أنواع الحقول الدلالية .. وكيفية استخراجها
مفهوم الدلالة
علم الدلالة هو فرع من فروع علم اللغة العربية، حيث تعتمد اللغة على الدلالة لأداء وظيفتها، والدلالة هي العلاقة بين الدال والمدلول. يعرفها شريف الجرجاني بأنها “كون الشيء بحاله يلزم من العلم به العلم بشيء آخر، والشيء الأول هو الدال والثاني هو المدلول”. ويعرفها ميشال زكريا بأنها “مستوى من مستويات الوصف اللغوي يتعامل مع كل ما يتعلق بالدلالة أو المعنى، ويبحث، على سبيل المثال، في تطور معنى الكلمة ويقارن بين المجالات الدلالية المختلفة.
أنواع الدلالة
تتميز الألفاظ الدلالية بالعديد من المعاني المختلفة، ويمكن أن تكون مركزية أو أصلية أو مجازية وما إلى ذلك، وتتم فهم معنى هذه الألفاظ ودلالاتها من خلال التواصل بين أفراد البيئة اللغوية، ويتطلب ذلك إدراك مفهوم تلك الألفاظ من الطرفين الحديثين والمستمعين، ويشمل دلالة الألفاظ ما يلي:
- الدلالة الصوتية
دلالة الأصوات اللغوية تحكي أهمية الصوت مع الآخر في دلالته على الحدث والأسماء والصيغ المتوارثة الموزونة والتي أثرت في الإبداع الفني، وهو الشعر وعملت على تحسين المفردات والميزان الصوتي كان له الأثر الفعال في فهم المعنى المطلوب، حيث تجنب العرب الجمع بين الأصوات اللغوية كالزاي والطاء، لأن لكل صوت مخرج من الجهاز النطقي، ورغم تواجد بعض الأصوات انحرفت عن مخرجها الأصلي ولكنها حافظت على مدلولها.
- الدلالة الصرفية
يقصد بذلك الصيغ الصرفية للأفعال والأسماء والصيغ اللغوية وبنيتها والتي لها أهمية كبيرة في دلالة الألفاظ، فمعرفة الصيغ الصرفية وفهمها يؤدي بالضرورة لإدراك المعنى للأسماء والأفعال، ومثال على ذلك هو الفعل قرأ على وزن فعل من الفعل الثلاثي وهو يدل على الماضي ويفضل الوزن فعل، أي الصيغة الصرفية فيحصل الفهم والإدراك للمعنى.
- الدلالة النحوية
تعني الدلالة النحوية ما يتم استيعابه من الدلالات الناتجة عن تطبيق القواعد النحوية للغة العربية في ترتيب الألفاظ وفق ترتيب المعنى المطلوب، ويمكن لاختلاف في المبني أو ترتيب الألفاظ أن يؤدي إلى تغيير في المعنى المراد من الجملة.
- الدلالة المعجمية
يشير هذا المصطلح إلى وحدانية المعنى وثبوت العلاقة بين الكلمة والمعنى الذي تدل عليه، أي المدلول، وبمعنى آخر فإن كل كلمة لها معنى مركزي أو مسمى ثابت في اللغة، وهذا المعنى المشترك موجود لدى جميع متحدثي اللغة الواحدة.
- الدلالة المجازية
يعد المجاز واحدًا من أكثر الوسائل التطورية فيتعزيز دلالة المفردات في اللغة، حيث يعمل على تحويل المعنى الحرفي للكلمات إلى معنى مجازي، ويستخدم الاستنتاج من أنواع المعاني كأحد الأساسيات في أي دراسة دلالية، وهو نوع من الدلالة.
ما هي الحقول الدلالية
الحقل الدلالي هو عبارة عن مصطلح يطلق على مجموعة من الكلمات ترتبط دلالتها وتشترك جميعا في التعبير عن المعنى العام، فمثلاً مصطلح لون في اللغة العربية يضم مجموعة من الألفاظ مثل أبيض وأسود وأحمر وأخضر إلى ما باقي الألوان ، ويعرفها جورج مونان الحقل الدلالي بأنه”مجموعة من المفاهيم تبني على
علائق لسانية مشتركة، ويمكن لها أن تكون بنية من بني النظم اللساني كحقل الألوان، حقل مفهوم الزمان، حقل مفهوم الكلام وغيره”، ويعرفها جون ليونز بأنه “مجموعة جزئية لمفردات اللغة”، فيما يعتبر تعريف أولمان هو التعريف الأبسط والأشمل إذ يقول بأنه قطاع متكامل من المادة اللغوية يعبر عن مجال معين من الخبرة”.
نظرية الحقول الدلالية
تعد نظرية الحقول الدلالية من أهم النظريات الحديثة التي طورت في العشرينيات من القرن الماضي، وهدفها تحديد معاني الكلمات وترتيبها وفق نظام خاص يرتبط بشكل واضح بينها معنويا، وهي إحدى نقاط التحول الهامة في تاريخ علم الدلالة الحديث. تتعامل نظرية الحقول الدلالية مع المعاني والدلالات اللغوية، وهو الأمر الذي توصل إليه اللغويون القدماء من خلال تحليل المعاجم اللغوية وخاصة معاجم المعاني مثل معجم الموضوعات وكتب الحرات والخي.
