ما المقصود بأزمة الأخلاق
يعاني المجتمع من أزمة أخلاقية كبرى، حيث تختفي العادات العربية والإسلامية بشكل تدريجي، ويتزايد العنف وقلة التسامح والعفو، والناس لا يهتمون بمشاكل الآخرين، ويعتبر الجهل بمنزلة الأخلاق من دين الله تعالى وتصور البعض أن التحلي بالأخلاق فضل وعدم الشعور بالذنب وعدم الاهتمام بالفروض كالصلاة والزكاة والصوم هو سبب فقدان الناس لأخلاقهم، ويجب التعرف على أسباب هذه الأزمة والوقوف عليها، وتعتبر التكنولوجيا واحدة من أهم هذه الأسباب، والله تعالى ينصح بالتقوى والتفكير في ما قدمت للغد وعدم نسيانه، وعدم أن يكون الإنسان كالذين نسوا الله وأنفسهم، حيث أنهم هم الفاسقون.
تأثير التكنولوجيا على القيم الأخلاقية
تشمل التكنولوجيا نوعين، فالتكنولوجيا المتوافقة مع البيئة هي التي تنسجم مع الظروف الطبيعية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. بينما التكنولوجيا المتناقضة مع البيئة تسبب أضرارا جسيمة وضارة للصحة والمجتمع والاقتصاد، وتؤدي إلى تشويه الطابع المحلي والتراث، وقد تؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية في المنطقة المحيطة.
- تفكك الروابط الاجتماعية والأسرية
باتت العلاقات الاجتماعية والأسرية هشة للغاية، نتيجة افتقاد الحوار المجتمعي والأسري، وانشغال أفراد المجتمع بالعالم الافتراضي، فلم يصبح الإنسان اجتماعي بطبعه كما كان يقال سابقاً، فالكل يعيش في معزل عن المجتمع، فأصبح الاتصال عبارة عن كلمات بسيطة والمقابلات العائلية تستبدل بمحادثة فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن الأسرة باتت تعاني من ضعف العلاقات العائلية فبات هناك فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء.
يلاحظ بشكل كبير في المجتمعات العربية قطع العلاقات التي كانت جزءا أساسيا من حياة الفرد، حيث لم يعد الجيران يعرفون بعضهم البعض، وأصبحت الأقارب يكتفون بمكالمة هاتفية واحدة في كل مناسبة، فالسعي الدائم من قبل الأفراد لتوفير الرفاهية لأنفسهم جعلهم ينسون جزءا أساسيا من حياتهم القديمة وهو التواصل والترابط.
- تغيير سلوكيات الأطفال
: “قبل فترة قصيرة، كان الطفل يعيش طفولته بنشاط وحيوية، وكان يتوجه إلى النادي مع عائلته وأصدقائه لممارسة نشاطات مختلفة تساعد على تنشيط عقله وتطويره. وكانت الرياضة تلعب دورا كبيرا في تعزيز العلاقات الاجتماعية والأخلاقية، إذ يقول المثل “العقل السليم في الجسم السليم”. لكن الأمر المؤسف هو أن الأنشطة الرياضية استبدلت بالجلوس أمام الإنترنت واستخدام العالم الافتراضي ومشاهدة مقاطع الفيديو التي تحتوي على ممارسات تخالف العادات والتقاليد الاجتماعية في المجتمع العربي، وتحتوي على كلمات غير لائقة. ويؤثر هذا الأمر بشكل كبير على شخصية الفرد وأخلاقياته، وهو واحد من أسوأ ما فعلته التكنولوجيا في العالم العربي، وهو تغيير السلوكيات والأخلاقيات للأفراد.
- تشيئ الإنسان
المقصود بذلك جعل الإنسان شيء لا إنسان والتجريد من الإنسانية، فالتكنولوجيا لغت جزء كبير من الإنسانية حيث التكنولوجيا هي التي تذكر الإنسان بالمناسبات وأعياد الميلاد والواجبات التي يجب القيام بها، فالحواسيب لغت التفكير الإنساني، وبرغم أن هذا يعتبر أمر جيد، إلا أنه أفقد الإنسان جزء كبير من واجباته ومسؤولياته واهتماماته.
- انتشار العنف في المجتمع
يشهد العنف انتشارا واسعا في المجتمعات الحديثة، حيث يندرج العنف بين الأطفال والكبار، وتساهم التكنولوجيا في ذلك، حيث يتم عرض الأحداث العنيفة على التلفاز والإنترنت، ويتم توفير الألعاب الإلكترونية القتالية التي تحتوي على العنف والضرب والحروب، وهذا يؤدي إلى تغيير سلوك الأفراد. كما يحب الأطفال التقليد والعيش في مغامرات وصراعات، مما يدفعهم لتجربة ما يرونه على الإنترنت وفي الأفلام الكرتونية من العنف. ويشهد الآن عدم الاهتمام بالمحتوى الأخلاقي وعدم دراسة تأثيره على النشأة، وهذا يمثل خطرا كبيرا على المجتمعات.
