها بسهولة. فالله يأمر الإنسان بما يستطيع ويسهل عليه كل الأوامر. يقول الله في القرآن الكريم في سورة النساء: “يريد الله أن يوضح لكم سنن الأمم السابقة ويهديكم، ويتوب عليكم، والله عليم حكيم. والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد للذين يتبعون الشهوات أن تميلوا بشدة. يريد الله أن يخفف عنكم، وإن الإنسان خلق ضعيفا.

  • لا وسيط بين العبد وربه

في الدين الإسلامي الحنيف، لا يوجد وسيط بين العبد وربه، بل يكرم الله العبد ويجعله قادرا على التواصل معه عن طريق الدعاء والصلاة والأعمال الصالحة. فجميع العبادات تصل إلى الله، وهو الذي يعرف النوايا ويجازي على الأفعال، وهو أقرب للعباد من الوريد، وكما قال الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة البقرة: “إذا سألك عبادي عني فإني قريب ۖ أجيب دعوة الداع إذا دعان ۖ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدو.

يجب أن تكون العبادة خالصة لله عز وجل، فهي أساس خلق الإنسان، حيث خلق الله الإنسان ليعبده ويتقيه بحب وإخلاص، ويقول الله في سورة البينة في القرآن الكريم: “وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين.

  • العبادة توقيفية

شرح الله تعالى معنى العبادة وأوضح واجبات العبد وحقوقه وطقوسه وحذر من الشرك الأصغر والأكبر، لذلك لا يجوز الاختلاف في العبادات ولا يجب أن يكون في قلب العبد أي نية للمظاهرة أو الانحراف أو الاعتزاز. كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: `فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا`.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى