الام والطفلتربية الابناء

معلومات عن نظرية التعلق

يعد التعلق النفسي، الذي يبدأ منذ مرحلة الطفولة، من أهم العوامل التي تؤثر بشكل كبير في حياة الفرد في المستقبل، ويساهم في بلوغه سن الرشد. كما تعد فترة الصغر مرحلة حاسمة في تشكيل شخصية الفرد وقدرته على التغلب على المشاكل التي تواجهه. وتتعارض هذه الفكرة مع نظرية الفكر المنهجي السلوكي التي تركز على الحاضر ومدى تأثير الأفراد المحيطين بالطفل في صغره وتأثيره عليه .

جدول المحتويات

 العلاج النفسي الدينامي و نظرية التعلق

تلعب المشاعر العاطفية التي تربط الأشخاص ببعضهم البعض دورا كبيرا في ظروف الزمان والمكان، ويعرف ذلك بمصطلح التعلق. ومثال على ذلك هو تعلق الأطفال بوالديهم. وقد أدرك العديد من أطباء النفسية أهمية التعلق، وعلى رأسهم الطبيب الإنجليزي جون بولبي، الذي درس وجود الأطفال مع أمهاتهم وتأثير الانفصال عنهم، وقد أسس ذلك عددا من مبادئ نظرية التعلق .

عندما بدأت الدراسة المتعمقة في هذا المجال، أصبح واضحا أن العلاقة بين الأم ورضيعها ليست مقتصرة على فترة الرضاعة فحسب، بل تشمل تقديم الرعاية وتوفير الأمان والاستقرار النفسي للطفل. تعتبر هذه العوامل من أهم العوامل التي تساهم في رفاهية الطفل. عندما يكون الطفل مرتبطا بمقدم الرعاية له، يتشكل لديه روابط عاطفية وينشأ عدد من المشاعر التي تجاههم، مما يجعله باحثا يدرس مقدم الرعاية .

يؤكد جون بولبي على ضرورة عدم تقييد علاقة الأبناء وربة الأسرة بتقديم وجبة الرضاعة فحسب، بل يجب أن تشمل هذه العلاقة جوانبها النفسية والاجتماعية الأخرى أيضًا .

تطور نظرية بولبي

تناولت العالمة الأمريكية ماري اينسورث المتخصصة في دراسة علم النفس نظرية بولبي بطريقة أكثر تعمقا وذلك لعدة سنوات بدأت من خمسينيات وصولا للستينيات من القرن السابق ، وقامت بإضافة مجموعة من المبادئ الجديدة في نظرية التعلق ، وهناك عدد كبير من الدراسات الجديدة التي جاءت على نظرية التعلق وتم عليها عدد من المناقشات الكبيرة ولكن تم الخروج منها بعدد من الجوانب للعلاج النفسي الارتباطي ومناهج الديناميكا النفسية .

مبادئ نظرية التعلق

  • الاهتمام بالطفل أثناء سنوات حياته الأولى

يجب العناية بالطفل من الولادة وحتى سنة الثانية لأن هذه المرحلة هي واحدة من أهم المراحل العمرية حيث يكون التعلق ضعيفا جدا، وإذا تم كسر هذه الروابط، فسوف يعاني الطفل كثيرا، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل اجتماعية وعاطفية وإدراكية للطفل وفقا لنظرية بولبي .

  • شخصية الراعي الرئيسي للطفل

تؤثر بشكل كبير جدا على علاقته المستقبلية وتؤثر على تفكيره بناء على التجارب السابقة التي مر بها، وتؤثر ذلك على ردود أفعاله. ويعد ذلك من أهم العوامل الداخلية وعلاقته بالراعي السابق له وفقا لنظرية بولبي الطبية. ومن خلال ذلك، سيقوم الطفل بفهم عدد من العوامل المحيطة به ويستجيب لها ويتعامل مع الأشخاص المحيطين به. ويعد هذا العمل الداخلي مؤثرا بشكل كبير في العلاقة المستقبلية .

  • الطفل يحتاج الروابط العاطفية

يحتاج الطفل منذ ولادته وخروجه للحياة إلى الارتباط العاطفي باستمرار، ويتمثل ذلك بوضوح في مكان تقديم الرعاية للطفل، ويصدر من الطفل مجموعة من العلامات الإرشادية مثل البكاء والابتسامات العريضة تشير إلى من يرعاه .

أنواع التعلق

في الدراسة المتطورة التي قامت بها العالمة الأمريكية ماري انسورث، التي تناولت العديد من الجوانب المترتبة على الارتباط، تم تحديد نوع الارتباط ومدى رد فعل الطفل عند تركه من قبل والدته في الغرفة بمفرده .

