قصائد عمر بن أبي ربيعة الغزل الإباحي
من هو عمر بن ابي ربيعة
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة هو حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وكان يلقب بأبي الخطاب، ولد في اليوم الذي توفي فيه عمر بن الخطاب.
كان أبو عمر ثريا، وقد استخدمه الرسول عليه الصلاة والسلام في حكمه كولاية اليمن. كانت لأسرة عمر بن أبي ربيعة مكانة مرموقة في المجتمع الجاهلي وبعد ذلك في الإسلام والفترة الأموية. كانوا يتمتعون بمكانة مادية وروحية كبيرة، وكان لديهم مقدار جيد من المال.
شعر عمر بن ابي ربيعة.. الغزل الاباحي
كان الشعراء في السابق يعبرون عن أنفسهم ويصورون مشاعرهم ورغباتهم، ويتحدثون عن أحبابهم بطريقة الغاية المشتهية التي ترغب في شفاء جسدية، بدون الاهتمام بعقل المرأة أو أفكارها أو أخلاقها. إنهم يغوصون في خيالهم لتحقيق رغباتهم وتصورهم لجسدها، ويجعلونها هدفا ومثالا يتطلعون للوصول إليه. وفي ذلك العصر، كان الشعراء يتعلقون بأكثر من امرأة، وكان الحب الذي يكنونه للمرأة حبا يتميز بالهوى وليس طويل الأمد.
يركز الغزل الإسلامي على صورة المرأة في لباسها ونمط حياتها وتنقلاتها، ويصور عواطف الشعراء وما يدور في نفس المرأة دون الإشارة إلى جسدها، بعد الغزل الإباحي.
طبيعة شعر عمر بن ابي ربيعة
يعد عمر بن أبي ربيعة الشاعر الوحيد الذي لم يتبع أي من أغراض الشعرية، حيث لم يمدح ولم يفتخر ولم يذم ولم يرثي، وأسس شعره على الحب والمرأة كمحور له، إذ لم يصف جسدها فحسب كما كان يفعل الغزل في عصر الأمويين، ولكن لأنه رأى فيها روحًا خافقة للفؤاد مليئة بالحياة
واحدة من أهم ميزات شعر عمر بن أبي ربيعة في الغزل الصريح هو أنه وصف المرأة العربية بدقة، وصف ما يدور في نفسها من خلجات وأفكار وترهات، وفصل تفاصيل وصفه بدقة.
قصائد عمر بن ابي ربيعة في الغزل الاباحي
قصيدة ليت هندا انجزتنا ما تعد
تحكي هذه القصيدة قصة عمر بن أبي ربيعة مع هند
لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد
وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد
زَعَموها سَأَلَت جاراتِها وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد
أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد
فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد
حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد
غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد
وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد
طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد
سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد
وَلَقَد أَذكُرُ إِذ قُلتَ لَها وَدُموعي فَوقَ خَدّي تَطَّرِد
