هل يشعر الميت بزيارة أقاربه له ؟ .. لـ ابن باز
ما هو شعور أهل الميت عند زيارته في قبره
أسوأ شعور يمكن أن يصيب الإنسان هو شعوره بألم الفراق بعد وفاة أحد المعارف أو الأصدقاء أو الأشخاص الأقرب إليه. في هذا الوقت، قد يشعر بوخز شديد في صدره يشبه الطعنات، مما يجعله يشعر بالحزن والألم العميق. عليك أن تعلم، عزيزي القارئ، أن أهل المتوفى يشعرون بالكثير من المشاعر غير المتوازنة منذ اللحظات الأولى للوفاة، مما يدفعهم لزيارة المتوفى باستمرار، على اعتقادهم بأن ذلك سيخفف وحدة الحزن وأن المتوفى يحتاج إلى وجودهم ودعائهم. ولكن هل هذا التفكير صحيح
عموما، يجب على المسلم عدم التقصير في واجباته تجاه الموتى، والتي تتضمن زيارة المقابر والدعاء باستمرار لهم ولجميع المسلمين، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول “كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، فإنها تذكر الآخرة.
أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور، حيث تشكل تذكرة للآخرة والحياة الأخرى. لذلك، يجب علينا جميعًا عدم انقطاع زيارتنا لقبور المسلمين والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة.
عندما يزور أهل المتوفى قبره، يتذكرون أنها آخر رحلة في حياة الإنسان، ومن ثم يتوجهون مباشرة للقاء الله سبحانه وتعالى، ويدركون أن رحلة الإنسان في الحياة الدنيا قصيرة جدا، وما هي إلا وقتا قصيرا وأياما معدودة وسيلاقون الله سبحانه وتعالى.
هل يشعر الميت بزيارة أقاربه له
هل فكرت يوما فيما إذا كان الميت يشعر بوجودك بجانبه عندما تزوره؟ ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن القبر إما يكون روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
فإذا كان هناك إحساس بالنعيم، كان هناك احساس بالعذاب الأليم، ومن حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ : اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ)
قد يبدو الأمر غريبًا إلى حد ما، إذ يتم دعاء المتوفى بعد دفنه مباشرة، ولكن ذلك ينتج عن اعتقاد أن الدعاء والصلاة والاستغفار عن المتوفى ينفعه بعد موته.
لا يوجد دليل في السنة النبوية يثبت أن الموتى يشعرون بوجود الأحياء، ولكن من المهم أن ندعو لهم ولجميع موتى المسلمين ونترحم عليهم جميعًا، فذلك هو الإحسان إلى الموتى.
وعند الحديث عن ذلك، فإننا نذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من زار أخاه المسلم، فعرفه وسلم عليه، رد الله عليه السلام،” وهذا ما رواه ابن عبد البر وابن أبي الدنيا بإسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ذلك فيما معناه، أنه عند زيارة القبور فلابد من الدعاء لجميع الموتى، سواء كنت تعرفهم أو لا فقد وجب الدعاء لهم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا قبور المسلمين، أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية.
وكان الموتى يردون عليهم السلام، إذا دخلوا عليهم، ولكن إذا نظرنا إلى أنه يشعر بالزائر أو لايشعر، فذلك سوف يحتاج إلى وجود دليل وبرهان واضح وصريح من الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم، ولكن ذلك الأمر قد لا يهمنا إلى حدا كبير، وايضا لا يضرنا في شيء إذا عرفنا أنهم يشعرون بنا أم لا.
فكل ما علينا هو أن نصل لهم بالدعاء، ونطلب لهم الرحمة والمغفرة، فذلك هو الأفضل بالنسبة لهم حتى لو لم يشعروا بذلك. أما زيارة الأحياء للقبور، ففيها فائدة وأجر عظيم، حيث تذكرنا بالآخرة والحساب، وتوجد رهبة عند النظر إلى القبور .
في حديث آخر، يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل القبور ويسأل الله لهم المغفرة والعافية في الآخرة، وهذا هو الواجب بالنسبة لنا تجاه الموتى .
كيف تكون الزيارة في القبور
كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقف على القبر ويدعو للمتوفي، أو يقف على حافة المقبرة ويسلم عليهم ويقول لهم ” السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية ” أو أن يقول ” السلام عليك يا فلان ورحمة الله وبركاته، غفر الله لك، ورحمك الله، وضاعف حسناتك، ونحوها طيب “
يزور العديد من الناس قبور المسلمين، سواء كانوا يقفون على القبر مباشرة أو خارج المقبرة نفسها، ولكن الرسول أوضح لنا أنه لا فرق بين مكان الزيارة، فالدعاء يصل للمتوفى أينما كنت .
هل ينتفع الميت بالدعاء وهل يعلم من دعا له
بالطبع، يستفيد الميت كثيرا من الدعاء، كما ذكر في السلف الصالح، حيث يقول الله عنهم: `والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان` [الحشر: 10]، فالدعاء يفيد الميت كما ذكر الله عن المؤمنين من السلف الصالح، حيث يقول الله عنهم في كتابه الحكيم: `والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان` [الحشر: 10]
فالدعاء في كل الأحوال ينفع الميت، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو معرفة تعود بالفائدة، أو ولد صالح يدعو له ” . ومن خلال ذلك قد شرع الله في صلاة الجنازة، وهي صلاة بعد التكبيرة الثالثة، حين يستغفرون له ومن ثم يترحمون عليه ايضا.
يعتبر الدعاء من أفضل الأمور التي يمكن أن يتم إهداؤها للميت، وذلك لأنه يحظى بإجماع المسلمين، كما أن الصدقة والحج والعمرة عنه تفيده كثيرا عند الله، سواء كانت من قبل أقاربه أو غيرهم، حيث يضع كل ذلك في ميزان حسناته ويزيد من منزلته عند الله .
هل يسمع الميت صوت البكاء عليه
بالطبع، هناك اختلاف في الآراء حول هذا الموضوع. عندما تعلم بوفاة شخص، خاصة إذا كان قريبا، يكون سماع الخبر صدمة لقلوبهم، فينهارون ويبكون لفراقه. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: `إن الميت يعذب في قبره بسبب نحيح الناس له، والنياحة هي رفع الصوت. لذا، لا يجوز لأهل الميت أن ينوحوا، أما البكاء بدموع العين وحزن القلب فلا يضره`. فبكاءهم عليه لا يضره، وليس هناك دليل مؤكد على أنه يسمعهم.
ولكن النياحة وهو يتمثل في البكاء بصوت عالي والنواح ايضا، هو أمر مكروه تماما، فمن الممكن وأن يتسبب في عذابه في القبر، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم حين مات ابنه ابراهيم قال العين تدمع والقلب يحزن، وتلك الوصية بأن لا يناح على الميت هي لكل مسلم ومسلمة، فهي لا تنفعه ولا يسمعه الميت بل يضره .