الاساليب الفنيّة في شعر عمر بن أبي ربيعة

عمر بن أبي ربيعة

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، الملقب بأبي الخطاب، هو شاعر قريش وفاتحها، واحد من أهم شعراء الدولة الأموية، وزعيم المذهب الفاحش في الغزل، وشاعر فذ يشهد له الجميع بالبراعة والقدرة، مما جعل العرب يشهدون لقريش في الشعر، وكان عمر بن أبي ربيعة هو المثال الذي يحتذى به من قبل الشعراء الذين جاءوا بعده، حيث تصدر شعراء الغزل منذ ذلك الوقت حتى الوقت الحالي.

شعر عمر بن أبي ربيعة

شعر عمر بن أبي ربيعة اشتهر بالغزل، وكان يركز على موضوع المرأة، ويستخدم السرد القصصي والحوار ببراعة، مما يؤدي إلى تكوين وحدة عضوية في قصائده، وقد تغنى به كبار الشعراء في ذلك العصر.

الخصائص الفنية في شعر عمر بن أبي ربيعة

المضمون

• الأفكار والمعاني

يستخدم الشعر أسلوب الحوار والتبادل اللفظي كأحد الأساليب الفنية المتبعة، حيث يضفي هذا الأسلوب الفني القصصي على الشعر ويسلط الضوء على المشاعر والأحوال النفسية للأشخاص الذين يتحادثون، كما يعمل على تنويع الإيقاعات الداخلية وإضفاء روح جديدة على القصيدة.

عمر بن أبي ربيعة هو الشاعر الذي أدخل الحوار كأسلوب بارز في شعره، وعلى الرغم من أن هذا الأسلوب كان معروفًا من قبل الشعراء في الجاهلية والإسلام، إلا أنه كان جزءًا صغيرًا من قصائدهم.

عمر بن أبي ربيعة بنى قصائده ونظمها بترتيب منطقي ومتسلسل. تأخذ أشعاره شكل القصة أو الحكاية دون تقديم تقليدي في بداية الشعر. يبدأ قصائده مباشرة بالغزل، مع ترابط وتسلسل منطقي للأفكار والمعاني، ويصعب تمييز بيت عن الآخر. يتناول الشاعر موضوع القصيدة ويحكي الأحداث، مع وجود مقدمة ووسط وخاتمة وعقدة، وتتوفر فيها معظم شروط القصة القصيرة.

يمتاز عمر بن أبي ربيعة بأنه مبتكر في الأسلوب القصصي، حيث توسع فيه في أشعاره وقصائده، وعلى الرغم من أن بعض الشعراء قد استخدموا أسلوب الحوار من قبل، إلا أنه وسعه وطوره وأضاف لمساته الخاصة عليه، حيث تحققت في قصائده معظم مقومات القصة القصيرة.

• الدلالات النفسية

عمر بن أبي ربيعة اهتم في وصف تغير المعاني النفسية في شعره بتغير الحالات التي ترويها الأبيات، حيث تتناسب الكلمات مع الحالة النفسية. وتعد قصيدة `أمن آل نعم` واحدة من أشهر قصائد عمر بن أبي ربيعة، وتتميز بالخصائص الشعرية والأساليب الفنية التي تصور الحياة الاجتماعية في زمن الشاعر بأفضل تصور. يحكي الشاعر فيها إحدى مغامراته العاطفية بشكل قصصي جميل، حيث نجد كلمات تعبر عن الحب المائل لليأس، بالإضافة إلى الكلمات التي تدل على القلق والترحال بحثا عن المحبوبة. ثم يصف مغامرته ومشاعر الحذر واليقظة أثناء انتظاره لحلول الليل وانغماس الناس في النوم، وتتوافق الكلمات مع هذه الحالة الحذرة. ونجح أيضا في وصف قلقه وشوقه لرؤية المحبوبة وطرق الوصول إليها، ثم يصف مشاعر الفرح والسعادة عند اللقاء، وكيف أن هذه المشاعر تتحول إلى الخوف والقلق والخشية من الفضيحة عند استيقاظ الناس، وتتغير المشاعر والحالة النفسية عندما يجتاز الشاعر المنطقة وينجو من الناس كما نجت المحبوبة من الفضيحة.

تمكن عمر بن أبي ربيعة من تصوير تغير المشاعر والأحاسيس بشكل جميل، حيث نجح في التعبير عن الشوق واللهفة والصعوبات التي واجهها في سعيه للوصول إلى حبيبته. وعمر بن أبي ربيعة كان معجبا بنفسه بشكل كبير، مما دفعه لتصوير نفسه كمعشوق وليس عاشقا، حيث يرغب فيه النساء ويسعون إلى الوصول إليه والاقتراب منه.

