معنى حد الغيلة .. وكيف يتم تنفيذه .. وعلى من يطبق ؟ “
ما هي الغيلة في الشرع
أوضح الفقهاء أن الغيلة هي نوع من أنواع القتل الذي يحدث في مكان متواري عن الأنظار، حيث يقوم القاتل بقتل شخص ما لأسباب خسيسة أو للحصول على المال بطريقة غير شرعية. وبعض الفقهاء يرون أن الغيلة هي القتل الذي يهدف إلى الحصول على المال أو الولد أو الزوجة، ويشار إلى القتل الذي يتم بهذه الطريقة بكسر الغيل.
معنى الغيلة في الحديث
تختلف آراء العلماء حول معنى الغيلة، فقد قال مالك في الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة إن الغيلة هي أن يمارس الرجل الجنس مع زوجته وهي ترضع، ويطلق عليه “أغال الرجل” و”أغيل” إذا قام بهذا الفعل، وقد قال السكيت إنه يشير إلى أن المرأة ترضع وهي حامل، وثبت في صحيح مسلم (1442) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرغب في منع هذا الفعل، ولكنه تراجع بعد ذكره بأن الروم والفرس يمارسونه ولا يتأذى أولادهم.
يوجد تفسيران حول معنى الغيلة، فالأول يعتقد أنها وطء الزوجة المرضع، والثاني يرى أنها إرضاع الحامل لطفلها، وعلى الرغم من ذلك فإن الحكم الشرعي يجيز الغيلة، ويعود ذلك إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها، وروى الإمام مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنه يعتزل زوجته، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: “لماذا تفعل ذلك؟”، فأجاب الرجل: “أشفق على ولديها”، فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم الغيلة قائلا: “لو كان ذلك ضارا ضر فارسا والروم”، ولم يأت حديث يخالف هذه الإباحة إلا حديث ضعيف رواه أبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، وفيه نهي النبي.
ما هي الغلية عند المذاهب الأربعة
يشير مصطلح الغيلة في اللغة إلى السرقة أو الاستيلاء على شيء بشكل غادر من مكان لا يعلم به. ويمكن أن يشير أيضا إلى قتل الشخص بخداعه ونقله إلى مكان محدد ليتم قتله هناك. ويشير مصطلح الغوائل، الجمع لكلمة الغيلة، إلى الشر والهلاك والحقد الداخلي. ويعرف العلماء قتل الغيلة بأنه الخداع والقتل في مكان لا يراه أحد. ويتم تعريفه في الأصطلاح الشرعي وفقا للمذاهب الأربعة على النحو التالي
- يعرف المذهب الشافعي مصطلح “القتل غيلة”، وهو الحيلة التي يتم فيها القتل في مكان ووقت لا يستطيع أحد رؤيته.
- يعرّف المذهب الحنفي الغيلة بأنها الاغتيال حيث يأخذ الشخص إلى مكان مجهول ثم يقتل فيه.
- عرّف المذهب المالكي الغيلة بأنها اغتيال الرجل، ووصفوها بأنها كالحرابة.
- في المذهب الحنبلي، يسمى القتل على غرة بـ الغيلة، وهو الدخول إلى المنزل وقتل الأشخاص هناك لسرقة المال.
ما هو حد الغيلة
مرجع الأحكام الشرعية التي تنطبق في كل زمان ومكان هو القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وفيما يتعلق بقضية الحدود، يختلف الفقهاء في العديد من المسائل وفقا لاجتهاداتهم. فمثلا، في حكم حد الغيلة كانت العقوبة متفاوتة وفقا للآراء المختلفة. بعضهم يرون أنه حق مطلق لله تعالى، ولذلك فإن إقامة الحد في هذه الحالة واجبة. وبعضهم الآخر يرون أنه حق للإنسان، وبالتالي يجب تنفيذ القصاص في حقه. والمذاهب الأربعة قد ذكرت الأحكام وفقا للآتي:
- يعتقد المذهب الشافعي أن حد الغيلة يشبه حد القتل، وهو حق للعبد وليس لله ويجبعليه أن يتم محاكمته كحكم القصاص.
- وفقًا للمذهب الحنفي، يعتبر الحد الأقصى للغيلة حقًا للعبد، ويجب عليه القصاص أو دفع الدية في حالة القتل العمد.
- أما في المذهب المالكي، فقد تم تحديد حد الغيلة بحد الحرابة، أي يعد حدًا لله تعالى ويتم قتل الفاعل. وقد بينوا أن قتل الغيلة هو مفسدة عامة وتقع على المجتمع بكامله، ولذلك لا يوجد قصاص في هذه الجريمة ولا يتم العفو عنها.