  • تعلق امن

عندما تكون الأم حاضرة في الغرفة، فإن الطفل يشعر بالبهجة والسعادة ويتفاعل مع الأشياء المحيطة به، ولكن عند غياب الأم عنه لبضع دقائق، قد يشعر الطفل بالقلق ويبكي، لكن عند عودتها، يعود الطفل للعب مع من حوله في القرب منه .

  • تعلق مشوش

في هذه المرحلة، يتصرف الطفل بشكل مستقل عن والدته في تفاعلاته، ومثلا لا يبدي اهتماما بوالدته أثناء البكاء ولا يوجد رد فعل له. ويزداد العاطفة تجاهه عندما يحظى بالاهتمام من البداية. ولكن بعد نهاية السنة الأولى، يكتشف العالم المحيط به. ولكن وفقا لنظرية بولبي، عندما لا يهتم مقدم الرعاية بالطفل، يحدث انفصال عاطفي للطفل الصغير ويصعب عليه تطوير العلاقات .

أجريت العديد من الدراسات العلمية حول مجموعة من الأطفال، وأظهرت أن الطفل المضطرب يتعرض لمجموعة من الظواهر النفسية مثل الاكتئاب والقلق المستمر في سن الرشد، ويميل الطفل الذي يتعلق بشكل غير دائم إلى العنف والابتعاد عن الآخرين في تصرفاته .

قد اختلف عدد كبير من العلماء في نظرية التعلق النفسي التي قدمها الطبيب بولبي، حيث بنى نظريته بشكل أساسي على فكرة أن الرعاية تأتي من الأم، لكن من الممكن لأي شخص آخر تقديم الرعاية للطفل، ومن ثم قد ينتج عن ذلك علاقة تعلق مستقرة وآمنة بين الطفل والشخص الذي يقدم الرعاية .

  • تعلق تجنبي

يكون الطفل غير مهتم بوجود الأم في الغرفة أو عدمها .

  • تعلق مضطرب

يحدث ذلك عندما تغادر الأم الغرفة دون علم الطفل، فينتظر الصغير عودتها وعندما يعودون يبدأون في البكاء ولا يستطيعون اللعب مرة أخرى .

  • تعلق خبيث

ويسعى فيه الطفل للاقتراب لوالدته ليس بداف الشعور بالأمان والحنان ولكن لمحاولة رضاه فقط ، وتتوقع الأم مستقبل مميز للطفل قد يقوق القدرات الفكرية له ، ويعاني الصغير كثيرا في مستقبله التعليمي ، وسيول الدرجة العلمية له بصعوبة ولا يستفاد منها ويأتي ذلك من عقاب والدته له مما يترتب عنه العديد من العوامل النفسية على الطفل ويصبح الصغير كارها للأخرين ، ويؤثر بذلك لجميع الناس المحيطين له لذلك قام العلماء بتسميته بالعلاقة الخبيثة .

لقد استمرت المناقشات حول مسألة تأثير العلاقات الشخصية بين الأفراد لفترة طويلة، حيث يعتقد البعض أن العلاقات يمكن أن تتأثر بالجينات الوراثية، في حين يرى البعض الآخر أن الطبيعة الاجتماعية للفرد والتربية التي حصل عليها هي العوامل المؤثرة الرئيسية في هذه العلاقات، وهناك علماء قاموا بتوحيد الرأيين .

من خلال الدراسات القديمة، يؤكد العلماء أن مشاعر العطف هي ما يحتاجه الطفل منذ الصغر، وقد تكفيه عن الطعام والشراب. فعلاً، يحتاج الطفل إلى هذا، ولكن يجب تلبية احتياجاته الأساسية مع مشاعر الحب والعطف، وهذا هو النظر الذي توصل إليه جميع العلماء حاليًا .

التعلق بعد البلوغ

تم توسيع الدراسات العلمية لا تقتصر نظرية الارتباط النفسي على الأطفال والرضع فقط، بل في الثمانينات من القرن الماضي، تمت معالجة البالغين الذين تجاوزوا سن العشرين. ترى هذه النظرية أن الارتباط يستمر منذ الطفولة وحتى مرحلة البلوغ. وقد قدم العلماء العديد من الأمثلة لدعم ذلك، حيث يتحدث الشخص الذي كان لديه علاقة مستقرة في صغره عن هذا الأمر عندما يكبر، ويتأثر الشخص الذي كان لديه علاقة مضطربة عندما يصل إلى سن متقدمة. وسينتقل هذا الارتباط المستقر فعلا إلى جميع الأشخاص الذين يتفاعلون معه، وهذا يؤكد بشكل كبير أهمية مقدم الرعاية في نشأة الطفل لتحقيق استقراره .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى