اول من جهر بالقران الكريم
اول من جهر بالقران الكريم
عبد الله بن مسعود هو الصحابي الجليل الذي جهر بتلاوة القرآن الكريم أمام قريش في مكة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبل إسلامه كان لا يجرؤ على المرور بجلسة يحضرها نبيل من قريش، ولكن بعد إسلامه كان يذهب إلى الكعبة حيث كان يتجمع قريش النخبة ويقرأ القرآن بصوت جميل ومؤثر رغم أن الكعبة كانت تصدر الرعد، ولم يكن أحد يصدق أن من يتحدى كبرياء قريش كان فقيرا مجهولا من رعاة الأغنام هو الشخص نفسه.
وتأتي قصة جهره بالقرآن “اجتمع يوماً أصحابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: والله ما سَمِعت قريش هذا القرآن يُجْهَرُ لَهَا به قط، فمن رجلٌ يُسْمِعُهم؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا، فقالوا: إنَّا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرةٌ تمنعه من القوم إن أرادوه، فقال: دَعُوني، فإن الله سيمنعني، فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضُّحى وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، فقال رافعاً صوته: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (الرَّحمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ)، «سورة الرحمن، الآية 1 – 2»، فاستقبلها فقرأ بها، فتأملوا فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أُمّ عبد؟ ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أَثَّروا بوجهه فقالوا: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداءُ الله قط أهونَ علىَّ منهم الآن، ولئن شئتم غَادَيْتُهم بمثلها غداً؟ قالوا: حَسْبُك، قد أسمعتهم ما يكرهون»
أول من صدح بالقران
إحدى الأسئلة التي قد تظهر في أسئلة ثقافية دينية هي: من هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؟ كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من قبيلة بني حزيل وكذلك من بني الزهراء. في صغره وعندما كان لا يزال شابا ولم يبلغ سن البلوغ، كان يتجول في دروب مكة الجبلية بعيدا عن الناس، وكان يرعى قطعان زعيم قبيلة قريش، عقبة بن معيط، وكان يلقبه الناس بـ `ابن أم عبد`، واسمه الحقيقي هو عبد الله واسم والده هو مسعود، وكان يعرف بـ `أبو عبد الرحمن عبد الله بن أم عبد الهذلي`. شهد العديد من الغزوات مع النبي محمد، مثل غزوة بدر التي تم فيها القضاء على أبو جهل، وغزوة أحد والخندق وبيعة الرضوان .
وروى لقاءه الأول بالنبي صلى الله عليه وسلم: عن ابن مسعود قال :” كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط ، فمر بي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر ، فقال : يا غلام ، هل من لبن ؟ قلت : نعم ، ولكني مؤتمن ، قال : فهل من شاة لم ينز عليها الفحل ؟ فأتيته بشاة ، فمسح ضرعها ، فنزل لبن ، فحلب في إناء ، فشرب ، وسقى أبا بكر ، ثم قال للضرع : اقلص ، فقلص . زاد أحمد قال : ثم أتيته بعد هذا ، ثم اتفقا – فقلت : يا رسول الله ، علمني من هذا القول ، فمسح رأسي ، وقال : يرحمك الله إنك غليم معلم” .
تأثر عبد الله بن مسعود بمشاهدة العبد الصالح ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو الله ويضرب ضرعا صغيرا حتى يعطي لبنا طاهرا ومقبولا للشارب. لم يكن بن مسعود يدرك أن ما رآه لم يكن إلا أقل المعجزات روعة، وأنه سيشهد قريبا من هذا النبي الكريم معجزات أخرى تهز العالم وتملأه بالنور والإيمان، ولم يدرك أنه هو نفسه الراعي الفقير والضعيف المستأجر الذي يعمل في عقبة ابن أبي معيط، حينما أصبح مؤمنا قويا قادرا على هزيمة كبرياء قريش وتجاوز ظلمهم للشهداء.
