اسلامياتالتاريخ الاسلامي

الدروس المستفادة من وثيقة المدينة المنورة

ما هي وثيقة المدينة المنورة

وثيقة المدينة هي وثيقة كتابية أو صحيفة أنشأها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم باعتباره ممثلا للمسلمين في المدينة. تحتوي هذه الوثيقة على مبادئ دستورية هامة تساهم في تأسيس حياة مدنية كاملة. وتعتمد هذه المبادئ على بنود تحقق حقوقا متساوية لجميع سكان المدينة دون تمييز بينهم. فحقوق السكان تشمل الجميع بغض النظر عن اختلافاتهم في العرق أو الدين. وهذه الوثيقة كانت تنظم الحياة بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة في الماضي، وكان يطلق عليها الكتاب أو الصحيفة. وفي الوقت الحالي، تسمى هذه الوثيقة بالدستور أو الوثيقة، وتحمل أهمية تاريخية ودستورية كبيرة.

ما الدروس المستفادة من وثيقة المدينة

وقَّع جميع سكان المدينة على وثيقة المدينة ووافقوا عليها كمرجعية ودستور للحكم، لأنها تتضمن العدل والمساواة. وتتجلى الدروس المستفادة من وثيقة المدينة في:

  • السعي في العيش بأمان وسلام.
  • حرية ممارسة العبادات وحرية الاعتقاد.
  • يجب تعلم مبدأ التكافل الاجتماعي بين فرد المجتمع.
  • وجوب الدفاع المشترك عن المدينة.
  • يعد جميع المواطنين شركاء في نظام سياسي واحد.
  • واحد من أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من وثيقة المدينة المنورة هو كيفية تحقيق التعايش العادل والبناء بين أفراد الوطن الواحد.

بنود وثيقة المدينة التي وصفها الرسول

وثيقة المدينة هي وثيقة دستورية تناقش قضايا المواطنية وتحدد حقوق وواجبات المواطنين، وتؤسس لتحالف عسكري يجمع الطوائف الحاضرة في المدينة لمحاربة الأعداء ومنع التعاون مع المشركين الذين يعتبرون أعداء للمسلمين، وتتضمن بنودا عديدة ومتنوعة وضعها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

  • يتجلى البند الأول في إقرار مبدأ الوحدة الوطنية بين المواطنين، فالأعراق المختلفة في المدينة هي جميعها جزء من شعب الدولة ورعاياها.
  • يمنع البند الثاني أهل المدينة من التعاون مع مشركي قريش في مكة، سواء كان الهدف هو حماية النفوس أو الاقتصاد العام.
  • يوضح البند الثالث أهمية دعم اليهود وحماية حقوقهم ضد من يعاديهم ويحاربهم.
  • يتجلى البند الرابع في نشر الوحدة الوطنية بين اليهود والمؤمنين، وتتمثل هذه الوحدة في إطار العدل، حيث تكون بعيدة عن الظلم والاعتداء.
  • يتم في البند الخامس تحديد مبدأ المساواة بين المسلمين واليهود، حيث يتجلى هذا المبدأ في الجانب الاقتصادي ودعم الدولة في حالة مواجهتها للأعداء. ويتعين علينا موالاة الدولة ونصرتها في الحرب.
  • يتم في البند السادس توزيع الأعباء الاقتصادية بالتساوي على الجميع سواء كانوا يهودًا أو مسلمين.
  • توضح البنود من السابعة حتى الخامسة عشر مبدأ المساواة بين المسلمين وتسع قبائل يهود، وتتجلى هذه المساواة في الحقوق والواجبات وتتضامن مع قبائل بني عوف.
  • يساهم البندان السادس عشر والسابع عشر في تحديد الأولويات التي وضعت بين أهل الصحيفة وأعدائهم، وقد تم التأكيد على أهمية التعاون وتقديم الرأي في المفهوم الدفاعي العسكري، وأن هذا المفهوم أساسي في الجانب الاجتماعي للمواطنة.
  • البند الثامن عشر هو الذي يوضح تأصيل مبدأ المسؤولية الشخصية، حيث أن كل فرد في المجتمع مسؤول عن تصرفاته وسلوكياته، وقد قال الله تعالى في سورة النجم `ولا تزر وازرة وزر أخرى`، وقال تعالى في سورة المدثر `كل نفس بما كسبت رهينة`.
  • البند التاسع عشر يوضح أصول التقاضي ويوضح مفاهيم وأحكام القضاء.
  • يتضمن البند العشرون تحديد مفهوم المواطنة من الجانب الجغرافي.
  • البند الحادي والعشرون يوضح المرجعية في حالات فض النزاعات، وهي القرآن الكريم وسنة رسولنا الكريم.
  • البند الثاني والعشرون يفرض قطع جميع العلاقات الدبلوماسية وخاصة العلاقات العسكرية مع قريش ومن يتحالف معها.
  • البند الثالث والعشرون هو بيان عام يشدد على ضرورة الدفاع عن المدينة. يوضح هذا البند أن النصر يحقق عندما ينتشر الحق والعدل، وليس في حالة وجود الظلم والإثم. فالمواطنة لا تمنح حقوق الامتياز ولا حقوق البراءة، ويرجع السبب إلى أن الإسلام يدعم الحق وليس الباطل.

وثيقة المدينة في حقوق الإنسان

تشير وثيقة المدينة إلى أن كل مواطن لديه واجبات وحقوق، وأن الحقوق التي تم ذكرها في الوثيقة أكثر بكثير من الواجبات. وبعض هذه الحقوق هي

  • يُعَدُّ حفظ النفس والمال حقين من حقوق الإنسان وهما من أهداف الشريعة الإسلامية. وقد وردت آيات وأحاديث في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تحث على الحفاظ على النفس والمال.
  • يتم تكريم كرامة الإنسان في الإسلام، بغض النظر عن ديانته أو عرقه.
  • تشمل الحرية الدينية في الإسلام حق تعدد الديانات، حيث قال الله تعالى: `لا إكراه في الدين`. وقد عمم الإسلام عدة أشكال من الحرية لغير المسلمين، مثل حرية النقد وحرية العمل والتنقل، بالإضافة إلى حرية الاعتراض.
  • يتعين إقامة العدل بين الناس وفقا لحق الشرع، بغض النظر عن دينهم أو أصلهم، حيث أمر الله تعالى بإقامة العدل بين الناس في سورة النساء قائلا: `إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما`، وفي سورة المائدة: `فإن جاؤوك فاحكم بينهم بالقسط، والله يحب المقسطين`، وإذا تعذر ذلك، فيمكن الانسحاب دون ضرر
  • يشمل حق المساواة في جميع الأمور باستثناء الأمور المتعلقة برئاسة الدولة وقيادة الجيش.
  • يتوجب على الدولة أن تحمي مواطنيها ويرعاهم من الأعتداءات في الأعراض وتحميهم من السب والشتم، ويعتبر هذا حق الرعاية الذي يقع على عاتق الدولة. وفي الإسلام، يتمثل من واجبات الدولة حفظ مواطنيها ورعاياها وحمايتهم من الاعتداءات في الأعراض، ويتعين احترام خصوصياتهم، شريطة ألا تتعارض مع الأمور الدينية وأن لا يتم العبث بقواعد الإسلام ومقدساته.
  • حق التعلم والتعليم.
  • الضمان والتكافل الاجتماعي.

تاريخ كتابة الوثيقة

إن الدكتور أكرم ضياء العمري يقول: الاحتمال الأكثر ترجيحا هو أن الوثيقة في الأصل تتألف من وثيقتين، ثم قام المؤرخون بجمعهما معا. إحداهما تناقش لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود، والثانية توضح التزامات المسلمين المهاجرين والأنصار وحقوقهم وواجباتهم. ومن المحتمل أن وثيقة لقاء اليهود كانت مكتوبة قبل معركة بدر الكبرى، أما وثيقة المهاجرين والأنصار، فقد كتبت بعد بدر. فقد أفادت المصادر بأن لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود حدث في أولى زياراته إلى المدينة… وثيقة المهاجرين والأنصار كانت مكتوبة في السنة الثانية للهجرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى