الدروس المستفادة من سورة التين
العبر والدروس المستفادة من سورة التين
تحتوي سورة التين على العديد من الدروس والعبر التي توضح للقارئ، ومن بين هذه العبر والدروس:
- أقسم الله تعالى بالتين والزيتون، الشجرتان المباركتان التي باركهما الله تعالى في بيت المقدس، وذلك لأن الأراضي الحجازية لا تنبت فيها هاتان الشجرتان المباركتان.
- أتم الله قسمه بجبل الطور الذي يقع في سيناء، وهو المكان الذي تواجد فيه موسى عليه السلام.
- لم يكف الله عن ذلك، بل قسم بعد ذلك ببيته الحرام في مكة المكرمة الذي ورد في قوله `وهذا البلد الأمين`.
- تبرز الآيات المباركة في سورة التين خلق الإنسان في أحسن صورة من بين الكائنات الأخرى، وتحمل دروسًا قيّمة حول قدرة الإنسان على التمييز بين الخطأ والصواب والحق والباطل والخير والشر، وهو حر في اختيارها.
- خلق الله الإنسان على فطرة إيمان”التوحيد”، وأعطاه العقل ليفهم الأمور ويسعى لاستخدام الأسباب الصحيحة. فإما أن يحافظ الإنسان على هذه الفطرة ليحصل على الأجر والثواب، أو يتبع الشهوات ويغمس نفسه في المعاصي ليهلك.
- خلق الإنسان الله من ماء وتراب ، وسوف يكون مأواه الأخير في التراب والماء عندما يلتقي بربه بأعماله.
- وعد الله سبحانه وتعالى بالثواب والأجر لأولئك الذين يحافظون على فطرتهم الإيمانية، حيث يخافون عذاب الله ويعملون الأعمال الصالحة لكي يرضى الله تعالى ويحظى برضاه. وقد أعد الله سبحانه وتعالى لهؤلاء جنات النعيم ونعم المأوى، حيث يكون أجرهم وثوابهم في الآخرة لا يضاهى.
- يتعجب الله سبحانه وتعالى من أكثر الناس كذباً بالدين، رغم معرفتهم بقدرة الله التي تتجلى في النعم الكثيرة التي أنعمها، وفي قدرته على الإبداع في خلق الكون وخلق المخلوقات بأبسط الأمور.
- إن الله هو الحاكم الأفضل والأحكم، فهو العادل الذي يربط العدل، والحكيم الذي يربط الحكمة، ويتجلى عدل الله يوم الحق يظهر فيه، وفي يوم القيامة يكون مثوى الذين ثقلت موازينهم بالحق الجنة، ومثوى الذين انتكست موازينهم بالباطل النار.
مقاصد سورة التين
سورة والتين والزيتون من السور المكية التي نزلت في مكة المكرمة في القرآن الكريم، وتأتي في المرتبة الخامسة والتسعين من سور القرآن الكريم، وتتكون من ثماني آيات محكمات، ولها فوائد ومقاصد وعبر كثيرة، منها
- قال تعالى: يقسم الله تعالى بشجرتي “التين” و”الزيتون” المباركتين، واللتان تنموان في بلاد الشام، وغالبا ما يقصد بها بيت لحم في فلسطين، وهي موطن السيد المسيح. ففي شبه الجزيرة العربية لا ينمو هذا النوع من الأشجار، ويقال إن شجرة التين هي التي أنزلت على سيدنا آدم وأمنا حواء في الجنة، وكذلك يفسر أن هذه الآية تشير إلى مدينة طورزيتا في بيت المقدس، كما يرى البعض أنها تشير إلى بيت المقدس بشكل عام، ويعتبر الزيتون رمزا لغصن الزيتون الذي حملته حمامة نوح عندما أرسلها من السفينة بعد الطوفان، ويقال إن الزيتون مرتبط بجبل سيناء، حيث ذكرت في القرآن الكريم بأنها تنمو في جبل سيناء وتعطي الدهن والصبغ للآكلين.
- قال تعالى: وطور سنين”: الله يشهد بجبل الطور وهو جبل في سيناء حيث تحدث موسى، رسول الله، مع الله سبحانه وتعالى.
- قال تعالى: بعد أن أكمل الله عز وجل قسمه العظيم، وجهنا إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، ومسقط رأس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وصلى الله عليه وسلم.