- أعلن المذهب الحنبلي أن الغيلة مثل القتل المتعمد، ويجب أن يتم تطبيق حد القصاص عليها لأنها حق للعبد ولا يحق لله تعالى.
الغيلة هي من الحدود التي يعود أصلها إلى الإنسان، ولكن الله سبحانه وتعالى قد حدد في كتابه العزيز أن هذه الحدود هي حدوده، ولا يجوز التلاعب بها أو التعدي عليها، سواء في العفو أو في القصاص. يرون الفقهاء أن حد الغيلة يجب أن يطبق حتى في حالة عفو أهل القتيل عن الجاني، لأن هذه الحدود هي حدود الله التي يجب علينا عدم التعدي عليها. ومع ذلك، هناك آراء أخرى تسمح بالعفو وإسقاط حد الغيلة عن الجاني، خاصة إذا تسامح أهل الورثة أو القتيل مع الجاني، أو تم دفع دية لهم من الجاني.
طريقة تنفيذ حد الغيلة
إن حد الغيلة ينفذ بعدة طرق وتعتمد على طريقة تنفيذ القتل ويكون هذا الحد صادراً من المحكمة الشرعية بحق الجاني الذي ارتكب الجريمة، وممكن أن يختلف حكم هذا الحد بحسب نوع الحكم وسببه، وإن حد الغيلة ينفذ في الزنا واللواط وأيضاً في القتل، وقد رأى العلماء أن تنفيذ حد الغيلة يكون بــ:
- يقوم الإمام بتحديد العقوبة في حد الحرابة ويكون ذلك بناءً على تقديره الخاص .
- وبالنسبة لمن يرون أنه يجب تحديد العقوبة بترتيب محدد وليس بالاختيار، فإن حد الحرابة يعتمد على أسس خاصة بنوع الجريمة وطبيعتها، ويتم الترتيب على النحو التالي:
- عقوبة القتل أو سرقة المال للمجرم هي الإعدام بالصلب ولا يمكن العفو عنه.
- إذا قتل الجاني شخصًا دون أخذ المال أو سرقته، فإن العقوبة التي يواجهها هي الإعدام فقط دون الصلب.
- – “إذا قام المجرم بسرقة المال دون قتله، فإن عقوبته ستكون قطع يده اليمنى ورجله اليسرى.
- إذا قام المجرم بترويع الناس وتخويفهم فقط دون القيام بجريمة قتل أو إفساد، فإن عقوبته تكون النفي من الأرض التي يسكنها.
هل يجوز العفو عن القاتل غيلة
مناقشة قتل الغيلة هي مسألة مثار خلاف بين العلماء والفقهاء. يعتبر العفو في هذه الحالات أمرا صعبا لأن القتل، سواء كان عمدا أو عدوانيا، يتسبب في ضرر على الأسرة والمجتمع. لذلك، اتفقت المذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة على جواز العفو عن القاتل غيلة إذا وافق جميع أولياء المقتول أو بعضهم. أما الفقهاء، فاعتبروا أن قتل الغيلة يعد مثل قتل متعمد ويجب أن يعاقب القاتل بالقصاص كما في أنواع القتل الأخرى المتعمدة. وبالنسبة للمالكية، فلم يتفقوا مع المذاهب الأخرى بشأن جواز العفو، حيث لا يسقط الحد في حالة عفو أولياء المقتولين عن الجاني أو إذا جاء العفو من السلطان. إن تنفيذ العقوبة هو اختصاص السلطة.
الفرق بين حد الغيلة والقصاص وعلى من يطبق
حد الغيلة هو الحد الشرعي الذي يمكن تطبيقه على الجاني من خلال الدفعة النقدية أو القصاص أو القتل، والقصاص يعني قطع الأثر، ولكن بالمعنى القانوني فهو تطبيق العقوبة على الجاني بما يتوافق مع فعله، أي إذا جرح المجني عليه فيجرح الجاني، وإذا قتل فيقتل، والقصاص هو العقوبة المناسبة للجاني المتعمد والغيلة، وسوف نوضح ذلك بالتفصيل فيما يلي
- إذا كان حد الغيلة يعتبر مثل الحرابة، فلن يكون هناك قصاص أبدًا، ويتوجب في هذه الحالة القتل بشرط أن يكون بحكم السلطان. ولكن إذا تم اعتبار القتل بحد الغيلة مثل القتل العمد، وعلمًا بأن القتل بحد الغيلة هو القتل بالغدر، في هذه الحالة يتم الحصول على القصاص أو التعزير، أو يمكن أن تكون العقوبة بدفع الدية.
- أما الحد بالقتل يكون على ثلاثة أنواع وهي : القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ، وعليه فيكون القصاص في القتل العمد خاصة أو الدية حسب أولياء المجني عليه، بدليل الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}.