قصة عمر بن الخطاب مع المسيحيين
وضع الإسلام القواعد المنظمة لمعاملة أهل الذمة أو أهل الكتب السماوية الأخرى، وتم تنظيم تلك القواعد بشكل يحدد العلاقات بينهم وبين المسلمين ويحدد الحقوق والواجبات على الجانبين، وهذه القواعد هي التي اتبعها الخلفاء الراشدين وغيرهم من حكام المسلمين الأوائل، وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي تعامل مع الذميين وفقا لتلك القواعد والمواثيق التي تمت بينهم وبين النبي وبينهم وبينه.
شروط أو قواعد التعامل مع أهل الذمة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أذى ذميا فقد أذاني”، وأوصى النبي بأهل الذمة.
لا يجوز للمسلم إيذاء الذمي في ماله، ولا يحق له سرقة ممتلكاته أو الظلم عليه في العمل أو العرض أو فيما يتعلق بأولاده أو نفسه، ولا يجوز له ضربه لأي سبب، وهذا ينطبق أيضًا على أصحاب المعاهدات.
يمكن للمسلم أن يشارك في معاملات تجارية مع الذمي سواء كان بيعا أو شراءا أو شراكة أو اقتراضا وإقراضا. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشتري من الكفار واليهود، حتى أن درعه كان مرهونا عند أحد اليهود عندما توفي النبي.
ينبغي علىالمسلم الذمي عدم بدء التحية، ولكن يجب الرد عليها إذا تم تحية المسلم الذمي، وذلك استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام”، وكذلك قال: “إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم.
يجب على المسلم أن يحسن التعامل مع جيرانه المنتمين لأهل الذمة، وقد كان الرسول يوصي بشدة بحسن المعاملة مع الجيران، دون تمييز بين جار مسلم أو غير مسلم، حتى قال: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
إذا كان الذمي فقيرًا فيجوز أن يتصدق المسلم عليه من ماله وإذا كان جارًا فهو أولى بهذه الصدقة مصداقًا لقوله عز وجل ” لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” ( الممتحنة/ آية 8).
تجوز صلة الرحم مع أهل الذمة، ولم يمنع النبي ذلك، حيث أذن لأسماء بنت أبي بكر بزيارة أمها المشركة عندما جاءت في صلح الحديبية وسمح لها بصلتها.
يجوز خروج الزكاة لأهل الذمة، انطلاقا من قول الله عز وجل: `إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم` (التوبة، آية 60).
يتم الدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن لا يعلم ما هو ثواب دخول إنسان إلى الإسلام عن طريقك، فعليك أن تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: `من دعا إلى الهدى، كان له مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى الضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا`
مواقف من معاملات عمر مع المسيحيين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسعى دائما إلى مرضاة الله في كل ما يفعله، سواء كان عاديا كمسلم أو كأمير للمؤمنين، وكان يولي اهتماما خاصا بمعاملة أهل الذمة، وخاصة المسيحيين، وتعرض للعديد من المواقف التي تتعلق بهم
موقف عمر مع المرأة المسيحية
تقوم عمر بن الخطاب كالمعتاد بالتجول في الشوارع للتعرف على أخبار الناس وأحوالهم، فلمحته امرأة وتعرفت عليه، فقالت له: يا أمير المؤمنين، لدي طلب وأنا من المخضعين لحكمك، وقد ولاك الله علينا.
فسأل عمر: ما هو مطلبك؟ فأجابت بأنها اقترضت مبلغًا من المال لتجهيز ابنتها للزواج، ولكنها لا تستطيع سداد الدين.
سألها عمر عن المبلغ، فأجابت بـ100 درهم.
كان عمر وهو يحادث المرأة قد رأى الصليب المعلق في رقبتها فعرف أنها مسيحية فطمئنها بأن مطلبها سوف ينفذ، وسألها لما لم تدخلي الإسلام مثل البقية؟، فقالت إنها سيدة عجوز وفي آخر أيامها فقال لها عمر لكي حريتك فيما تعتقدين.
تركها عمر وجد في السير وكان يستغفر بصوت عالي حتى أن على بن ابي طالب سمعه فسأله، لما الاستغفار يا أمير المؤمنين فأخبره عمر عن المرأة العجوز وحاجتها وأنه قضاها لها ولكنه شعر بأنه أخطأ حينما دعاها للإسلام في هذا الوقت، فسأله علي ولما الإحساس بالخطأ فأنت لم تكن تجبرها على الدخول في الإسلام.
صرح عمر قائلاً: “أخشى أن تظني أنني أستغل حاجتك وأكرهك على الإسلام”، فردت عليه قائلةً: “إن الأعمال بالنيات”، وظلَّ عمر يُردِّد: “اللهم، إني أرشدت ولم أكره، اللهم إني أرشدت ولم أكره، ومع ذلك في النفس وما فعلت شيئًا، فغفر الله لي.
قصة عمر مع القبطي
استنجد أحد أقباط مصر بعمر بن الخطاب من محمد بن عمرو بن العاص الذي ضربه بالسوط لأنه فاز عليه في إحدى سباقات الخيل، وأطلق محمد على نفسه لقب “ابن الأكرمين”. فجاء عمر بن الخطاب مع عمرو وولده وأعطى الدرة للقبطي وأمره بضرب محمد، ففعل حتى تعب وشفق الحاضرون على محمد من شدة وكثرة الضرب. قال عمر: “اضربوه على صلعة عمرو بن العاص”. لم يفعل الرجل ذلك، فحق محمد بذلك وقال عمر في ذلك اليوم: “منذ متى استعبدتم الناس وهم يولدون أحرارا؟.
قصة عمر بن الخطاب مع أهل إيليا
إحدى أشهر قصص عمر بن الخطاب في تعامله مع المسيحيين هي قصة عمر مع أهل إيليا أو بيت المقدس، حيث قدم خطابا لهم عرف بالعهدة العمرية والتي حددت حقوق وواجبات كل طرف وحفظت حقوق أهل المدينة، وأمنتهم على أموالهم وأنفسهم وأهلهم ودينهم وحرية اعتقادهم وأداء شعائرهم وحفظت لهم كنائسهم.