قُلتُ مَن أَنتِ فَقالَت أَنا مَن شَفَّهُ الوَجدُ وَأَبلاهُ الكَمَد
نَحنُ أَهلُ الخَيفِ مِن أَهلِ مِنىً ما لِمَقتولٍ قَتَلناهُ قَوَد
قُلتُ أَهلاً أَنتُمُ بُغيَتُنا فَتَسَمَّينَ فَقالَت أَنا هِند
إِنَّما خُبِّلَ قَلبي فَاِجتَوىى صَعدَةً في سابِرِيٍّ تَطَّرِد
إِنَّما أَهلُكِ جيرانٌ لَنا إِنَّما نَحنُ وَهُم شَيءٌ أَحَد
حَدَّثوني أَنَّها لي نَفَثَت عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَد
كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد
قصيدة يا من لقلب متيم كلف
يا مَن لِقَلبٍ مُتَيَّمٍ كَلِفٍ
يَهذي بِخَودٍ مَريضَةِ النَظَرِ تَمشي الهُوَينا إِذا مَشَت فُضُلاً
وَهيَ كَمِثلِ العُسلوجِ في الشَجَرِ ما إِن طَمِعنا بِها وَلا طَمِعَت
حَتّى اِلتَقَينا لَيلاً عَلى قَدَرِ ما زالَ طَرفي يَحارُ إِذ نَظَرَت
حَتّى رَأَيتُ النُقصانَ في بَصَري أَبصَرتُها لَيلَةً وَنِسوَتِها
يَمشينَ بَينَ المَقامِ وَالحَجَرِ بيضاً حِساناً خَرائِداً قُطُفاً
يَمشينَ هَوناً كَمِشيَةِ البَقَرِ قَد فُزنَ بِالحُسنِ وَالجَمالِ مَعاً
وَفُزنَ رِسلاً بِالدَلِّ وَالخَفَرِ يُنصِتنَ يَوماً لَها إِذا نَطَقَت
كَيما يُفَضِّلنَها عَلى البَشَرِ قالَت لِتِربٍ لَها تُحَدِّثُها
لَتُفسِدِنَّ الطَوافَ في عُمَرِ قومي تَصَدَّي لَهُ لِيُبصِرَنا
ثُمَّ اِغمُزيهِ يا أُختُ في خَفَرِ قالَت لَها قَد غَمَزتُهُ فَأَبى
ثُمَّ اِسبَطَرَّت تَسعى عَلى أَثَري مَن يُسقَ بَعدَ المَنامِ ريقَتَها
يُسقَ بِمِسكٍ وَبارِدٍ خَصِرِ حَوراءُ مَمكورَةٌ مُحَبَّبَةٌ
عَسراءُ لِلشَكلِ عِندَ مُجتَمَرِ
قصيدة قد صبا القلب صبا غير دني
قَد صَبا القَلبُ صِباً غَيرَ دَني وَقَضى الأَوطارَ مِن أُمِّ عَلي
وَقَضى الأَوطارَ مِنها بَعدَما كادَتِ الأَوطارُ أَن لا تَنقَضي
وَدَعاهُ الحَينُ مِنهُ لِلَّتي تَقطَعُ الغُلّاتِ بِالدَلِّ البَهي
فَاِرعَوى عَنها بِصَبرٍ بَعدَما كانَ عَنها زَمَناً لا يَرعَوي
كُلَّما قُلتُ تَناسى ذِكرَها راجَعَ القَلبُ الَّذي كانَ نَسي
فَلَها وَاِرتاحَ لِلخَودِ الَّتي تَيَّمَت قَلبي بِذي طَعمٍ شَهي
بارِدِ الطَعمِ شَتيتٍ نَبتُهُ كَالأَقاحي ناعِمِ النَبتِ ثَري
واضِحٍ عَذبٍ إِذا ما اِبتَسَمَت لاحَ لَوحَ البَرقِ في وَسطِ الحَبي
طَيِّبِ الريقِ إِذا ما ذُقتُهُ قُلتُ ثَلجٌ شيبَ بِالمِسكِ الذَكي
وَبِطَرفٍ خِلتُهُ حينَ بَدَت طَرفَ أُمِّ الخِشفِ في عَرفٍ نَدي
وَبِفَرعٍ قَد تَدَلّى فاحِمٍ كَتَدَلّي قِنوِ نَخلِ المُجتَني
وَبِوَجهٍ حَسَنٍ صَورَتُهُ واضِحِ السُنَّةِ ذي ثَغرٍ نَقي
وَبِجيدٍ أَغيَدٍ زَيَّنَهُ خالِصُ الدُرِّ وَياقوتٌ بَهي
وَلَها في القَلبِ مِنّي لَوعَةٌ كُلَّ حينٍ هِيَ في القَلبِ تَجي
مَن يَكُن أَمسى خَلِيّاً مِن هَوىً فَفُؤادي لَيسَ مِنها بِخَلي
أَو يَكُن أَمسى تَقِيّاً قَلبُهُ فَلَعَمري إِنَّ قَلبي لَغَوي
قصائد عمر بن ابي ربيعة في الغزل
نذكر بعض من شعر عمر بن أبي ربيعة، ونذكر شواهد أخرى من شعره
قصيدة أحن إذا رأيت جمال سعدى
أَحِنُّ إِذا رَأَيتُ جَمالَ سُعدى
وَأَبكي إِن رَأَيتُ لَها قَرينا
وَقَد أَفِدَ الرَحيلُ فَقُل لِسُعدى
لَعَمرُكِ خَبِّري ما تَأمُرينا
أَلا يا لَيلُ إِنَّ شِفاءَ نَفسي
نَوالُكِ إِن بَخِلتِ فَزَوِّدينا
قصيدة ألم تسأل الأطلال والمتربعا
أَلَم تَسأَلِ الأَطلالَ وَالمُتَرَبَّعا
بِبَطنِ حُلَيّاتٍ دَوارِسَ بَلقَعا
إِلى الشَريِ مِن وادي المُغَمَّسِ بُدِّلَت
مَعالِمُهُ وَبلاً وَنَكباءَ زَعزَعا
فَيَبخَلنَ أَو يُخبِرنَ بِالعِلمِ بَعدَما
نَكَأنَ فُؤاداً كانَ قِدماً مُفَجَّعا
بِهِندٍ وَأَترابٍ لِهِندٍ إِذِ الهَوى
جَميعٌ وَإِذ لَم نَخشَ أَن يَتَصَدَّعا
وَإِذ نَحنُ مِثلُ الماءِ كانَ مِزاجُهُ
كَما صَفَّقَ الساقي الرَحيقَ المُشَعشَعا
وَإِذ لا نُطيعُ العاذِلينَ وَلا نَرى
لِواشٍ لَدَينا يَطلُبُ الصَرمَ مَطمَعا
تُنوعِتنَ حَتّى عاوَدَ القَلبَ سُقمُهُ
وَحَتّى تَذَكَّرتُ الحَديثَ المُوَدَّعا
فَقُلتُ لِمُطريهِنَّ وَيحَكَ إِنَّما
ضَرَرتَ فَهَل تَسطيعُ نَفعاً فَتَنفَعا
وَأَشرَيتَ فَاِستَشرى وَإِن كانَ قَد صَحا
فُؤادٌ بِأَمثالِ المَها كانَ موزَعا
وَهَيَّجتَ قَلباً كانَ قَد وَدَّعَ الصِبا
وَأَشياعَهُ فَاِشفَع عَسى أَن تُشَفَّعا
لَئِن كانَ ما حَدَّثتَ حَقّاً فَما أَرى
كَمِثلِ الأُلى أَطرَيتَ في الناسِ أَربَعا
فَقالَ تَعالَ اِنظُر فَقُلتُ وَكَيفَ بي
أَخافُ مَقاماً أَن يَشيعَ فَيَشنُعا
فَقالَ اِكتَفِل ثُمَّ اِلتَثِم وَأتِ باغِياً
فَسَلِّم وَلا تُكثِر بِأَن تَتَوَرَّعا
فَإِنّي سَأُخفي العَينَ عَنكَ فَلا تُرى
مَخافَةَ أَن يَفشو الحَديثُ فَيُسمَعا
فَأَقبَلتُ أَهوى مِثلَما قالَ صاحِبي
لِمَوعِدِهِ أَزجي قَعوداً مُوَقَّعا
فَلَمّا تَواقَفنا وَسَلَّمتُ أَشرَقَت
وُجوهٌ زَهاها الحُسنُ أَن تَتَقَنَّعا
تَبالَهنَ بِالعِرفانِ لَمّا رَأَينَني
وَقُلنَ اِمرُؤٌ باغٍ أَكَلَّ وَأَوضَعا
وَقَرَّبنَ أَسبابَ الهَوى لِمُتَيَّمٍ
يَقيسُ ذِراعاً كُلَّما قِسنَ إِصبَعا
فَلَمّا تَنازَعنا الأَحاديثَ قُلنَ لي
أَخِفتَ عَلَينا أَن نُغَرَّ وَنُخدَعا
فَبِالأَمسِ أَرسَلنا بِذَلِكَ خالِداً
إِلَيكَ وَبَيَّنّا لَهُ الشَأنَ أَجمَعا
فَما جِئتَنا إِلّا عَلى وَفقِ مَوعِدٍ
عَلى مَلَإٍ مِنّا خَرَجنا لَهُ مَعا
رَأَينا خَلاءً مِن عُيونٍ وَمَجلِساً
دَميثَ الرُبى سَهلَ المَحَلَّةِ مُمرِعا
وَقُلنا كَريمٌ نالَ وَصلَ كَرائِمٍ
فَحَقَّ لَهُ في اليَومِ أَن يَتَمَتَّعا