كيف عذب الله قوم عاد
الله سبحانه وتعالى أرسل سيدنا هود عليه السلام إلى قوم عاد ليدعوهم إلى عبادة الله تعالى والابتعاد عن عبادة الأصنام التي كانوا يتخذونها آلهة لهم، ولكنهم رفضوا حتى الاستماع إليه وأصروا على شركهم وكفرهم بالله تعالى، فعذبهم الله عز وجل عذابا شديدا.
قوم عاد
قوم عاد كانوا من العرب العاربة، وكانوا أقوى الأمم وأعظمها في زمانهم، ولكن ذلك دفعهم للتجبر والطغيان وعبادة الأصنام. وقد نسبوا أنفسهم إلى عاد، وهو أول من عبد الأصنام بعد دعوة نوح عليه السلام. أرسل الله إليهم أخاهم هودا يدعوهم ويحذرهم مما يفعلون، وهم يسكنون مدينة تسمى إرم. وقد وصف الله تعالى مدينتهم إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وكيف فعل ربك بعاد.
و قوم عاد كانوا على درجة عالية من الرقي في البناء والعمران، وكانت بيوتهم ومساكنهم في غاية الجمال و الروعة والإبداع ، و أراضيهم كانت جنان خضراء ترعى فيها المواشي وكانت كل يوم تزيد، فكانت تفيض الأموال ويكثر الأبناء، فقال تعالى: (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)، فعاشوا حياة من الترف والانشغال بالدنيا، وانهم كانوا يرفعون بنيانهم ويتباهون به دون الحاجة إليه، وذلك من أجل التفاخر والتطاول، وأكثروا من بناء البروج شديدة العلو بغرض تخليد اسمهم في العالمين.
رغم كل النعم التي منحها الله لهم، لم يتوقفوا عن الاستكبار والإشراك بالله عز وجل، حيث عبدوا الأصنام. انتشر فيهم الظلم والاضطهاد. فأرسل الله إليهم النبي هود عليه السلام، ليدعوهم لعبادة الله وحده وللتخلي عن عبادة الأصنام، وليذكرهم بنعم الله وإحسانه إليهم، وأن يستغفروا ويتوبوا عن أفعالهم. ولكنهم كذبوه وسخروا منه .
نبيّ الله هود
هود بن عبد الله بن رباح بن الجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وقد بعثه الله عز وجل إلى قوم عاد ليدعوهم إلى توحيد الله سبحانه وتعالى بعد أن حادوا عن التوحيد
دعوة هود لقومه عاد
عبد قوم عاد الأوثان الذين اعادوها إلى الأرض بعد ان طهرها الله عز وجل من المشركين بعد تم إهلاك قوم نوحٍ عليه السلام، فرجعوا إلى أصنامهم، ويتوسلون إليها، ويطلبون رضاها، كما كانوا يقصدونها في حاجاتهم، فبعث الله عز وجل فيهم نبيّه هود، فقد كان أحسنهم أخلاق، وأفضلهم موضعاً وأوسطهم نسباً، ، فدعاهم إلى توحيد الله سبحانه، وان يتركوا ما أشركوا معه من أوثان، وان يوضح لهم سوء عملهم وعاقبته لو اصروا عليه ، ولكن قابلوا نبيهم بالتكذيب والافتراء، فنبيّهم جادلهم فأحسن الحديث معهم.
فقال الله عز وجل على لسان هود: (واذكُروا إذ جعلكُم خُلفاءَ من بعدِ قومِ نوحٍ وزادكم في الخلقِ بصطةً فاذكروا ءالاءَ اللهِ لعلَّكم تُفلحونَ)، ولكن من شدة كفرهم سخروا منه، كما انهم زعموا أن به سفاهة، فقال الله تعالى: (قالَ الملأُ الذينَ كفروا مِن قومهِ إنَّا لنراكَ في سفاهةٍ وإنَّا لنَظُنَّكَ مِنَ الكاذبينَ).
ولكن هود عليه السلام- قد قابل استهزاء قومه واتهامهم له بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان يجادلهم بالعقل والمنطق، فقال: (قال يا قومِ ليسَ بي سفاهةٌ ولكنِّي رسولٌ مِنْ ربِّ العالمينَ*أُبَلِّغُكُم رسالاتِ ربي وأناْ لكُم ناصِحٌ أمينٌ)، فقال الله تعالى: (وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ).
عذاب قوم عاد
عندما قام قوم عاد بكذب رسولهم واستهزاء به، ورفضوا الإذعان لدعوة الله تعالى والانقياد له، كما أخبرنا سبحانه في القرآن الكريم: `وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد`.
فإذا، شاء الله أن ينزل عليهم العذاب، وكما أخبر القرآن أن عذابهم كان بالريح التي أرسلها الله عز وجل عليهم، وذلك بأن الله تعالى أمسك المطر عنهم فتركهم لفترة من الزمن حتى أجدبت أرضهم وأصبحوا ينتظرون المطر ويترقبونه، فعندما ساق الله إليهم سحابة فأخذت بالاقتراب منهم، فعندما رأوها ظنوا أن المطر قد أقبل، ففرحوا واستبشروا بذلك حتى إنهم قالوا: (هذا عارض ممطرنا)، ولكن هذه السحابة لم تكن مطرا كما ظنوا وإنما عذابا من عند الله، فقال تعالى (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية*فهل ترى لهم من باقية).
ووصفها الله تعالى قائلاً: ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا)، ووصفها أيضاً بقوله: (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم)، فكانت نتائج ذلك العذاب شديدة وخيمة على قوم عاد، لأنها أهلكت كل شيء، وانها كانت تحمل الرجل منهم عاليا ثم تنكِّسه على رأسه فينقطع عن جسده، حتى أصبحوا كما وصفهم الله تعالى: (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)، فتم ابادتهم وقتلوا جميعا، ولم يبقَ منهم أحد، وأصبحت مساكنهم الذين يتفاخرون بها خاوية، فقال تعالى: (فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ).