أركان التعويض عن الضرر
يتم تعريف الدعوى القضائية كوسيلة للمطالبة بحماية الحقوق والمراكز القانونية المتضررة أو المتعرضة للاعتداء، وعلى الرغم من وجود استثناءات وانتقادات في هذا التعريف، فإنه يندرج ضمن مجال الفقه الواسع، ويتمثل التعويض كأحد الوسائل لحماية الحقوق، حيث يطالب المتضرر بجبر الضرر الذي لحق به جراء الاعتداء على حقوقه.
هناك ثلاثة أركان رئيسية في دعوى التعويض وهي ركن الضرر وركن الخطأ وركن العلاقة السببية الرابطة بينهما، و القاعدة الفقهية التي تم الاستقرار عليها هي أن كل الأخطاء التي تسببت في أضرار للآخرين، يجب أن يقدم الشخص الذي تسبب فيها التعويض.
اركان التعويض عن الضرر
الركن الأول الخطأ
– وعندما نتحدث عن الركن الأول للتعويض وهو الخطأ، يجب أن يكون هناك خطأ قد حدث، أو تعدي من قبل الشخص المدعى عليه، ويجب أن يكون هذا التعدي غير مشروع، أي أنه يكون تصرفا يخالف السلوك المعتاد للإنسان في تلك الحالة ويتجاوز حدود القانون، ويكون الخطأ متمثلا في عقد ينتهك شروط العقد ويتضمن المسؤولية العقدية.
يحدث الخطأ في مسلك الأفراد الطبيعية بشكل يتم تحميلهم المسؤولية عن القصور، ويتم التعدي على الآخرين سواء بقصد أو بدون قصد، وفي جميع الحالات يكون المتقاعد قد قام بالفعل بالتقصير، ولا يوجد فرق كبير بين هذه الحالات إلا فيما يتعلق بالمسائل الجزائية.
بالنسبة لخطأ في اتخاذ القرارات المتعلقة بالجهات الإدارية، يكون هذا الخطأ في إصدار القرارات غير المشروعة، وهذا يعني أن الجهة الإدارية تصدر قرارا ينقصه صحته من حيث الشكل والاختصاص والسبب والمكان والهدف. يتم إلغاء هذا القرار عندما يتدخل القضاء، وبالتالي يصبح القرار غير مشروعا. تتحمل الجهة الإدارية مسؤولية القرارات غير المشروعة التي تتخذها. هناك شكل آخر للخطأ وهو الخطأ المفترض بموجب النص القانوني، مثل مسؤولية الشخص الذي يتبع أعماله ومسؤولية حارس الحيوان.
الركن الثاني الضرر
لا يعد حدوث خطأ كافيًا لوجوب التعويض، فهناك شرطين يجب توفرهما لوجود التعويض، وهما وقوع الضرر الذي يصيب المدعي جراء ذلك الخطأ، والضرر هو ثاني جزء من أركان التعويض، ويوجد نوعان من الضرر وهما الضرر المعنوي والضرر المادي.
الضرر المادي هو الضرر الذي يلحق بالأشياء المادية المحسوسة التي لها كيان واضح ومستقل، ويمكن تحديد قيمتها بالمال. يجب على المدعي إثبات وجود هذا الضرر وتحديد قيمته بالإضافة إلى قيمة التعويض المالي الذي يطالب به كتعويض عنه. يشمل الضرر المادي الخسارة التي لحقت بالمدعي والمكاسب التي فاتته، ويجب عليه إثبات ذلك من خلال المستندات والأدلة حتى يمكن للمحكمة تقييم الأمر.
أما الشكل الآخر من الضرر هو الضرر المعنوي، وهو الضرر الذي يؤثر على الإنسان في وجدانه وشعوره ويؤثر على سمعته بين الناس، ويسبب له الكمد والألم. يعد الضرر المعنوي نتيجة للنظام القانوني الحديث، حيث لم تكن القوانين التجارية تعوض عن الضرر المعنوي في السابق، وكانت تقتصر على التعويض عن الضرر المادي فقط. فالضرر المعنوي هو الضرر الذي يكون متوقعا، ولا يمكن للمدعي إثباته من خلال الوثائق والأدلة، حيث يتعلق بالمشاعر ولا يتعلق بالكيانات المادية المستقلة. ومع ذلك، يمكن إثبات دلائل خارجية وعلامات من البيئة المحيطة.
أقسام الضرر المستوجبة للتعويض
– الضرر الواقع: هذا الضرر الواقع بالفعل ولا يوجد مشكلة مثارة حول كيفية وقوعه، كإصابة الشخص نتيجة حادث السيارة.
– ضرر مؤكد الوقوع: يشير هذا إلى الضرر الذي لم يحدث بعد ولكن من المتوقع وقوعه، حيث يمكن أن يكون سبب الضرر قد تحقق بالفعل، ولكن يمكن أن تتأخر آثاره أو جزء منها في المستقبل، مثل إصابة عامل بعاهة مستديمة.
– الضرر الاحتمالي: هو الأذى الذي لم يحدث بعد، ولكن من المتوقع حدوثه في المستقبل.
الركن الثالث العلاقة السببية بين الخطأ والضرر
يتساءل الكثيرون عن التعويضات وما إذا كان يتم تعويض كل الأخطاء التي يرتكبها المدعى عليه وجميع الأضرار التي تلحق بالمدعي، ولكن الإجابة بالطبع هي لا، حيث لا يتم التعويض إلا عن الأضرار المباشرة الناجمة عن الأفعال الخاطئة، وهذا ما يعرف بالعلاقة السببية بين الضرر والخطأ، وهذا هو الركن الثالث من أركان التعويض، حيث تعد العلاقة السببية هي الرابط الذي يربط الضرر بالخطأ، ويكون الضرر نتيجة حتمية للخطأ، وإذا تم فقد الاتصال بينهما، فلا يمكن تعويضه بالكامل لعدم استكمال جميع أركانه.