الدروس والحكمة من قصة بقرة بني اسرائيل
يذكر بفضل قراءة سورة البقرة الكثير والكثير؛ إذ تعد هذه السورة الأولى في المصحف بعد الفاتحة، وتحتوي على العديد من القصص، ومن بينها قصة بقرة بني إسرائيل التي أطلق عليها اسم هذه السورة الطويلة في القرآن الكريم.
قصة بقرة بني اسرائيل
– كان هناك رجلًا من بني إسرائيل وكان شيخاً كبيرًا وكان كثير المال، وكان له ابناء أخ يتمنون موته حتى يورثوه، فقام أحدهم بقتل عمه عن عمد وقام بطرحه في مجمع الطرق وقيل على بابِ رجل منهم، فلما أصبح الناس فوجدوه فاختصموا فيه وجاء ابن أخيه فظل يصرخ ويتظلم فقالوا: ما لكم تختصمون ولا تأتون نبي الله؟
ذهب ابن أخيه لرسول الله موسى عليه السلام، وشكا له عن عمه، فقال له موسى عليه السلام: `فأنشد الله رجلا عنده علم من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به`، ولم يكن أحد منهم يعرف ذلك الشخص، ثم طلبوا منه أن يستفسر من ربه عز وجل في هذه القضية.
في هذه القضية، سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل ، وأمره الله تعالى بأن يأمرهم بذبح بقرة، وقال لهم: `إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً` ، فقالوا: `أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا`
– فقالوا له: كيف يمكننا سؤالك عن هذا القتيل وأنت تأمرنا بذبح بقرة، وقلت: أعوذ بالله أن أقول شيئًا غير ما أوحيت به
– ولو أنهم ذهبوا إلى أي بقرة وذَبحوها لحصلوا منها على ما أرادوا ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم بعد أن سألوا عن صفتها ثم بعدها سألوا عن لونها ثم عن سنها فأُجابهم الله بما عز وجوده فيهم، فقد أمرهم بذَبح بقَرة عوان وهي الوسطُ بين الفارض والمقصود بها البقرة الكبيرة والبكر والمقصود بها البقرة الصغيرة.
– ثم ضيقوا على أنفسهم فسألوا عن لونها فأُمرهم الله بأن تكون صفراء فاقع لونها أي تعطي على اللون الأحمر حتى تسر الناظرين، وهذا اللون يصعب وجوده، ثم شددوا على أنفُسهم وقالوا: “قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَاهِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ”
– ثم رد عليهم موسى عليه السلام بِما قاله الله سبحانه وتعالى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ}.
– والصفات المطلوبة في هذه البقرة أصعب مما سبق حيثُ أُمروا بذَبح بقرة ليست بالذَلولِ وهي الـمذَللةُ بالحراثة وسقي الأرض بالساقية، والمُسلمة وهي البقرة التي تكون صحيحة ولا يوجد عيب فيها، ولا يوجد فيها لون يخالف لونها ولا تكون مخالطة سائر الألوان غيرِ لونها، فبعد أن حددها الله بهذه الصفات “قالوا ألآنَ جِئْتَ بالحقِّ”
– ظل يبحثوا عن بقرة بهذه الصفات ولم يجدوها إلا عند رجل كان باراً بأمه فطَلبوها منه ولكنه رفض، فأغوه في ثَمنها وعرضوا عليه أن يأخذ وزنها ذهبًا فرفض ولم يقبل إلا بعد أن يأخذ وزنها ذهب عشر مرات فوافقوا فباعها لهم، فأخذوها إلى موسى عليه السلام فأمرهم بذَبحها فذبحوها برغم أنهم كانوا مترددين {فذبَحوها وما كادوا يَفعلون}
ثم أمر موسى عليه السلام الأشخاص بأخذ بعض لحم هذه البقرة التي ذبحوها واستخدامها لضرب القتيل، فمنهم من استخدم لحم فخذ البقرة، وقال البعض الآخر استخدم العظم الموجود بعد الغضروف.
عندما ضربوا القتيل ببعض أجزاء هذه البقرة، كما أمرهم نبي الله موسى، أحيا الله القتيل من جديد، وسأل موسى عليه السلام عم الشاب الذي قُتِلَ: من قَتَلَكَ؟ فأجاب الشاب: قَتَلَنِي ابنُ أَخِي، فأشار موسى لهم على الجاني، ثم عاد القتيل ميتًا كما كان.
الدروس المستفادة من قصة بقرة بني اسرائيل
يجب على الإنسان تجنب الكلام الزائد في أمور لا تفيده ولا تنفعه
– اظهرت العجرفة والكبر و سوء الأخلاق عند بني إسرائيل فلو أن بني اسرائيل ذبحوا أي بقرة دون أن يسألوا على مواصفاتها لكان أيسر لهم
تعكس القصة جوانب ضعف الإيمان لدى بني إسرائيل، ولذلك حذرنا الله تعالى من أن عدم اتباع الأوامر يمكن أن يؤدي بالإنسان إلى الابتعاد الكامل عن الإيمان
الحكمة من قصة بقرة بني اسرائيل
يجب على الإنسان التأكد من أن الله تعالى سيجلي الحق ولو بعد حين، وأن الباطل مهما طال فإنه سينتهي في النهاية.
شجعت على عدم التشديد في الأمور وعلى استثناء بعض الحالات
إذا لم يذكروا عبارة (إن شاء الله)، ربما لم يتم تنفيذ هذا الأمر
– الندب إلى الأخذ بالمتيسر