بحث عن الامام ابو حنيفة النعمان
أبو حنيفة النعمان هو أحد علماء المسلمين الفقهين، وهو صاحب المذهب الحنفي في فقه الإسلام، ويعتبر أول الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وكان معروفا بأخلاقه الحسنة وعلمه الغزير، ووصف بأنه من التابعين، حيث التقى بمجموعة من صحابة رسول الله، مثل أنس بن مالك، وكان يتصف بالوقار والورع، وكثرة العبادة، والإخلاص، وقوة الشخصية، وكان فقهه يعتمد على ستة مصادر هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعاد، والعرف.
نبذة عن مولد أبي حنيفة النعمان
ولد أبو حنيفة النعمان في العام الستة والتسعين ميلاديا في منطقة الكوفة، وهناك اختلافات عديدة تخص انتمائه العرقي، فمنهم من يقول إنه من أصل فارسي، والآخر يقول إنه من أصل نبطي بابلي، وقد ألف الأستاذ ناجي معروف كتابا يثبت فيه عروبة أبي حنيفة، كما أثبتت الدراسات أنه من أصل عربي، وقد أبطل فيه كل ما قيل عنه بأنه من أصل غير عربي، حيث هاجر أبوه من اليمن وسكن في العراق عندما انهار سد مأرب.
علم أبي حنيفة النعمان
تعلم أبو حنيفة النعمان في دوائر العلم، والتي تم تصنيفها في ذلك العصر إلى ثلاثة أنواع، وهي: دوائر لدراسة أصول العقائد، وكان يشارك في هذه الدوائر أتباع الفرق المختلفة، ودوائر لدراسة الأحاديث النبوية ورواياتها، ودوائر لاستنباط الفقه من الكتاب والسنة.
يوجد الكثير من الروايات التي تؤكد
طلب أبو حنيفة دراسة الفقه بعد أن درس الجدل والعقائد وأصول الدين، وتعلم مع الفرق. حيث قام بتعلم الثقافة الإسلامية التي كانت سائدة في عصره، فحفظ القرآن على قراءة عاصم وعرف الكثير من الأحاديث والأدب والشعر والنحو .
ناقش أبو حنيفة الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد والمتعلقة بها، وكان يسافر إلى البصرة لهذه المناقشة، ويقيم هناك لفترة تصل أحيانا إلى سنة من أجل الجدل. وبعد انتهاء مرحلة الجدال، يتوجه إلى كبار العلماء لتعلم الفقه، وكان قد لزم واحدا منهم واستفاد من علمه. وكانت الكوفة في ذلك الوقت تميز بأنها موطن فقهاء العراق، أما البصرة فكانت موطن الفرق المختلفة. وكان أبو حنيفة متأثرا بتلك البيئة الفكرية، لذا قال: (كنت في مدينة العلم والفقه، فأجالست أهله ولزمت فقيها من فقهائهم).
شيوخ أبي حنيفة النعمان
تعلم الإمام أبو حنيفة من جمع كبير من الشيوخ، حيث ذكر الإمام أبو حفص أنه تعلم عن حوالي أربعة آلاف شيخ، منهم الليث بن سعد ومالك بن أنس، وعند أبي حنيفة رواية عن العديد من الشيوخ، من بينهم الشيخ عطاء بن أبي رباح والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وجبلة بن سحيم والشعبي وعدي بن ثابت وعمرو بن دينار وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وعلقمة بن مرثد وعبد الملك بن عمير وسماك بن حرب وهشام بن عروة.
في الماضي، كان الإمام أبو حنيفة يتناقش مع أتباع العقائد والأديان المختلفة، ويجادل مع أتباع الضلال والملحدة. بفضل هذه المناقشات، أصبح ماهرا في هذا المجال، وأصبح مشهورا باسم البنان. وفي تلك الفترة، كان عمره لا يتجاوز العشرين عاما. بعد ذلك، اتجه إلى دراسة الفقه، حيث تلمذ تحت إشراف العالم الفقيه حماد بن أبي سليمان، رحمه الله. استفاد من معرفته الوافرة وأصبح واحدا من تلاميذه المباشرين، وقال حماد عن أبي حنيفة: (لا يجلس في صدر الحلقة بجانبي أحد غير أبي حنيفة).
كما اطلع الإمام أبو حنيفة النعمان على جميع العلوم الإسلامية والعلوم الأخرى المهمّة، وبعد ذلك استقرَّ على علم الفقه بعد أن عرف مكانته في الدين وفضله وأهميّته في الأولى والآخرة، وقد اطلع على أصول العلوم جميعها قبل أن يتوجّه إلى علم الفقه، حيث درس العقيدة، وعلوم القرآن والقراءات، والنحو والحديث، واللغة، وغير ذلك، فلم يجد في جميع تلك العلوم أشرف ولا أرفع ولا أفضل مآلاً من علم الفقه؛ حتّى إنّه كلّما قلَّب في علم الفقه وجدَه يسمو ويرتفع حتى استقرَّ عليه.
التلاميذ تتلمذ على يدَي الإمام أبي حنيفة النعمان
تلاميذ الإمام أبي حنيفة النعمان كانوا المشاركين في وضع الأسس الأولية للمذهب الحنفي تحت إشرافه. وظهرت بعدهم مجموعة من العلماء الذين تألقوا في المجال العلمي فيما بعد. لم يذكر عن الإمام أبي حنيفة أنه قام بكتابة كتاب شامل في الفقه يظهر فيه اجتهاداته الشخصية أو آراءه الفقهية والفتاوى الخاصة به. ولكن الإمام كان ينقل كل هذا المعرفة لتلاميذه خلال الدروس العلمية التي يقدمها لهم. ثم يراجع ما كتبوه ليقيمها ويحذف ما يتعارض مع مذهبه أو يحتوي على أخطاء أو لبس، وربما يغير بعضا مما كتبه التلاميذ بعد الاطلاع عليه. وهذا ما جعل مذهبه ثابتا ومستمرا ومزدهرا على يد تلاميذه الذين تفوقوا في توثيق الفقه الحنفي ونشره بين الناس. ومن أبرز تلاميذ الإمام أبي حنيفة، الشيخ أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، ومن كتبه الشهيرة كتاب الآثار، وأيضا كتابه اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى. وقد برع من تلاميذ أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني، وله دور كبير في ترسيخ وتوثيق أسس المذهب الحنفي، على الرغم من أنه لم يتلق تعليمه على يد أبي حنيفة إلا لفترة قصيرة، وبعد ذلك تعلم على أيدي أبي يوسف والأوزاعي ومالك وغيرهم من كبار الفقهاء .
وفاة أبي حنيفة النعمان
توفي الإمام أبو حنيفة النعمان في شهر رجب من عام مئة وخمسين للهجرة، ويقال إنه توفي في عام مئة وإحدى وخمسين، وقيل إنه توفي في سنة مائة ومائة وثلاث وخمسون، ولكن الرأي الأول هو الأصح في ذلك. كان يبلغ من العمر سبعين سنة، وروي في حالته قبل وفاته أنه مكث أربعين سنة يصلي الفجر بوضوء العشاء، وقيل إنه كان شديد التعلق بكتاب الله تعالى وأنه قرأ القرآن في الموضع الذي مات فيه سبعة آلاف مرة. كان يصلي الليل ويقرأ القرآن في كل ليلة، وصلي عليه في مدينة بغداد عدة مرات، قيل إنها بلغت ستا بسبب شدة الزحام في جنازته، ودفن هناك.