هل يجوز دخول الحرم للحائض
تعني كلمة الحيض في اللغة العربية الفيضان والسيلان الخفيف من داخل شيء، مثل فيضان الصمغ من الشجرة أو فيضان الدم من رحم المرأة، ويتكون حيض المرأة من دم يفرزه الرحم عندما تصل الفتاة إلى مرحلة البلوغ، ويأتي في أوقات معينة، وتشير كلمة الحيض إلى النساء اللواتي يعانين منه.
وفي الدين الإسلامي، لا يحق للمرأة الصلاة أو أداء الشعائر والطقوس الدينية مثل الصوم أو الطواف حول الكعبة. ومع ذلك، يمكن للمرأة الحائض أن تقوم بجميع الأعمال الأخرى في حياتها الاجتماعية بشكل طبيعي. وقد حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم النساء الحائض على المشاركة في الاحتفالات بالعيدين، حتى وإن كانت معذورة من أداء الصلاة. وقد اختلف الفقهاء حول إذا ما كانت الحائض محظورة من دخول المسجد الحرام، فبعضهم أشار إلى الحظر وبعضهم أشار إلى جواز دخولها وعدم الحظر.
حرمة ذهاب المرأة الحائض إلى الحرم
يعتقد بعض العلماء أن ذهاب المرأة إلى الحرم الشريف والصلاة مع الناس وهي في فترة الحيض، وتعلم بحيضها فعل منكر عظيم لسببين. الأول هو أن الصلاة ليست مفروضة عليها، والثاني هو أنها لا يمكن أن تتلبس بالصلاة وهي في فترة الحيض وتكون صلاتها باطلة، لأنها ممنوعة شرعاً من الصلاة خلال فترة الحيض.
2- بالنسبة للنساء الحائضات، لا يسمح لهن بالجلوس في المسجد الحرام، وذلك لأن النساء الحائضات والرجال الجنب ممنوعون من الجلوس في المسجد، حتى إذا كان لديهم ضرورة للمرور أو العبور، فإنهم غير مسموح لهم بالبقاء في المسجد.
3- ثبتت لأهل العلم حرمة دخول الحائض للمسجد الحرام والبقاء فيه، بناء على ما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المسجد `فإني لا أحله لحائض ولا جنب`، واستدلوا أيضا بما ورد في صحيح مسلم والمسند وغيرهما أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم `ناوليني الخمرة من المسجد`، فقلت إني حائض فقال `إن حيضتك ليست في يدك`. وفسروا هذا الحديث بأن السيدة عائشة كانت تعلم أن الحائض لا تدخل المسجد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمح لها بذلك فحسب، بل أخبرها أن تمد له الخمرة فقط من المسجد، وفي هذه الحالة لا يعتبر دخولا للمسجد، وهذا يعني منعها من الدخول إلى المسجد أثناء الحيض .
4- وأكد هؤلاء على ما ذكروا من أدلة بأن المسجد الحرام يعامل كغيره من المساجد في هذا الحكم وأكثر كونه أولى بالمنع لشرفه العظيم ومكانته الكبيرة، ويدخل في ذلك كل ما كان داخلا في مسمى المسجد الحرام، بعد الباب من الداخل، وأيضا المنطقة الواقعة بين المسعى والصحن كونها تعد من المسجد الذي لا يجوز للحائض البقاء فيه.
5- والأماكن التي ليست من المسجد مثل المسعى بين الصفا والمروة، يسمح للمرأة الحائضة بالدخول إليها لأنها مشروعة بالنسبة لها للقيام بالسعي بين الصفا والمروة. وقد استدل على ذلك بما ذكرته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم عندما كانت في حالة الحيض: “أد ما يؤديه الحاج، ولكن لا تطوفي حول الكعبة.
حرمة دخول الحائض للمسجد النبوي أو المسجد الحرام
يقول بعض العلماء أنه لم ترد نصوص شرعية تمنع دخول المرأة الحائض إلى المدينة المنورة ومكة المكرمة، ويقولون أن ما ورد في النصوص يعاكس المنع، حيث لا يتم منع النساء الحائضات اللواتي يأتين لأداء الحج أو العمرة، ولكن يحظر عليهن فقط أداء الطواف في البيت الحرام، وقد استند العلماء إلى رأيهم بأن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وكانت حائضة قبل دخولها إلى مكة، ولم يمنعها الرسول من دخول مكة، بل أمرها بأن تؤدي جميع المناسك التي يؤديها الحاج تعدا الطواف، ويحجب الحاجة عن الطواف حتى تطهر، وأما دخول المرأة الحائضة للمسجد النبوي في المدينة المنورة أو المسجد الحرام في مكة أو أي مسجد آخر، فلا يجوز.
لا دليل صريح يمنع الحائض دخول المسجد
قال بعض العلماء في ردهم على من قالوا إنه حرام منع المرأة الحائض من دخول المسجد، إن الأصل هو عدم المنع، وليس هناك دليل صريح يمنع دخول المرأة الحائض للمسجد، وقد استدل هؤلاء العلماء بحديث للسيدة عائشة رضي الله عنها الذي رواه البخاري وغيره من الرواة: “أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها .. فجاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأسلمت”، وقالت أم المؤمنين عائشة أن المرأة “كان لها خباء في المسجد أو حفش”، ولم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه منع المرأة الحائض من دخول المسجد خلال فترة الحيض.
أكد العلماء ما وصلوا إليه من عدم منع الحائض من دخول المسجد، وقالوا إنه لا يجوز الاعتراض على الحديث السابق بحجة أنها واقعة عين وحادثة حال لا تعم الناس، لأن تخصيص تلك الواقعة يضعف من أصل لا يمنع، ويليه قول النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم لا ينجس، ويؤيده أن أهل الاعتكاف في المساجد يمكن أن يحتلم أثناء نومهم، وأن المرأة المعتكفة قد تحيض، وهذه أمور طبيعية يعرفها الناس، ولكن لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بمنع المحتلم المعتكف ولا المرأة الحائض من الدخول إلى المسجد، لأنهم يعتكفون فيه من الأص.
يؤيدون رأيهم في عدم منع السيدة عائشة صلى الله عليه وسلم من دخول المسجد والبقاء فيه خلال حجة الوداع وهي حائض، وأنه فقط منعها من الطواف بالبيت لأنه يعتبر صلاة.