تعريف المنظور
إذا كنت من عشاق الفن والرسم، فمن المؤكد أنك قابلت بعض الرسومات المختلفة التي تركت أثرًا فيك وجعلتك تبحث عنها، ومن بين هذه الرسومات هي الرسومات المجسمة التي تبدو وكأنها تعرض المشهد من زوايا واتجاهات مختلفة وأنت ثابت في مكانك .
على سبيل المثال، المجسم الذي إذا تمت مشاهدته من ناحية واحدة فقط، سيبدو على شكل مربع، أما إذا تمت مشاهدته من زوايا مختلفة، سيظهر المجسم بزواياه الثمانية المكعبة. يقوم الفنانون بتوصيل المشاهد بشعور وهمي بأن الشكل حقيقي أمامهم باستخدام خطوط متقاربة وزوايا محددة بالإضافة إلى تناسب معين في الظل والنور فيما يسمى بالمنظو .
من المثير للدهشة أنه يمكن فهم معنى المنظور فقط من خلال اسمه، حيث يعني نظرة الشخص إلى اتجاه معين من الصورة من زاوية معينة، ويتعين عليها أن تظهر بأبعادها واتجاهاتها المختلفة، وتكمن أهمية المنظور في مساعدة الفنانين على إبراز القيمة والفكرة بأسلوب بسيط وجميل، ويعتبر المنظور والتظليل من أهم التقنيات في تمثيل الصورة بشكل يقترب من الواقع .
يجب علينا أن ندرك جيدا أن للمنظور علاقة قوية ومتينة مع الظل والضوء وأنه يحتوي على تقنية هامة لخلق الشعور بأن الأشياء حقيقية بشكل وميز. وبعد اختراع المنظور في القرن الخامس عشر، بدأ الفنانون باستخدام الظل والضوء لجعل لوحاتهم واضحة وواقعية بشكل كبير. فالنور هو الشيء الذي يجعلنا نرى الأشياء في حياتنا، ولكن من خلال الظل يمكننا التعرف على الأشياء. وفيما يلي مثال عن رسومات المنظور والظل والضوء
تعريف الظل
يُخلق الظل من النور او الضوء. فالظل ليس بالشيئ الملموس او الموجود لوحده فعندما يُسلط الضوء علي جسم معين يظهر شكل معتم علي السطح نتيجة حجب الجسم للضوء . فبدون وجود الظل في الرسومات ستبدو مسطحة وبلا حياه . فالظل يعتبر مهماً لرسم المجسمات و من خلاله نستطيع ان نعرف اتجاه الضوء
انواع الظل
- ظل ذاتي: الجزء الغير معرض للضوء.
- ظل ساقط: هو الظل الذي يتكون من حجب الجسم لشعاع الضوء
- ظل ساقط ذاتي : عندما يسقط الجسم على سطحه، ينشأ ظل ذاتي له .
تعريف النور
هو ضوء مباشر من مصدر ضوئي . وللحصول علي الظل يمكنك عمل التسليط المباشر من المصدر علي الجسم مباشرةً. حيث ان حجم و إتجاه الظل الناتج يعتمد علي كمية و نوع الضوء و اتجاهه ايضاً . ولابد ان تعرف عزيزي القارئ ان قوة الاضاءة تتناسب تناسباً عكسياً مع دقة العمل الفني اي انه كُلما كانت الاضاءة سيئة كان تصميمك اقوي .
انواع الاضاءة
- الاِضاءة الامامية : عند استخدام هذا الإضاءة، لا توجد ظلال تقريبًا، مما يجعل الرسومات باهتة وتفتقر إلى العمق والتفاصيل المناسبة للظل. وهذا يشبه استخدام الفلاش الموجود على الكاميرا .
- الاضاءة الجانبية : تعد تقنية الإضاءة الجانبية الأكثر شيوعًا، حيث تساعد على تحديد الوهم ذي الأبعاد الثلاثة من خلال إضفاء منحنى جانبي، وتعد الحل الأمثل للرسامين لإبراز الملامح والأحجام .
- الاضاءة الطرفية : تأتي الإضاءة من الخلف، ولكن يجب ملاحظة أن ثلاثة أرباع الجسم أو أكثر يجب أن يكونوا في الظل وربع فقط في الضوء، وتعطي هذه الإضاءة تأثيرًا رائعًا في الرسم
- الاضاءة الخلفية : يتمثل مفهوم الإضاءة الخلفية في وجود مصدر الضوء خلف الموضوع بشكلٍ مشابهٍ للإضاءة الطرفية، ولكن بشكلٍ أقل، وعلى الرغم من صعوبة رسم الأجسام في هذا الوضع، إلا أنه يعد مهمًا وجيدًا في خلق الدراما .
قبل الانخراط في فهم أساسيات المنظور والظل والنور، يجب علينا أولا التعرف على بعض المصطلحات العامة المتعلقة بالمنظور التي تساعدنا بشكل كبير، وهي
- خط الافق : هو الخط الأفقي الذي يمر على مستوى عين المراقب
- نقطة التلاشي : تقع نقطة التلاقي في لانهاية على خط الأفق وتلتقي فيها خطوط انحدار المنظور .
