تعتبر الصويرة مدينة مغربية رائعة، وقد تم تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو منذ سنوات. تتميز المدينة بأبراجها الحجرية والأسوار التاريخية والشواطئ الجميلة والمدينة القديمة. كما تتميز بالمنازل البيضاء البسيطة والساحات الجميلة والصناعات الحرفية. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر الصويرة بأطباق الأطعمة البحرية الشهية. في هذه المقالة، سنتعرف على مجموعة من أماكن الترفيه والمعالم السياحية الشهيرة في مدينة الصوير.
موقع و مناخ مدينة الصويرة
تقع مدينة الصويرة في الجهة الاقتصادية الغربية المغربية، في إقليم مراكش تانسيفت الحوز، على الساحل الأطلسي، على بعد 173 كم شمال مدينة أغادير، و 174 كم غرب مراكش، و 406 كم جنوب الدار البيضاء، وحصلت المدينة على شهرة سياحية كبيرة بسبب موقعها الجغرافي بين منطقتين سياحيتين هما مدينة أكادير ومدينة مراكش. ويتميز مناخ المدينة بحرارة في فصل الصيف واعتدال في فصل الشتاء، وتشتهر المدينة بتعرضها لرياح قوية، ولذلك يطلق عليها اسم “مدينة الرياح”. كما يمكن لعشاق ركوب الأمواج الاستمتاع برياضتهم على شواطئها.
اقتصاد مدينة الصويرة
تعتمد المدينة بشكل كبير على قطاع صيد الأسماك الذي يعتبر واحدا من أقدم القطاعات الاقتصادية فيها. ثروتها السمكية جذبت شركات صيد الأسماك من جميع أنحاء العالم وأتاحت فرص عمل للصيادين التقليديين في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تعد صناعة النقش على خشب العرعار واحدة من القطاعات الرئيسية في المدينة. وتعتبر السياحة أيضا واحدة من القطاعات الرئيسية في المدينة بسبب وجود العديد من المعالم السياحية والتاريخية والدينية التي تستقطب الزوار بشكل كبير، خاصة في فصل الصيف. تشهد المدينة أيضا مهرجان كناوة وموسيقى العالم اللذين يجذبان السياح من مختلف الأماكن، بالإضافة إلى الشواطئ البحرية الساحرة التي تجذب السياح لممارسة الأنشطة البحرية.
تاريخ مدينة الرياح و النورس
كانت الصويرة في السابق اسمها تاموزيكا حسب ما ذكر المؤرخ هيرودوت، ثم أصبح اسمها “موكادور”، و حسب بعض المؤرخين يعود أصل التسمية إلى الاسم الأمازيغي “امكدول”، ثم حرفه البرتغاليون إلى “موكادور”، ويعني المدينة صاحبة السور أو الحصن، بعد ذلك تم تسميتها الصويرة بمعنى اللوحة و الصورة المرسومة.
مرت على المدينة حضارات سحيقة مختلفة، بما في ذلك الحضارات الفينيقية والإغريقية والرومانية والإسلامية. تأسست مدينة الصويرة في الأساس خلال العهد العلوي، والذي يعود إلى عام 1760م، حيث قام السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله ببناء ميناء الصويرة لتعزيز التجارة مع أوروبا، وأصبحت المدينة نقطة تجمع للقوافل الإفريقية والتبادل التجاري. كان من أولويات السلطان العلوي تحصين المدينة، ولذلك استعان بالمهندس العسكري الخبير تيودور كورني لتصميم المدينة، ولذلك غلب عليها الطابع الأوروبي، خاصة في صقالة التي بنيت على أنقاض الحصن البرتغالي، وأحاط المدينة بالأسوار وجعل الشوارع على الطراز الأندلسي، ويمكن رؤية ذلك جليا في حصن باب مراكش وباب البحر والكنيسة البرتغالية والمساجد العتيقة في المدينة، بما في ذلك مسجد القصبة والمسجد الجامع ومسجد الشرادي.
تتكون مدينة الرياح والنوارس من مجموعة من المعالم التاريخية، ومن أبرزها القصبة والمدينة العتيقة التي تضم مجموعة من الأسواق المتخصصة. كما تضم المدينة الملاح الحي اليهودي الشهير، الذي يعتبر أحد المعالم التاريخية الهامة في المدينة، وقد تم بناؤه في القرن السادس عشر الميلادي على يد السلطان أحمد منصور الذهبي. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي المدينة على الأسوار العتيقة، وباب البحر، وصقالة الميناء، والمدينة، وحصن باب مراكش، ومسجد القصبة، وبعض الكنائس القديمة، بما في ذلك الكنيسة البرتغالية التي تم بناؤها من قبل أحد تجار أوروبا المرموقين في تلك الفترة. سنتطرق إلى هذه المعالم بشكل مفصل.
الأماكن السياحية في مدينة الصويرة
الشواطئ الرائعة
تتوفر مدينة الصويرة على مجموعة من الشواطئ الرائعة التي تعد النقطة المحورية للترفيه بالمدينة التي يتوافد عليها الكثير من السياح من كل مكان في العالم لممارسة الرياضات المائية المختلفة، خصوصا وأن الرياح في هذه الشواطىء مثالية لركوب الأمواج والتزلج على الماء والتجديف، على بعد بضعة كيلومترات جنوبًا ، باتجاه الطريق إلى مدينة أكادير ، يمكنك الاستمتاع بالجزر الصغيرة ، بالإضافة إلى شاطئ فريد من نوعه فهو شاطئ سيدي كاوكي، الذي يقع على بعد حوالي 25 كم من المدينة، كما يمكن ركوب الإبل على طول الشاطئ والاسترخاء والتمتع بمنظر المدينة العتيق و أسوارها التاريخية، والأبواب الخشبية المنقوشة بشكل جميل.
الأسوار التاريخية
واحدة من أجمل المعالم السياحة والتاريخية في الصويرة، تم بنائها سنة “1765” بهندسة عسكرية أوروبية تشبه الأسوار الموجودة في المدن المغربية الأخرى، وهذا لحماية المدينة من أي هجوم أجنبي، تمتاز هذه الأسوار باحتوائها على بعض الأبراج و خمسة أبواب منفتحة على الجهات الأربعة أهمها باب البحر، و تشهد إقبالا واسعا من قبل الزوار طيلة أيام السنة.
باب البحر وصقالة الميناء و المدينة
هو المدخل التاريخي للمدينة ويعرف أيضا باسم باب المرسى. تم بناؤه في عهد السلطان محمد بن عبد الله، ويتميز بتصميمه الفريد ونقوشه الجميلة التي تزين واجهته. يعود تاريخ إنشائه إلى عام ١١٨٤ هـ – ١٧٧٠ م، وبالقرب منه يوجد “صقالة الميناء” التي تتميز بموقعها الاستراتيجي المهم وتستخدم في الماضي لتخزين الأسلحة والذخيرة.
صقالة المدينة تعتبر مبنى بطول 200 متر، وتحيط به شرفات تحتوي على مدافع برونزية، بالإضافة إلى برجين في الجهتين الشرقية والغربية. تقع في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة الصويرة، وتتميز بتصميمها الهندسي الأوروبي. تتكون من ساحة مستطيلة الشكل تضم مخزنا للتجهيزات العسكرية، وبرجا للمراقبة يتصدره برج آخر.
حصن باب مراكش
يوجد حصن مراكش المنيع في جنوب غرب المدينة العتيقة بالصويرة، على طريق شارع للاعائشة الذي يربط ساحة الحسن الثاني بشاطئ الصويرة الرائع، ويتميز هذا الحصن بتصميمه وصلابته ويعتبر من أهم مزارات المدينة. كان وظيفته تخزين الأسلحة والمؤن التي تحمي الصويرة من هجمات أوروبا، وهو أحد الحصون الدفاعية الهامة في المدينة، وتم تشييده في عهد السلطان محمد بن عبد الله. بعد هجوم فرنسا على المدينة في عام 1844، تم ترميمه، وصنفته منظمة اليونسكو كمعلمة للتراث الثقافي الإنساني العالمي في عام 2001.
بُني المسجد من قبل السلطان محمد بن عبد الله، ويبلغ مساحته 900 متر مربع، ويقع في قلب القصبة القديمة، ويأخذ شكلًا بسيطًا مع وجود نافورة خاصة بالوضوء في وسطه، ويضم صومعة مربعة ومدرسة ومأوى للطلاب.
جزيرة موغادور الصويرة وقرية ديابات
موكادور هو الاسم القديم للصويرة القديمة، وتعرف أيضا بـ `أرخبيل الصويرة`. إنها جزيرة صغيرة مهيبة تقع قبالة الشاطئ، وتشهد تاريخا وحضارة هذه المدينة. تم العثور على مجموعة من الآثار التاريخية التي تعود للحضارة الفينيقية، وتم عرضها الآن في متحف الصويرة. تحتوي الجزيرة أيضا على قلعتين مع أبراج وأعشاش للطيور الجميلة، مثل طائر النورس الأليونور والسنونو وغيرها. بالإضافة إلى بعض أنواع الزواحف والأرانب البرية، تحتوي الجزيرة أيضا على بعض النباتات النادرة التي توجد فقط في المغرب. تضم الجزيرة سجنا قديما تم بناؤه أثناء حكم السلطان مولاي عبد العزيز، ومسجدا صغيرا مع مئذنة. تم تصنيف الجزيرة عام 1981 كتراث عالمي للبشرية من قبل اليونسكو.
أما قرية الديابات قرية مشرفة على البحر، تبعد عن الصويرة المدينة القديمة بنحو كيلومترين تقريبا، يتواجد بها مسجد يرجع إلى عهد السلطان محمد بن عبد الله. أسسها أحد التجار في عهد السلطان عبد الرحمان، و تعتبر وجهة ممتعة ومثالية لمحبي الاسترخاء، إذ تضم منتجع وملعب للجولف وسبا فاخر والعديد من أماكن الاستجمام.
مهرجان غناوة للموسيقى العالمية
يقام مهرجان غناوة للموسيقى العالمية في مدينة الصويرة كحدث سنوي يستمر لثلاثة أيام في شهر يونيو. يشارك فيه العديد من الموسيقيين العالميين والمحليين من مختلف الأنماط الموسيقية مثل الجاز والفلامنكو والريغي والتاكناويت. يتضمن المهرجان حفلات موسيقية وعروض متنوعة، بالإضافة إلى مجموعة من الندوات. يحظى المهرجان بشعبية كبيرة بين سكان المغرب والسياح على حد سواء.
و اصبحت الصويرة كذلك وجهة للثقافة وكل الفنون بدون استثناء وعامل جذب للكثير من مهنيي السينما بفضل جمالها وغناها الثقافي والتاريخي والسياحي والكثير من المؤهلات التي تساعد المخرجين السينمائيين من كل مكان في العالم على تصوير الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، منذ أزيد من ستين سنة.
كما تتوفر المدينة على مجموعة من الفنادق المميزة مثل أطلس الصويرة آند سبا، و سوفيتل الصويرة مغادور غولف اند سبا، و رياض ميمونة، وفندق المدينة الصويرة، فندق كوت اوشيان موكادور، و فندق فون ديز إيل. وتشتهر المدينة بسلسلة من المطاعم الفاخرة والشعبية كذلك التي تقدم وجبات شهية خاصة طاجين السمك.
تتمتع الصويرة بكل العوامل التي تجذب السياح إليها، إذ تعد مدينة جذابة بشكل لافت بفضل سحرها وجمالها الخلاب، فجدرانها العتيقة وجوها النقي وشاطئها الساحر يتركان ذكريات لا تنسى في نفوس الزوار.