وعند النظر إلى مقتطفات من شعر عمر بن أبي ربيعة، يمكن ملاحظة اهتمامه بوصف المرأة بدقة، حيث يصف مشاعرها ونفسيتها وهمومها وانفعالاتها وميلها نحو الحب والرومانسية، ويصف جمالها وجاذبيتها ويسرد معرفته بحديثها وطرق تعبيرها.

• الدلالات الاجتماعية

تصوير الحياة الاجتماعية اللاهية التي كان يعيشها عمر بن أبي ربيعة، بالإضافة إلى تصوير العادات الاجتماعية المنتشرة في البيئة العربية في عصره.

كانت حياة عمر بن أبي ربيعة مبنية على متابعة ولقاء من يحب، وكانت عادات المجتمع العربي في ذلك الوقت تتضمن الغيرة على الحريم وظهور المرأة بمظهر الرفاهية والنعمة في حضن عائلتها وأقاربها.

يعتبر استخدام الخيام للراحة والتوقف أثناء السفر والتبكير في السير قبل طلوع الشمس والمناداة بالرحيل، بالإضافة إلى اصطحاب الأغنام في السفر من العادات العربية الأخرى الخاصة بالسفر والترحال التي صورها في شعره.

الشكل

• الألفاظ

يُتميز شعر عمر بن أبي ربيعة بالسلاسة والعذوبة والسهولة ووضوح المعاني وخلوه من الغموض والتعقيد.

مزج الشاعر بين استخدام الأسماء والأفعال، وقد تغلب الأفعال على بعض الأبيات بينما تغلب الأسماء على أبيات أخرى، وكان لكل من الأسماء والأفعال وظيفتها الخاصة، حيث عبرت الأسماء عن الاستمرارية والعادة بينما جاءت الأفعال مناسبة للسرد القصصي ووصف مغامرات الشاعر عمر بن أبي ربيعة.

نجح عمر بن أبي ربيعة في اختيار الألفاظ المناسبة لمعانيه عند الحديث عن معاناته وتنقله بحثا عن المحبوبة، مثل استخدام ألفاظ “غاد” و”مبكر” و”مهجر”، كما نجح في استخدام ألفاظ “أحاذر” و”رقيبا” عند الحديث عن معاني الحذر والحيطة قبل النوم، وألفاظ “بت قرير العين” و”تقاصر طوله” عند الحديث عن مشاعر السعادة عند لقاء المحبوبة، وألفاظ “ليس في وجهها دم” عند الحديث عن مشاعر الخوف والقلق عند استيقاظ القوم من النوم والخوف من الفضيحة، وكانت هذه الألفاظ ذات الدلالات المناسبة للحالة الشعورية للشاعر.

نجح الشاعر في اختيار الألفاظ التي تصور صورًا حية في ذهن المستمع، حيث يمكن أن يرى المشهد كأنه أمامه، وقد استخدم كلمات وتراكيب بسيطة لا تحتاج إلى توضيح، ولكن قصائده لا تفتقر إلى الجمال والبلاغة.

• التراكيب

نوع عمر بن أبي ربيعة في استخدام الجملة الاسمية والفعلية، حسب المعنى الذي يريد تأكيده، حيث أكثر من استخدام الجملة الاسمية عند الحديث عن طول أسفاره وترحاله للدلالة على الاستمرارية والملازمة، بينما استخدم الجمل الفعلية للدلالة على المبالغة وكذلك للوصف والسرد عند الحديث عن مغامراته.

يتمثل نوع الشاعر في الأسلوبين الإنشائي والخبري الذي يخدم موضوع القصيدة ويساعد في إبراز المعنى الذي يريده الشاعر.

تسهم التنوع في استخدام الأفعال والأسماء والأساليب الإنشائية في إثراء الشعر وتأكيد معانيه ووضوحها، وخاصةً عندما تكون متناسبة مع المعاني والحالات الشعورية المختلفة.

• الصور الفنية

يتميز شعر عمر بن أبي ربيعة بالغنى بالصور الفنية، والتي تتضمن التشبيه والاستعارة والكناية، وقد استخدم الشاعر أشكالا مختلفة من الصور الفنية، بما في ذلك التشبيه المتعدد والاستعارة المكنية والتصريحية، لنقل المعنى بوضوح إلى المستمع، وقد ساعدت هذه الصور الفنية على تحقيق هذا الهدف.

• الإيقاع الموسيقي

– قام عمر بن أبي ربيعة باستخدام أوزان سهلة خفيفة تناسب الأسلوب القصصي المستخدم في قصائده، وهذه الأوزان لا تتطلب مجهودًا كبيرًا في الغناء وتتناسب مع مختلف الألحان والإيقاعات لتحقيق السهولة والانسجام.