- اللامبالاة
أصبح المجتمع يعاني من اللامبالاة وعدم الاهتمام، فالجميع مشغول بأمورهم الشخصية وحياتهم، وتوجد عدم رغبة كبيرة للأشخاص في المشاركة في الحياة الاجتماعية ومشاكل الآخرين. في الماضي، كان الناس يشعرون بالحزن والتأثر ويشاركون في بعض الأزمات، ولكن الآن أصبح الجميع مشغولا في عالم افتراضي عبر الهواتف الذكية، وأقصى ما يمكنهم القيام به هو التقاط صور للأزمات ونشرها على المواقع الإلكترونية، ثم ينسون الأمر بعد دقائق. بالنسبة للناس، الوتيرة السريعة للحياة وكثرة الأحداث والاهتمام المستمر بالجرائم جعلهم يشعرون باللامبالاة تجاه الأحداث الجارية.
- الخيانة الزوجية
فرحت التكنولوجيا الحديثة التواصل بين الأشخاص، وظهرت العلاقات غير المشروعة التي تنشأ عبر وسائل التواصل الاجتماعي. أدت هذه الظاهرة إلى تفكك الأسرة وانهيار القيم والمبادئ. فوسائل التواصل الاجتماعي سهلت الوصول إلى الأمور المحظورة، والتي يمكن أن تؤدي إلى زوال المجتمع وتفككه. ومع ذلك، ليست وسائل التواصل الاجتماعي أو التكنولوجيا هما السبب، بل السبب يكمن في غياب الوازع الديني وعدم التفكير في الجانب الأخلاقي، وهذا هو سبب الخيانة الزوجية.
- عدم تحمل الشباب للمسؤولية
يتمثل أحد أشكال الأزمة الأخلاقية في المجتمع في عدم اهتمام الشباب بمسؤولياتهم، إذ يعتبر الشباب اليوم أتكالين ولا يهتمون بالمستقبل ولا يلتفتون للحاضر، بل يتركون جميع الأعباء على أسرهم ووالديهم ويقضون أوقاتهم بالتواصل مع أشخاص جدد أو في أمور لا فائدة منها على مواقع التواصل الاجتماعي.
- عدم احترام خصوصية الآخر
أصبح الأشخاص يسمحون لأنفسهم بالتدخل في حياة الآخرين بشكل غير مقبول، ومواقع التواصل الاجتماعي أفسدت الحياة الخاصة للأفراد، حيث أصبح الجميع على دراية بحياة الآخرين، وتلاشت مفاهيم الخصوصية والحرية، وأصبح الناس يمتلكون جهاز تسجيل وكاميرا هاتف يمكنهم استخدامها لتصوير أي شيء وكل شيء، ولذلك لا يعد أمرا غريبا أن تجد صورا لك أو لأفراد أسرتك على مواقع التواصل الاجتماعي، وإذا كان الإنسان مشهورا فيجب أن يتحمل الكشف عن حياته الشخصية وحياة أفراد عائلته، ويتعرض لآراء سلبية بشكل عنيف، حيث يسهل الحديث والكتابة والتعبير عن أي شيء وراء الشاشات، دون مراعاة مشاعر الشخص وخصوصيته، الأمر الذي يجعل الناس يخافون من كل شيء، وذلك بسبب غياب قيمة الخصوصية في المجتمعات العربية المعاصرة.
- أنعدام التعاون
– في السابق، كان الشخص يستغل وقت فراغه للتعاون مع زملائه ورفاق الحي لتنظيف البيئة أو مساعدة الفقراء أو اللعب معا في الفناء. ولكن الآن، يفضل الجميع العزلة، ولا يوجد مجال للتعاون الذي يعتبر أساسا للحياة، فالله خلق الناس شعوبا للتعاون والتآلف والمساعدة بعضهم البعض. وأصبح التكافل الاجتماعي ومساعدة الآخرين والبحث عن كيفية تطوير المجتمع أمورا نادرة، لا يقوم بها الكثيرون. وعلى الرغم من أن بعض الشباب يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للتكاتف وعمل الثورات وإنشاء الجمعيات الخيرية، إلا أن الأغلبية لا يبحثون سوى عن الأمور التافهة والسلبية.
- التأثير على الهوية العربية
من سمات الشخصية العربية الحفاظ على الهوية والفخر بالأصول، ولكن هذه المبادئ انهارت بسبب تأثير العولمة والتدخلات الغربية وانفتاح العالم، حيث ابتعد الأشخاص عن العادات والتقاليد العربية وبحثوا عن عادات وتقاليد جديدة، كما أدى التواصل مع الثقافات الغربية بسهولة إلى تغيير العادات والتقاليد وانهيار الأخلاق في المجتمع.