امثولة الكهف عند افلاطون
أفلاطون كان فيلسوفا يونانيا قديما، ولد في مدينة أثينا في اليونان عام 427 قبل الميلاد، ويطلق عليه في الإنجليزية اسم (Plato)، وكان معلما لأرسطو وتلميذا عند الفيلسوف سقراط، وأسس أكاديمية خاصة بالفلسفة، وضع منهجا منطقيا وعقلانيا لبعض المفاهيم والعلاقات المتبادلة في علم الميتافيزيقا، وتضمنت أعماله مناقشات في الجماليات وعلم الكونيات والفلسفة، وكان له إنجازات في مجالات متعددة منها العلوم والرياضيات، وتوفي في مدينة أثينا عام 348 قبل الميلاد.
ولد أفلاطون في السنوات الأخيرة من العصر الذهبي وتوفي والده وهو صغير، وكانت طفولته مرت في ظل الحرب البيلوبونيسية، وتعلم أفلاطون الفلسفة والشعر والرياضة من معلمين أثينيين بارزين بمن فيهم الفيلسوف كراتيلوس، ومن ثم أصبح تلميذا لسقراط في شبابه، ونتيجة لذلك، أصبحت فلسفة سقراط أساسا لحواراته التي كشفت عن صورة واضحة لسقراط، خاصة مع عدم تركه لأعمال مكتوبة خلفه.
تلقى أفلاطون دراسته مع العديد من الفلاسفة وكان من ضمنهم أتباع العالم فيثاغورس، وقد قضى أفلاطون 12 عاما من حياته في جنوب إيطاليا ومصر وصقلية، وفي سن الأربعين رجع إلى أثينا وأسس مدرسته الفلسفية، حيث قدم العديد من المحاضرات للطلاب من جميع أنحاء اليونان، وكان من بين الطلاب أرسطو.
نظرية الكهف
تعد نظرية الكهف واحدة من نظريات أفلاطون التي تناقش الإدراك البشري وتؤكد أن المعرفة التي تحصل عليها الإنسان من خلال حواسه مجرد اعتقاد، وعليه يجب على الإنسان اللجوء إلى التفكير الفلسفي للوصول إلى المعرفة الحقيقية والحقيقة الكامنة.
يوضح أفلاطون في نظريته عن الكهف الفرق بين الأشخاص الذين يعتمدون على الحواس لاكتساب المعرفة والأشخاص الذين يرون الحقيقة بشكل حقيقي، ويشرحذلك بالتفصيل
- في البداية، يتخيل أفلاطون كهفًا يحتوي على ثلاثة سجناء مقيدين بطريقة لا تسمح لهم بالنظر إلى أي شيء سوى جدار من الحجر، في حين تكون أرجلهم وأيديهم ورؤوسهم مقيدة بالصخور.
- يعيش السجناء في الكهف منذ ولادتهم، ولم يروا العالم الخارجي أبدًا.
- وراء السجناء المقيدين يشتعل حريق، وبينهم ممر مرتفع والناس خارج الكهف يسيرون على طول ذلك الممر ويحملون أشياء على رؤوسهم
يحملون الأشياء والأمتعة، بالإضافة إلى نوع من الحيوانات والنباتات والأخشاب والحجر. - تدور فكرة الظلال حول عدم قدرة السجناء على رؤية أي شيء خلفهم أو بجوارهم، بل يمكنهم فقط النظر إلى الحائط الذي يقفون أمامه.
- عندما يمشي الناس في الممر، تظهر ظلالهم وظلال الأشياء التي يحملونها على الحائط.
فيعتقدون أنّ ظلال الأشياء كانت “حقيقية”.
اللعبة - يقترح أفلاطون أن السجناء سيبدؤون في “لعبة” تخمين أي ظل سيظهر بعد ذلك.
إذا تخمن أحد السجناء بشكل صحيح، سيشيد الآخرون به ويصفونه بأنه ذكي وسيد الطبيعة. - تدور فكرة الظلال حول عدم قدرة المساجين على رؤية أي شيء خلفهم أو بجانبهم، ويمكن لهم فقط النظر إلى الجدار الذي يقابلهم.
- عندما يمشي الناس في الممر، تظهر ظلالهم وظلال الأشياء التي يحملونها على الحائط، مما يجعلهم يعتقدون أن ظلال الأشياء حقيقية.
