تعتبر مدينة إسطنبول، التي كانت عاصمة للدولة العثمانية، واحدة من المدن السياحية المهمة بسبب تاريخها الثقافي الغني وارتباطها الوثيق بملوك الدولة العثمانية، وخاصة السلطان محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية حوالي عام 1422م وبذلك انتهى عصر الدولة البيزنطية تماما وبدأ عصر الدولة العثمانية الحديثة في تركيا. كانت القسطنطينية في السابق عاصمة للدولة البيزنطية، وأسسها الإمبراطور قسطنطين الأول. ومنذ تأسيسها أصبحت عاصمة للإمبراطورية الرومانية، ثم البيزنطية، وظلت طوال فترات طويلة واحدة من أهم وأغنى المدن في أوروبا والعالم المسيحي .
السلطان محمد الفاتح وتأسيس القصور العثمانية
اختار السلطان محمد الفاتح القسطنطينية عاصمة للدولة العثمانية، وسماها إسلامبول، وتم تغيير اسمها في عام 1930 إلى إسطنبول بعد سقوط الدولة العثمانية وتأسيس الجمهورية التركية بقيادة كمال أتاتورك.
منذ فتح القسطنطينية، كان السلطان محمد الفاتح مهتما ببناء المدينة. بدأ في إنشاء قصور فاخرة ومدارس وحمامات ومستشفيات عثمانية. وحث أيضا أثرياء المدينة على الاهتمام بتصميم منازلهم ومتاجرهم لتبرز المدينة في أبهى حللها. أول قصر بناه السلطان كان القصر القديم، ثم أمر ببناء قصر طوب كابي وبعد الانتهاء منه، انتقل السلطان إليه وأصبح قصرا رسميا للسلاطين لفترة طويلة. أما قصر الدموع، فأصبح قصرا للحريم اللاتي تم استبعادهن من قصر طوب كاب .
القصر القديم
يُعرف القصر القديم، أو ما يُطلق عليه اسم “قصر الدموع”، باعتباره أول قصور الدولة العثمانية التي بُنِيت، حيث قام السلطان العثماني محمد الفاتح ببنائه في عام 1454 م، وعاش فيه لفترةٍ قبل أن يقوم ببناء قصر “طوب كابي” وينتقل إليه مع عائلته، ويترك القصر القديم وراءه .
سبب تسميته باسم قصر الدموع
كان للنساء أو الحرائم دور هام خلال فترة الدولة العثمانية، حيث كن يحثن الملوك والسلاطين ويدبرن المؤامرات ويعقدن التحالفات مع الوزراء والقادة داخل القصر. وبناء على ذلك، عندما يتوفى السلطان، يتم استبعاد والدته وزوجته وأخته من قصر طوب كابي لتحل محلهن سلطانة، زوجة السلطان الجديد. أما السلطانات السابقات، فيبقين في القصر القديم ولا يسمح لهن بالزواج مرة أخرى، ولذلك يطلق عليه قصر الدمو .
كما كان قصر الدموع قرًا لإقامة حفلات الزواج ، وقد شهد عدد من زيجات لبنات السلاطين والتي اتسمت بالبزخ والفخامة ، وظل القصر القديم أو قصر الدموع مقرًا لتلك الحفلات حتى القرن السابع عشر ، عندما اندلع به حريق ضخم بالقرب من القصر وقد وصل الحريق للقصر وقضى على جزء كبير منه ، فانتقل جميع من في القصر إلى قصر طوب كابي .
رواية قصر الدموع
كما ارتبط اسم القصر برواية مشهورة للكاتبة التركية أليف كروتييه، وهي قصة رومانسية تدور أحداثها حول جارية عاشت في قصر الدموع، وتروى القصة عن شاب لاهي في الخامسة والثلاثين من عمره وقد كان لا يهتم بأحد وارتكب جميع الرذائل، حتى تغيرت حياته ذات يوم عندما شاهد لوحة في أحد المتاجر لسيدة من الشرق، فقام بشراء اللوحة بمبلغ كبير بعد أن وقع في حب السيدة الموجودة في اللوحة، وقرر أن يبحث عنها .
سافر الشاب إلى عدة دول شرقية للبحث عن الفنان الذي رسم اللوحة عسى أن يعرف منه مكان السيدة، ولكنه عندما وصل إلى الفنان، توفي قبل أن يخبره بمكان السيدة أو هويتها، وعندما عاد إلى باريس، التقى بالمهندس فيردناند ديليسبس، صاحب فكرة حفر قناة السويس، ودعاه لحضور حفل افتتاح القناة .
في حفل الافتتاح، يلتقي بالإمبراطورة أوجيني، زوجة إمبراطور فرنسا، التي تزور الحرم العثماني وتبحث عن سيدة تجيد اللغة الفرنسية في الحرم، ولكنها لا تجد أي أحد، ولكنها تعلم بوجود جارية حبيسة في قصر الدموع تجيد اللغة الفرنسية .
تعلمت تلك الجارية اللغة من السلطانة السابقة دو ريفير والتي كانت شقيقة للأمبراطورة جوزفين، زوجة نابليون. ولكن تم أسرها وإرسالها إلى الحرملك العثماني، ولكن السلطان أعجب بها وتزوجها وأصبحت سلطانة. وحصلت تلك الجارية على هدية من السلطانة دو ريفير، فاهتمت بها وعلمتها اللغة الفرنسية، وطلبت من الرسام أن يرسم لها اللوحة التي أسرت لب بطل الرواية. ولكن بعد وفاة السلطانة دو ريفير، عرفت السلطانة الأم أن الجارية أصبحت تجيد القراءة والكتابة، فحبستها في قصر الدموع .
وعندما تطلب الإمبراطورة جوزفين شخص يعرف الفرنسية يتم إخراج الجارية من قصر الدموع لتترجم للإمبراطورة فيراها الشاب أخيرًا ويعرف أنها هي نفسها السيدة في اللوحة التي أسرته ، فيتخفى ويغير اسمه ويطلب يدها من السلطان ويتزوجها ، وفي البداية يواجهان حظًا سيئًا بعد أن يدمر البرد محصول أرضهما وتؤثر الحرب عليهما ، ولكنه يتجه لصنع البارود فتعود إليه الثروة ويعيشان معًا حياة سعيدة وينجبان سبعة أطفال .