هل التوحد مرض عقلي ؟
تصنيف مرض التوحد
يتم تصنيف مرض التوحد على أنه اضطراب عقلي، ولكنه يصنف أيضًا كاضطراب في النمو العصبي. وبمعنى آخر، فإن التصنيف الأفضل للتوحد هو أنه اضطراب في النمو العصبي، بالرغم من تصنيفه كاضطراب عقلي.
يوجد العديد من مواصفات التوحد التي تتداخل مع الأمراض العقلية، ولذلك غالبا ما يتم تشخيص التوحد بشكل خاطئ على أنه مرض عقلي آخر. وبينما يمكن لبعض الأشخاص أن يعانوا من أكثر من نوع واحد من الأمراض العقلية، بما في ذلك اضطرابات النمو العصبي، فإنه يجب التعرف على كل نوع بشكل منفصل وإدارته بشكل مختلف.
تعريف إعاقة النمو
وفقًا للمعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH)، تعد إعاقة النمو اضطرابًا يمكن أن يؤثر على القدرة الإدراكية والأداء البدني، أو كلاهما، حيث تظهر هذه الإعاقات في الغالب قبل سن الـ22 ويمكن أن تستمر طوال فترة الحياة، ويشمل مصطلح إعاقة النمو الإعاقة الفكرية، ولكنه يشمل أيضًا الإعاقة الجسدية.
الأشخاص المصابون بإعاقة النمو يتصفون ب:
- يظهر عليهم اضطراب قبل سن الثامنة عشرة (معظمهم يولدون بتأخر في النمو)
- يتأثرون بالإعاقة مدى الحياة
- هناك أعراض أساسية لدى بعض الأشخاص لا يمكن علاجها أو شفاؤها بفعالية باستخدام الأدوية
- قد يعانون من إعاقات فكرية أو جسدية أو سلوكية
- يتم عادة تشخيصهم من قبل الطبيب النفسي أو طبيب الأطفال
اضطرابات النمو الأخرى تشمل:
- الشلل الدماغي
- اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
- الصمم
- اضطرابات في التعلم
- متلازمة داون
- العمى من الولادة
تعريف المرض العقلي
يعرف المرض العقلي وفقًا للمعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH) على أنه اضطراب عقلي وسلوكي وعاطفي، ويمكن أن يختلف هذا الاضطراب في شدته ويتراوح بين عدم وجود إعاقة وإعاقة خفيفة ومتوسطة وحتى شديدة.
تشير المعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH) إلى أن الاضطرابات العقلية الشديدة هي عبارة عن اضطرابات عقلية أو سلوكية أو عاطفية تؤدي إلى خلل وظيفي يحد من القدرة على القيام بالأنشطة الحياتية.
الأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية الشديدة:
- يمكن أن يظهر الأعراض عليهم في أي مرحلة من حياتهم
- يمكن أن يعانوا من الهلوسة والأوهام
- قد يعانون من اضطرابات في التفكير والإدراك
- يمكن علاجهم بفعالية باستخدام الأدوية.
- يمكن أن يعانوا من أعراض مؤقتة أو متكررة.
- يمكن تشخيص هذه الاضطرابات عن طريق الطبيب النفسي أو الخبير الصحي المتخصص.
الاضطرابات العقلية الأخرى تشمل
- انفصام في الشخصية
- اكتئاب
- اضطراب الوسواس القهري
- اضطراب الشخصية الحدية
- اضطراب ثنائي القطب
لمَ يتم تشخيص الأطفال بشكل خاطئ
عادةً ما لا يتم تشخيص التوحد كتشخيصٍ أولي للمرض، خاصةً إذا كان الطفل يتمتع بمعدل ذكاءٍ وقدرة لغويةٍ متوسطةٍ. وغالبًا ما يتم تشخيص الأطفال المصابين بالتوحد بأمراض عقليةٍ عديدة في المقام الأول، ثم يتمّ الانتقال إلى تشخيص التوحد.
يوجد سبب وراء الخطأ في التشخيص، فالأطفال الأذكياء الذين يتمتعون بقدرة لفظية عالية عادةً لا يتم تشخيصهم بالإصابة بالتوحد. وبسبب ذلك، لا يتم تشخيص أعراض الطفل كمجموعة من الأعراض ذات الصلة، بل يتم النظر إليها على أنها قضايا فردية قد تكون علامات لمرض عقلي آخر.
هناك عدد من السلوكيات المشتركة في التوحد والأمراض العقلية الأخرى التي تتشابه في السمات، والتي يمكن أن تؤدي إلى تشخيص خاطئ.
التشابه بين التوحد وبين الأمراض العقلية الأخرى
السلوكيات المتعلقة بالقلق
الأطفال المصابين بالتوحد يمكن أن يثابر على أداء أمور معينة، أو روتين معين أو عبارات معينة. قد يكون هذا السلوك طريقة من أجل ضبط النفس لدى الأطفال المصابين بالتوحد. على أية حال، قد يكون هذا السلوك مطابقًا لبعض السلوكيات المتعلقة بالقلق والتي تعد سمة مميزة لاضطراب الوسواس القهري.