- قال تعالى: خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، ومن مظاهر نعمته عليه تميزه عن سائر الكائنات بالعقل، وجعله في أحسن صورة وأبدعها بين الخلق، وغرس فيه الفطرة الإيمانية، وخصص له الله في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تشيد بحسن خلقه وتميزه عن غيره.
- قال تعالى: ثم رددناه أسفل السافلين”: الله خلق الإنسان وزرع فيه الفطرة الإيمانية للتوحيد. طلب من الإنسان أن يحافظ على هذه الفطرة حتى يوم القيامة، حيث سيكون مصيره إما الجنة، وهي النهاية المثلى، أو النار، وهي النهاية السيئة.
- قال تعالى:إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون”: إن الأشخاص الذين يحافظون على إيمانهم ويعملون بالأعمال الصالحة، لهم أجر لا يحصى، وذلك بخلاف الأشخاص الذين يتلوثون بالأهواء والشهوات والمعاصي ولا يخافون الله ولا يفعلون ما يمرون به لنيل رضاه العلي، بل إنهم يؤدون واجباتهم والتزاماتهم ليواجهوا وجه الله بثبات، على عكس الذين يغوصون في الأهواء والمعاصي، حيث يعد لهم مأوى مناسب ليجربوا شر ما كانوا يعملونه.
- قال تعالى: يتساءل الله ويتعجب عن سبب انحراف البشر عن فطرتهم الإيمانية وعدم اتباعهم لأوامر الله، حيث ليس هناك سبب منطقي لهذا الأمر. فالله عز وجل خلق الكون وأبدع فيه، وأنعم على جميع المخلوقات بكرمه وحكمته. وجعل للإنسان عقلا يفكر به ليصل إلى الإيمان بالله تعالى النابع من سريرته. فكيف يمكن للناس أن يكفروا على الرغم من كل هذه النعم والأدلة والبيانات التي تثبت قدرة الله تعالى.
- قال تعالى: أليس الله بأحكم الحاكمين”: يعني بأن الله هو الذي يتحكم بالعدل ولا يوجد شيء يساوي عدله، وقد أعد الله يوما خاصا للحكم والذي سيعدل فيه بين الناس جميعا، وسيحاسب كل إنسان على أعماله، سواء كانت جيدة أو سيئة، فمن يتبع الحق ويطيع الله ويجتنب المعاصي سيجد مكانا جميلا، بينما من يعمل الشر ويفسد الأرض سيواجه عقابا شديدا.
تفسير سورة التين
منذ بداية الآيات الكريمة، بدأ الله سبحانه وتعالى بتقسيم شجرتين مباركتين وهما التين والزيتون. واستمر الله تعالى في تقسيمه على مر السنين إلى جبل سيناء المقدس، الذي تكلم فيه النبي موسى عليه السلام. ولم يكتف بذلك، بل استكمل الله تعالى إعجازه وتقسيمه من خلال بيت الله الحرام في مكة المكرمة. إن الله أقسم بمكانين مباركين ليبين إعجاز وحكم آياته. ومن خلال آياته، يوضح الله حكمته في تمييز الإنسان عن سائر الكائنات. إن الله خلق جميع المخلوقات وزرع الإيمان في قلوبها، ولكنه كرم الإنسان بالعقل ليتأمل قدرة الله وحكمته وسخاءه في عطائه. الحيوانات لا تتأثر بنقص الإيمان الذي خلقها الله عليه، أما الإنسان فيحاسب على أعماله لأن الله أعطاه العقل، ويجب عليه أن يتفكر في الأمور الصالحة والشريرة والحساب الذي سيواجهه بسبب أعماله. إن الله تعالى سيحاسب الإنسان بميزان يسجل فيه أعماله منذ الولادة حتى الممات، وسيحاسب عليها في الآخرة. إن الله عادل ويحب العدل، وجعل يوم العدل ليفرق بين الناس. فالذين يطيعون أوامر الله ويبتعدون عن مناهيه، لهم جزاء غير محدود. وعلى الإنسان أن يتجنب الكذب ويتمسك بالصدق في الدين، فالله هو الحاكم الذي سيدين بالعدل بين الناس في يوم القيامة.
سبب تسمية سورة التين
أقسم بالتين، وهو نوع من فواكه الجنة، والتين لا ينمو في الحجاز وشبه الجزيرة، وإنما ينمو في بلاد الشام، وهذا يشير إلى أن فلسطين هي مكان نمو هذه الفاكهة.