- قصة إسلامه
لم يمض وقت طويل حتى أسلم عبد الله بن مسعود صلى الله عليه وسلم ، بعد دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، أعلن ابن مسعود إيمانه به ، وكان سادس من أسلم واتبع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا كان من أوائل المسلمين ، “لقد رأيتني سادس ستة ما على ظهر الأرض مسلم غيرنا” رواه ابن حبان في “صحيحه”.
كان عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) من رفقاء النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وعرض عليه أن يكون في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، ووافق عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك اليوم تخلى عبد الله بن مسعود عن رعي الغنم مقابل رعاية حوائج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، كان عبد الله بن مسعود على علاقة قوية بالنبي صلى الله عليه وسلم ، كان يلبّي احتياجاته داخل المنزل وخارجه ، كان يرافقه في الرحلات والبعثات ، كان يوقظه عندما ينام ، كان يحميه عندما يغتسل ، كان يحمل (السواك) ويلبي احتياجاته الشخصية الأخرى ، ولهذه الأسباب أطلق الصحابة عليه صاحب السواك ، صاحب النعال ، وكذلك صاحب الوساد .
- تقدير النبي
تلقى عبد الله بن مسعود صلى الله عليه وسلم تدريبا فريدا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، كان بتوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم، تبنى أسلوبه، واتبع كل خصلة حتى قيل عنه: كان أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يدخل دار النبي من غير حجاب، حتى ظن بعض الصحابة أنه من أهل البيت، كما ثبت ذلك في “الصحيحين” عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
وكان عبدالله بن مسعود من الناحية المالية ، كان فقيراً ، كان ضعيفًا جسديًا ، وفي أحد المواقف ضحك الصحابة عليه من نحالة جسده ودقة ساقيه ، لكن أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم : «أتعجبون من دِقَّةِ ساقَيْه! والَّذي نفسي بيدِه لهما في الميزانِ أثقلُ من أُحُدٍ» (صححه الألباني).
كما قهر الإسلام الظالمين بإرادته القوية وغير الجسدية، فقد عوض ضعفه الجسدي بالخلود والمعرفة والشرف، وساعد في تغيير مجرى الأحداث التاريخية، وذلك لأن الإسلام يحتل مكانة مرموقةبين أبرز الشخصيات التاريخية، على الرغم من وضعه الاجتماعي المتواضع.
- قرآن عبد الله بن مسعود
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان أفضل من الصحابة في تلاوة القرآن، وقد فهمه بشكل أفضل منهم، وكان من أعلم مفسري الصحابة. لذلك، لا يوجد شيء يوضح هذا أفضل من قصة الرجل الذي جاء إلى عمر بن الخطاب وهو واقف في سهل عرفات وقال: `أتيت يا أمير المؤمنين من الكوفة حيث تركت رجلا يملأ مصاحف القرآن بذاكرته`. غضب عمر صلى الله عليه وسلم كثيرا وسار بجانب عقبته غاضبا. سأل `من هو؟` أجاب الرجل: عبد الله بن مسعود. فتجمد غضب أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه واستعاد حيويته .
ترجمان القرآن
يتردد اسم هذا الصحابي الجليل في أسئلة دينية، لأنه صاحب العديد من الألقاب، فهو ترجمان القرآن، وكانت نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم عنه والتي قالت: `أنت فتى متعلم` صحيحة، وبل إن الله قد وهبه العلم حتى صار أعلم هذه الأمة وأحسن من عرف القرآن عن ظهر قلب، وصف ابن مسعود نفسه قائلا: `فلقد أخذت من فيه -صلى الله عليه وسلم- سبعين سورة، ما نازعني فيها بشر` (حسنه الألباني وصححه)، فقد وهبه تعالى موهبة رائعة لتلاوة القرآن وفهمه إلى درجة جعل النبي صلى الله عليه وسلم يوجه أصحابه ليقتدوا به، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: تمسكوا بمنهج ابن أم عبد، وأوصى أن يقتدوا بطريقته في القراءة ويتعلمون منه، قال – صلى الله عليه وسلم –: `من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد`. (صححه الألباني).