مفهوم تضارب المصالح وأنواعها
ماذا يعني تعارض المصالح
أصبحت قضية تضارب المصالح من أهم وأبرز القضايا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت تشغل اهتمام العديد من المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وخاصة تلك المجتمعات الموجودة في الدول الرفاهية، حيث تسعى حكومات هذه الدول إلى تحقيق سعادة شعوبها ورضاهم عن الخدمات العامة بكل الوسائل الممكنة.
هناك عدة عوامل تؤدي إلى تضارب المصالح، وتتعلق هذه العوامل بالأسباب السياسية والاقتصادية والإدارية، مثل البيروقراطية وتفاقم مشكلة الأجور في الوظائف الحكومية .
ينعكس الأمر سلبًا على أداء المنظمات والمجتمع والتنمية، ويثبت التاريخ أن هذه الظاهرة لها آثار سلبية على قطاعات مختلفة، ولا سيما القطاع المصرفي الذي يتم استغلاله من قبل بعض الأفراد لتحقيق مكاسب مالية على حساب مصلحة الجمهور .
وقد واجهت الخبرات الدولية ، إشكالية تعرض نزاهة المنظمة إلى الخطر ، وإثارة الرأي العام قلقه ، حول نزاهة القرارات الحكومية، في ظل متطلبات اقتصاد السوق الحر . لذلك فإن القلق المثار ، هو بشأن صحة القرارات الحكومية ، لا سيما تلك المتعلقة بالمشتريات الحكومية والقرارات التنظيمية.
ويمكن القول بصفة عامة، أن تضارب المصالح هو الموقف الذي تتقاطع فيه المهام الرسمية للموظف مع المصلحة الأساسية للمنظمة التي يعمل بها. وتتواجد العديد من أمثلة على تضارب المصالح، وهي لا حصر لها.
ومما تجدر الإشارة إليه ، أن تضارب المصالح ، قد اتسع نطاق دراسته ، بشكل واسع ، في العديد من الأدبيات ، والدراسات ، والقواميس الأجنبية ، وجميع التعريفات ، التي تم ذكرها ، تتفق حول وجود مصالح خاصة ، للموظف ، أو ، العامل ، في المنظمة ، أو الشركة ، أو المؤسسة ، أو حتى المدرسة التي يعمل بها.
يؤدي امتلاك الموظف أو عضو مجلس الإدارة في المؤسسة إلى تضارب المصالح، ويمكن أن يتسبب منصب حكومي في استغلال المنصب لجني المكاسب الشخصية، وليس فقط الاعتماد على الملكية .
أنواع تضارب المصالح
تتباين أنواع هذه الظاهرة بناءً على وجود مصلحة خاصة أو نوع المصلحة الخاصة نفسها .
يشير مصطلح النوع المطلق، وفقًا لصياغة القانون المصري، أو النوع الفعلي، وفقًا لصياغة العديد من القوانين الأجنبية والدولية، إلى مواد قانونية تتعلق بتضارب المصالح، كما هو الحال في صياغة القانون الكندي، على سبيل المثال .
حدد القاضي باركر، واحد من القضاة المشهورين في كندا، تصنيف حالات تضارب المصالح في قانون كندا سنة 1986، ونتج عن ذلك إدخال العديد من التعديلات الخاصة، بتعريف أنواع تضارب المصالح في مواد وبنود القانون الكندي.
أكد القاضي على أهمية وجود تصنيف محدد يقوم على نمطين رئيسيين لتضارب المصالح الفعلي، حيث يتمثل النمط الأول في حالة تضارب المصالح الفعلي التي يكون الفرد فيها على دراية تامة بأنه في موقف تضارب المصالح، وبالتالي يمكن استنتاج وجود شبهة تضارب.
النمط الثاني لتضارب المصالح هو تضارب المصالح المتوقع أو النسبي، وفقًا لما جاء في القانون المصري حول هذا الأمر، حيث يكون الشخص أو الموظف أو المسؤول مدركًا مسبقًا لحالات مماثلة قبل ممارسة مهمة من مهامه التي تؤثر عليه.
هناك أنواع أخرى من التضارب في المصالح التي ترتبط بالموظف الحكومي بعد تركه لوظيفته الرسمية في المنظمة الحكومية، حيث يمكن أن يجد نفسه في وضعية تضارب المصالح. وفي مثل هذه الحالات، يكون على الموظف الحكومي قيودًا تحظر عليه استغلال صفته الوظيفية، حتى بعد ترك الخدمة الحكومية.
فقد يقوم الموظف ، باتخاذ قرارات لصالحه ، ولصالح المنصب الجديد ، أو المنصب المستقبلي ، حيث يرتبط الوضع بظهور وظيفة مستقبلية ، بعد ترك الموظف العام للخدمة المدنية . والتي يكون نتيجتها ، تقويض المصلحة العامة لحساب المصالح الخاصة ، وقلة الإنصاف في القرارات الإدارية ، من جانب الموظف العام السابق .
يؤدي ذلك إلى قلة ثقة الجمهور في الجهاز الإداري، ويظهر تضارب المصالح في الوظيفة العامة، سواء المنتخبة أو غير المنتخبة، والذي يتسبب في حصول الموظف العمومي على مزايا من الوظيفة العامة، من خلال الترويج لمصالحه الخاصة المالية والمعنوية.
قواعد ضبط أنواع تضارب المصالح
جدير بالذكر ، أن في المجتمعات المتقدمة ، يتم التحكم اجرائيا على المستويين القانوني ، والإداري ، في سلوك الموظفين ، للحفاظ على المصلحة العامة ، وهذه الحكومات تكون مساءلة ، أمام مواطنيها ، وبالتالي فإنها تعمل على جعل هؤلاء الموظفين ، أكثر نزاهة ، والعمل في بيئة أكثر شفافية.
يتم تطبيق المبادئ والقواعد والإجراءات في مجال إدارة تضارب المصالح، لأن هذا الأمر ضروري للغاية، حيث يمثل نقطة الرجوع والإرشاد لصياغة السياسات واستعراض وتحديث سياسات الحوكمة .
لذلك، تسعى الدول إلى وضع أطر فعالة لإدارة تعارض المصالح بشكل عام، وإدارة التعامل مع الموظفين العموميين السابقين بشكل خاص من خلال مجموعة من التدابير التي تنظم عملية انتقال العاملين في هذه المرحلة.
تواجه الحكومات تحديات كبيرة في مواجهة هذه الظاهرة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتطوير الأطر القانونية والسياسات والممارسات لمنع وإدارة تضارب المصالح في المنظمات.
ويتعلق الأمر خاصةً بتلك المشاكل التي تنشأ عن الموظفين السابقين أو حتى الموظفين الحاليين بعد ترك الخدمة العامة، ويرون خبراء الحوكمة وتنظيم تضارب المصالح أن مرحلة ما بعد ترك الوظيفة تكون أصعب بكثير من مرحلة مزاولة الشخص لمهنته .
خاصة، عندما يكون الشخص غير متصل مباشرة بالمنظمة التي كان يعمل فيها، يصعب معرفة ما إذا كان سيحقق مكاسب شخصية أم لا، حيث يكون بعيدا عن أعين الرقابة ويتعذر تحديد كمية ونوع المعلومات السرية التي يمتلكها.
يتم التركيز على تطوير الوعي لدى الموظف العام حول أمثلة تضارب المصالح، لتدريبه على كيفية التعامل مع المواقف التي يمكن أن يتعرض لها أو التي يحتمل أن يتعرض لها .