اساسيات المنظور و الظل و النور
- يجب أن تكون جميع الخطوط في وضع متوازٍ وتلتقي فقط في نقطة واحدة .
- تظل جميع الخطوط العمودية والأفقية على حالها دون تغيير .
- تقترب الخطوط العمودية من بعضها البعض كلما ابتعدنا عن نقطة النظر.
- تتصغر الأسطح العلوية كلما اقتربت من الخط الأفق، وتتكبر الأسطح الجانبية كلما ابتعدت عن نقطة التلاشي.
يجب عليك أن تدرك أن جميع هذه الأساسيات يجب أن تتفاعل مع بعضها بشكل دقيق لتحقيق تناسب مناسب بين الظل والنور، ويجب عليك أن تكون ملما بكيفية وضع كل منهما بناء على نوع المنظور الذي نتعامل معه .
انواع المنظور
منظور النقطة الواحدة
يعطينا ليوناردو دافنشي خير مثال لمنظور النقطة الواحدة اثناء دراسته للمنظور عام ١٤٨١ حيث نلاحظ في عمله الفني للمنظور كيف تلتقي الخطوط في نفس المكان في نقطة واحدة فقط .و يعتبر منظور النقطة الواحدة من اسهل انواع المنظور الخطي لاحتوائه علي نقطة تلاشي واحدة . مثال منظر السكك الحديدية او المناظر الداخلية الامامية .
الاستخدام
- إنشاء نقطة مركزية قوية لجذب انتباهنا إلى المتعامد
- يجعل المشاهد الأمامي واضحًا ويرى جانبًا واحدًا فقط .
- عرض ما ترسمه بشكل عمودي .
منظور النقطتين ” المنظور الزاوي ”
يتكون تلاشي من نقطتين على جانبي خط الأفق، ولا يحتاج إلى أن يكون داخل مستوى الصورة، على سبيل المثال، منظر ركن في الطريق .
الاستخدام
- عندما يتواجه أمامك جانبان متعامدان من الشكل
- لتصور شكل غير متعامد.
منظور ثلاث نقاط
يتألف هذا المنظور من ثلاث نقاط تلاشي، حيث يوجد نقطتان على خط الأفق والثالثة تكون مرتفعة أعلى الخط أو منخفضة تحته. ويستخدم الفنانون اثنتين من الطرق لرسم هذا المنظور الثلاثي الأبعاد
- رؤية عين الدودة :- تخيل نفسك تنظر إلى الأعلى بمعنى آخر أن خط الأفق منخفض جدًا
- رؤية عين الصقر :- سوبرمان يحلق فوق المدينة وينظر إلى الأسفل .
منظور متعدد النقاط
يمكن لهذا النوع من المنظور أن يتم ملاحظته في العالم من حولنا، حيثتوجد أكثر من نقطتين تتلاشى على خط الأفق، مثال ذلك رسم الدرج .
الاستخدام
- يجب ألا تقع الأشياء في المنظر الذي يتقاطع في الشبكة
- عند رسم و تخيل الطرق المنحنية
المنظور المنحني “الموجي ”
يختلف هذا النوع بشكل كبير عن المنظور الخطي، حيث يحتوي على منحنيات ونقاط تلاشي تصل إلى أربعة أو خمسة أو ستة، والتي يمكن تقسيمها
- اربع نقاط تلاشي : مجال رؤية اسطواني
- خمس نقاط تلاشي : مجال رؤية نصف كروي
- ست نقاط تلاشي : مجال رؤية كروي
عندما نسلط الضوء على فن المنظور، سنلاحظ أن الفنانين منذ فجر التاريخ يتصارعون مع الطبيعة وقوانينها لإنشاء الأبعاد الثلاثة للعالم من حولنا باستخدام المنظور والإيقاع والتنوع والخط وغيرها من الابتكارات المذهلة. وعند استخدام مصطلح المنظور في عالم الفن، يشير إلى التصوير الدقيق للكائنات من حولنا .
يُعَدُّ اكتشاف أن العالم من حولنا ليس مسطحًا وأن الأشياء تبدو أصغر أو أكبر حسب الحركة والبعد واحدًا من أهم إنجازات النظرية العظيمة التي تحيط بنا، وفي القرن العشرين، هاجم الفن التجريدي وغيره من الفنون علم المنظور، ولكن رفض الفنانون هذا المفهوم وغيّروه ليبقى معنا حتى الآن .
تكمن الإجابة هنا عن ماهية الهدف من المنظور في تبسيط الأشكال وجعلها أكثر واقعية ودقة عن ما كانت عليه، وتحويل خيال الفنان إلى الشكل الذي يصوره في خياله للمشاهد من خلال التحكم في الأبعاد الثلاثية وتناسب الظل والنور، وجعله يظهر بأدق التفاصيل كما لو كان المشهد حقيقيا .