قصور في التواصل الاجتماعي
الأطفال المصابين بالتوحد يمكن أن يركزوا بشكل كبير على اهتماماتهم الخاصة، ويتجاهلوا من حولهم حيث يكونوا فاقدي القدرة على التواصل مع الآخرين. في التوحد، هذا السلوك يعد نتاج للقصور في التواصل الاجتماعي. في الاساس، قد لا يدرك الأطفال المصابين بالتوحد أن من حولهم يمتلكون أفكار أو مشاعر مختلفة عنهم.
قد يؤدي هذا السلوك إلى تشخيص خاطئ، حيث يمكن أن يكون مشابهًا للهوس بالنفسفي اضطراب الشخصية النرجسية.
فقدان التحكم بالعواطف
يفقد الأطفال المصابون بالتوحد غالبا السيطرة على عواطفهم ويعانون من نوبات غضب عاطفية قد تكون عنيفة في بعض الأحيان، ويمكن أن تحدث هذه الانهيارات بسبب الاعتداءات الحسية أو القلق أو الإحباط أو مزيج منها. وفي حالة الطفل الذي لم يتم تشخيصه بعد بالتوحد، قد يتم تشخيصه بشكل خاطئ على أنه اضطراب التحدي المعارض الذي يعتبر من الاضطرابات السلوكية.
يتلقى الأطفال ذوو التوحد عالي الأداء العديد من التشخيصات الخاطئة قبل تشخيص التوحد، وتشمل بعض التشخيصات الشائعة:
- اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، اضطرابات التعلم، صعوبات القراءة، وتأخر في النطق.
من المهم معرفة أن الأطفال المصابين بالتوحد عالي الأداء قد لا يتم تشخيصهم حتى مرحلة متقدمة في حياتهم أي في سن المراهقة أو البلوغ. عندما يحدث ذلك، قد يكون خادعًا. إعاقة النمو تظهر غالبًا في الطفولة، وقد يكون من الضروري البحث عن الأعراض في الماضي لاكتشاف العلامات التي تشير إلى وجود الإعاقة قبل البلوغ.
في حالة عدم وجود معلومات كافية عنطفولة الشخص، فسيكون من الصعب تشخيص التوحد حتى لو كان ذلك هو التشخيص الأنسب بناءً على الأعراض والسلوكيات.
الحالات الشائعة بين المصابين بالتوحد
في حين يتم تشخيص العديد من الأشخاص المصابين بالتوحد بشكل خاطئ بأنهم يعانون من أنواع مختلفة من الأمراض العقلية، يتم تشخيص الكثير منهم بشكل صحيح بأنهم يعانون من التوحد والأمراض العقلية. في الواقع، الأمراض العقلية شائعة بشكل أكبر بين الأشخاص المصابين بالتوحد مقارنة بالأشخاص الآخرين. ومن بين الاضطرابات العقلية الشائعة التي تصاحب الأشخاص المصابين بالتوحد هي الاكتئاب والقلق.
لا يوجد سبب واضح لحدوث التوحد، ولكن هناك بعض النظريات التي تشير إلى وجود صلة وراثية بين التوحد وبين الأمراض العقلية، وهناك نظريات أخرى تربط بين التحديات الشديدة للعيش في العالم المعاصر بالنسبة للأشخاص المصابين بالتوحد.
بالإضافة إلى الأمراض العقلية، يمكن للعديد من الأطفال والبالغين المصابين بالتوحد أن يتلقوا تشخيصات إضافية لإعاقة النمو. وعلى الرغم من أن الأعراض في كثير من الحالات مرتبطة بالتوحد فقط، فإنه في بعض الأحيان من المفيد معرفة أن الطفل يعاني من التوحد، ويمكن تشخيصه أيضا بإضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو صعوبات التعلم، أو فرط المنعكسات، أو متلازمة الموهوب، أو اضطراب آخر.
يمكن أن يكون التشخيص الثانوي مفيدًا أو لا يكون مفيدًا، ولكنه يساعد غالبًا الطبيب في توجيه علاجه وتقديم الدعم الأكاديمي والخدمات، ويمكن أن يساهم في تصحيح أخطاء التشخيص المحتملة.
بينما يكون هناك العديد من السلوكيات المشتركة في الأشخاص المصابين بالتوحد وبين الأشخاص المصابين بالأمراض العقلية، لكن من الضروري التفريق بين العوامل بين الأمراض العقلية وبين اضطرابات النمو في السلوكيات وكيفية الإدارة، لكن هذا لا يعني انفصال هذين الأمرين عن بعضهما، لأنهما غالبًا ما يتداخلان.