أثر التقاعد على الرجال وكيفية التغلب عليه
عقب سنوات طويلة من العمل يكون الرجل قد اعتاد على نمط محدد لحياته ويومه حيث يستيقظ كل صباح يذهب إلى عمله في توقيت باكر يمارس ما هو مطلوب منه من مهام ومن ثم العودة إلى حياته الأسرية والشخصية بما يجعل الحياة خالية من الملل والروتين إلا أن يأتي معه وقت التقاعد ويقصد به بلوغ سن التوقف عن العمل.
كما يوجد من يتقاعد عن عمله في موعد سابق للموعد المحدد من قبل الدولة وهو ما يعرف بالتقاعد المبكر ولا شك أن ذلك التغير المفاجئ والكبير في حياة الرجل يترتب عليه توابع كثيرة تتعلق بحالته النفسية والاجتماعية والأسرية، ولكن هناك العديد من الطرق والوسائل التي يمكن من خلال اتباعها التغلب على تلك المشكلات التي قد تواجه الرجل في تلك المرحلة من حياته.
مرحلة تقاعد الرجال
من الأمور التي يبدأ الرجل في القيام بها عقب بلوغ سن التقاعد والتي لم يكن يقوم بها من قبل التدخل في كل كبيرة وصغيرة بشؤون المنزل واقتحام بعض الخصوصيات التي لم يكن يهتم بها في وقت سابق مع التعليق على المهام المنزلية التي تقوم بها زوجته وأبنائه مثل طريقة طهي الطعام والتحضير له، وما يتم ضياعه من وقت في أمور لا تمثل أهمية بالنسبة إليه ولكنها هامة لديها مثل المكالمات الهاتفية، بما يجعل من حوله يسأمون من انتقاده إليهم حيث تصبح مراقبته لهم والتعديل عليهم هي وظيفته الجديدة بما يخلق فيما بينه وبينهم من أجواء تملأها المشاحنات والتي قد تصل إلى الخلافات مع الجيران.
أثر التقاعد على الرجل
يتأثر الرجل بالملل والفراغ ويشعر أنه لم يعد له قيمة ولا يوجد من يحتاج إليه، ويتعرض للضغوط بسبب عدم قدرته على إنفاق الأموال على عائلته عندما ينفذ مدخراته التي اكتسبها خلال سنوات عمله، وفي هذه المرحلة يتلقى فقط راتبه الشهري الذي يكون أقل بكثير مما كان يعتاد عليه، مما يجعله يضطر إلى التخلي عن بعض المصروفات والرفاهيات الغير ضرورية له ولعائلته، وهذا يؤثر سلبا على حالته النفسية.
كذلك فإن الرجل في تلك المرحلة العمرية والوظيفة يكون قد بلغ المناصب الإدارية في العمل حيث غالباً ما يتقاعد الرجال وقد بلغت بهم الترقيات أن أصبح مديراً أو رئيساً على الموظفين مما يجعله متضايق لفقد أفعال الإدارة والسيطرة على التابعين له من الموظفين، فلا يفرغ تلك الطاقة سوى في الصمت والوحدة أو التدخل في حياة أسرته.
وقد أكدت الكثير من الدراسات على ما ينتج عن التقاعد من عواقب سلبية على الصحة النفسية، البدنية والعقلية، حيث أشارت الأبحاث إلى المعاناة النفسية وصعوبة التأقلم على نمط الحياة اليومية الجديد، ومع تقدم الوقت يبدأ في الإصابة ببعض الأمراض البدنية والمشكلات الصحية مثل اضطراب مستويات ضغط الدم أو السكر في الجسم.
أثر التقاعد على نفسية وصحة الرجل
تمت دراسة طريقة تأثير التقاعد على سلوك الأفراد والصحة بعد حالات الاكتئاب والأمراض الصحية، وأظهرت النتائج أن التقاعد الكامل طوال الوقت دون العمل الجديد، حتى إذا كان بدوام جزئي، يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض بنسبة تتراوح بين 5 إلى 15 في المائة للرجال المتقاعدين الذين يتمتعون بصحة جيدة، وإذا كان المرء يعاني من أمراض سابقة، فإن هذه النسبة تزداد أكثر.
تقل تلك الاحتمالات والآثار السلبية حينما يكون الرجل متزوج وله أبناء مما يحصل عليه حينها من دعم اجتماعي ونفسي خاصة إن ظل في ممارسة الأنشطة البدنية مثل الرياضة أو الالتحاق بالدوامات الجزئية، كما ورد أن التقاعد الغير طوعي الذي يرغم به الشخص على ذلك دون رغبة منه لأسباب راجعة إلى طبيعة عمله.
أسباب التقاعد المبكر
عادة يتم التقاعد في العمر الذي يتراوح ما بين خمسة وخمسين حتى خمسة وستين عاما، ولكن في بعض الأحيان يحدث أن يتقاعد الرجل في سن مبكرة عن ذلك لأسباب مختلفة، بعضها يعود إلى الرغبة الشخصية وبعضها يعود إلى أسباب عملية، وسنوضح ذلك بالتفصيل في الفقرة التالية
التقاعد المبكر لأسباب شخصية: قد يجد الرجل أنه غير قادر على استئناف العمل في نفس الشركة، خاصة إذا كانت العملية روتينية ومملة، ويرغب في العمل الخاص والمشاريع التجارية. كما قد يرغب الرجل في التقاعد للاهتمام بصحته والبحث عن العلاج المناسب لمشاكله الصحية.
التقاعد المبكر لأسباب راجعة إلى العمل: قد يرى بعض أصحاب العمل أحيانا أنهم لم يعدوا بحاجة إلى الموظفين الذين تقدموا بالعمر، وأنه من الأفضل توظيف الشباب لأنهم يمتلكون الطاقة والأفكار الجديدة التي يحتاجونها في العمل. كما أن الراتب في هذه المرحلة العمرية يكون عادة مرتفعا، في حين يمكن للموظفين الشباب تقديم خدماتهم بكفاءة أكبر ولكن براتب أقل.
الآثار الإيجابية للتقاعد
لا تعد الآثار المترتبة على التقاعد دوماً سلبية ولكنها أحياناً كثيرة ما تكون إيجابية وهو راجع للرجل نفسه وكيفية إدارته لأموره وشؤونه فهو إما يتمكن من الاستغلال الصحيح لتلك الفترة فيما به النفه له ولعائلته، أو أنه سوف يستسلم لواقعه ويترك نفسه لأن تصيبه الكآبة والأمراض، تلك الآثار الإيجابية هي:
- تتضمن تجربة الدخول في المشاريع التجارية المخاطرة والتضحية بالوقت والجهد، وقد يحتاج الكثير من رجال الأعمال الناجحين حول العالم إلى الاستمرار في العمل حتى عمر الستين لتحقيق النجاح.
- – من الجيد قضاء وقتٍ أطول مع الأسرة، مثل الزوجة والأبناء، وتحديد أوقاتٍ لزيارة الأقارب والأصدقاء بما لم يكن متاحًا له القيام به قبل ذلك بسبب ضيق الوقت.
- الاهتمام بالشعائر الدينية مثل الصلاة الخمس في أوقاتها، وأداء فريضة الحج أو العمرة، وحفظ القرآن الكريم.
التغلب على آثار التقاعد
يجب على الرجل أن يستعد لمرحلة جديدة في حياته ويتخذ الإجراءات اللازمة مسبقًا، ويمكنه التغلب على هذه المرحلة الهامة والصعبة من خلال اتباع هذه النصائح:
- يجب بدء ترتيب الأمور المالية وتحديد الميزانية التي ستعتمد عليها الأسرة المتقاعدة للبدء في بناء المنزل، ويتطلب ذلك المناقشة والتفاهم حول المصاريف الزائدة أو الفرعية التي لا حاجة لها في ذلك الوقت.
- قم بإنفاق وقتك في أشياء مفيدة مثل القراءة أو هوايات أخرى تستمتع بها بدلاً من الفراغ الذي يمكن أن يتسبب في الملل والمشاكل النفسية.
- يمكن المساعدة في الأعمال المنزلية مثل شراء البضائر المنزلية، بما في ذلك الطعام والمستلزمات الأسرية، ويمكن أيضًا قضاء بعض الوقت في ممارسة الرياضة لتحسين صحة الرجل ونشاطه.
- إذا كان من الممكن السفر إلى أي مكان وقضاء بعض الوقت السعيد مع الأولاد والعائلة، فهذا يعتبر خيارًا جيدًا.