اللعبة
يقوم السجناء بتخمين أي ظل سيظهر بعد ذلك، وهذا هو جو اللعبة، وعندما يتمكن أحد السجناء من تخمين الإجابة بشكل صحيح، يتم تمجيد ذكائه ووصفه بأنه سيد الطبيعة.
الهروب
يقوم أحد السجناء بالهروب بعد ذلك بفك قيوده والخروج من الكهف، وخروجه من الكهف يفاجئ العالم الذي يكتشفه في الخارج، حيث لا يعتقد أنه حقيقي، ولكن حالما يتعود على العالم الجديد يدرك أن واقعه السابق كان خاطئا، ويبدأ في فهم العالم الجديد ويدرك أن الشمس هي مصدر الحياة فيه، ويخوض رحلة فكرية يكتشف من خلالها الجمال والمعنى، حيث تصبح حياته السابقة ولعبة تخمين الظلال بلا جدوى.
العودة
عندما يدرك السجين الوضع الحقيقي، يعود إلى الكهف لإخبار السجناء الآخرين بالحقائق التي وصل إليها، ولكن بطبيعة الأمر، لا يصدقهم الآخرون ويهددونه بالقتل إذا حاولوا تحريره.
المعنى وراء امثولة الكهف
ينبغي على الدارسين عدم فهم نظرية الكهف لأفلاطون بمعناها الظاهر فقط، بل ينبغي لهم فهم المعنى الأعمق الذي يراد من النظرية، واستخدامها في التفكير وتكوين رأي خاص.
- في نظرية أفلاطون، يمثل الكهف الأشخاص الذين يعتقدون أن المعرفة تأتي من كل ما يرى ويسمع في العالم، ويبين الكهف أن الأشخاص المؤمنين بالمعرفة التجريبية محبوسون في كهف من سوء الفهم.
- الظلال هي تلك الأفكار التي صورها الأشخاص في ذلك الكهف. ويوضح أفلاطون من خلال نظريته أن اعتقاد الإنسان بما يراه لا ينبغي أن يعتبر حقيقة، بل هو مجرد ظل للحقيقة.
- اللعبة ؛ تمثل الاعتقاد الشائع بين الناس بأنه يمكن لشخص واحد أن يصبح سيدا فقط بمعرفته للعالم التجريبي، ولكن من وجهة نظر أفلاطون، يعتقد أن هذا المعلم لا يعرف الحقيقة، وبالتالي، يعتبر من الأمور المضحكة أن يعجب الناس بشخص مثل هذا.
- الهروب ؛ وفي مشهد الهروب فمن الجدير بالذكر أنّ السجين الهارب يعطي مثالًا عن الفيلسوف الذي يسعى إلى المعرفة خارج الكهف وخارج الحواس، وتمثل الشمس أيضًا الحقيقة والمعرفة الفلسفية
تمثل رحلة الفلاسفة وراء الحقيقة والحكمة رحلته الفكرية خارج الكهف. - في مشهد العودة ظهرت ردة فعل السجناء الآخرين بسبب عودة الهارب، والحقيقة هي أن الناس يتجنبون معرفة الحقائق الفلسفية ولا يثقون بالفلاسفة.
أعمال أفلاطون
وضع أفلاطون الأسس الأولى للفلسفة الغربية والعلوم، إلى جانب اهتمامه بالتقدم الاجتماعي والفكري، واشتُهرت أعماله بالحوارات الفلسفية التي تناولت مواضيع فلسفية مختلفة، وصنفها العلماء والمؤرخون وفقًا لأطوار حياته، وفيما يلي سنوضح ذلك:
في المحاورات السقراطية المبكرة، تركز أفلاطون بشكل كبير على ما تعلمه من معلمه سقراط، والتي تشتمل على الدروس الفلسفية، ومن بين الحوارات الأكثر شهرة هي الدفاع عن سقراط.
في محاورات المرحلة المتوسطة، ناقش المفكر الفلسفي مفاهيم فلسفية مثل الروح والحكومة والحب، وأخذ في الاعتبار شخصية الفيلسوف سقراط، ومن أشهر هذه المحاورات هي الندوة والجمهورية.
محاورات المرحلة الأخيرة: تناقش هذه الأعمال الفلسفية لأفلاطون مفاهيمه الفلسفية، ويستخدم شخصية سقراط كدور ثانوي في أعماله، بما في ذلك بارمينيدس وثيتاتيوس.