أنواع الحقول الدلالية
تم توسيع حقول الدلالة لتشمل مجموعة متنوعة من الأنواع، وتشمل أنواع حقول الدلالة:
- الكلمات المترادفة والكلمات المتضادة: جليز هو من أول من اعتبر الألفاظ المترادفة والتضاد في الحقول الدلالية، حيث يستدعي التضاد دائما النقيض في المنطق والتفكير، فمثلا عكس اللون الأبيض الأسود والكبير الصغير والطويل القصير.
- الحقول السنتجماتية :تضم مجموعة الكلمات التي تترابط عن طريق الاستعمال ولكنها لا تقع في نفس الموقع النحوي كلمات مثل كلب ونبح، يمشي وقدم.
- يُطلق على الأوزان المشتقة اسم الحقول الدلالية المصرفية.
- أجزاء الكلام وتصنيفاته النحوية.
أنواع الحقول الدلالية من منظور أولمان
قسم أولمان الحقول الدلالية إلى ثلاثة أنواع وهم:
- حقول محسوسة متصلة، مثل حقول الألوان وجسم الإنسان.
- حقول محسوسة منفصلة، حقول القرابة والأسر.
- تعني الحقول التجريبية المفهومية عالم الأفكار.
كيفية استخراج الحقول الدلالية
تتم استخرااج الحقول الدلالية وفقًا للعلاقات الدلالية، وتتمثل هذه العلاقات في:
الترادف: يجب استخراج كلمتين أو أكثر بنفس المعنى من القطعة النحوية، مثل قول المهند والحسام، والليث والأسد.
مع الشرط أن يكون الترادف ملائمًا للمفهوم الأصلي
- اتحاد العصر والزمن
- لا يجب أن يكون أحد اللفظين نتيجة تطور صوتي آخر، مثل الجثل والجفل.
- من الضروري الاتفاق على معنى الكلمات المترادفة بشكل كامل ودقيق.
- الاتحاد في البيئة اللغوية.
التضاد: يتم استخراج كلمة معكوسة للكلمة من الجملة، مثل الأبيض والأسود، أو الطويل والقصير، أو الأدنى والأقصى.
الاشتمال: هي علاقة تشبه الترادف ولكن من جانب واحد، ومثال ذلك هو أن يحتوي ما يسمى بـ (أ) على (ب) ويكون (ب) أعلى في التقسيم أو التفريع، كما في الإنسان وأحمد، فأحمد هو إنسان، أو اللون وأحمر فالأحمر هو أحد الألوان، أو الحيوان والأسد، فالأسد نوع من أنواع الحيوانات.
علاقة الجزء بالكل: المقصود هنا هو جزء من الكل، مثل اليد في الجسم أو العجلة في السيارة. ومع ذلك، يجب عدم الخلط بين علاقة الجزء بالكل وعلاقة الاشتمال. ففي علاقة الجزء بالكل، اليد ليست نوعا من أنواع الجسم، بل هي جزء منه. أما الاشتمال، فهو نوع آخر، حيث يعني أن الجزء هو قطعة صغيرة من الكل.
التنافر: هذه العلاقة مرتبطة بالنفس مثل التضاد، وتتحقق العلاقة داخل الحقل الواحد، أي إذا كانت أ لا تحتوي على ب وب لا يتضمن أ، وبالتالي لا يوجد علاقة بين الطرفين، كما هو الحال في العلاقة بين الخروف والفرس والكلب والقط، وتشمل هذه العلاقة الرتب العسكرية مثل الملازم والرائد والعقيد وغيرها.
أهمية نظرية الحقول الدلالية
تمثل نظرية الحقول الدلالية أهمية بالغة بالنسبة لمؤيدها وتتمثل أهميتها في:
- تساهم نظرية الحقول الدلالية في تحليل الموضوع وتزويدنا بقائمة من الكلمات لكل موضوع بشكل منفصل، وهذا يساعد الكاتب أو المتحدث على اختيار الألفاظ بدقة.
- تساهم في كشف العلاقات والاختلافات وأوجه التشابه بين الكلمات التي تنتمي إلى نفس الحقل، وبينها وبين المصطلح العام الذي يجمعها، ما يتيح لنا فهم مجال استخدام الكلمة بدقة.
- تُحدد أوجه الخلاف بين اللغات والأسس المشتركة التي تحكم تصنيف المفردات في اللغات من خلال النظرية
- تتضمن النظرية مفردات اللغة وتصغيها في شكل تجميعي تركيبي يتجنب الانعزالية.
- تحل نظرية الحقول الدلالية مشكلات المفاهيم التقليدية في تمييز بين “الهومونيمي” و “البوليزيمي”، حيث تقوم بتحويل الكلمات الشائعة إلى حقول دلالية مختلفة يتم التعامل معها ككلمات منفصلة (هومونيمي)، فعلى سبيل المثال، يتم وضع كلمة “برتقالي” في حقل الألوان بينما يتم وضع “برتقالة” في حقل الفواكه