اسلاميات

هل الشخص الميت يعرف أنه مات

لا يوجد شك في أن الميت يعلم أنه قد مات بمجرد دخوله القبر، وذلك وفقا لما جاء في الحديث برواية الإمام أحمد وغيره من حديث البراء الطويل. وفي الحديث، يقول المؤمن: “تعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيسألانه: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي مناد في السماء: “أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة.” ويأتي الميت من روحه وطيبها، ويفسح له في قبره ومد بصره. ويأتي إليه رجل حسن الوجه والثياب والرائحة الطيبة، فيسأله عن أعماله، ويقول له: “أنت عملك الصالح.” فيقول الميت: “ربي أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.” وصحح هذا الحديث الأنوار الطوسية .

وفي شرح مسلم للنووي قال: يُمكن تفسير هذا الفسح بأنه ربما يمنحه مجالًا واسعًا ويزيل عنه أي عوائق كثيفة قد تحيط به، مما يجعله يتجنب ظلمات القبر وضيق الأنفس عندما يعود إلى روحه، ويمكن تفسير الفسح أيضًا على أنه مثال أو رمز للرحمة والنعيم، مثلما يقال “سقى الله قبره”، والتفسير الأول هو الأكثر صحة، وهناك تفسيرات أخرى.

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: إذا وضع العبد في قبره وتولت عنه أصحابه، يسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان فيقعدانه، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، فيراهما جميعا. وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة، يسمعها من يليه غير الثقلين.

ما يشعر به الميت في قبره

هذه المسألة كانت محل نقاش علمي واختلاف بين العلماء، حيث تباينت وجهات النظر حول إمكانية سماع الموتى للأحياء وهم في قبورهم. فمن العلماء من أكد أن الميت يمكنه سماع الأحياء، ومنهم من نفى ذلك، ومن بين هذه الأقوال:

أكد جمهور العلماء أن الميت يشعر بمن يزوره في قبره، واستدلوا على قولهم هذا من الحديث الشريف الوارد في الصحيحين. فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – عند ترك أهل الميت بعد دفنه: `إن الميت إذا وضع في قبره، يسمع صوت نعالهم وهم ينصرفون`. وفي رواية أخرى: `إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه`. ومن هذا الحديث يتضح بوضوح أن الميت يسمع صوت نعال أهله ومحبيه عندما يغادرون القبر.

_ ما ذكر في حديث خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لقتلى بدر من المشركين؛ فقد ذكر في الصحيح: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاث مرات، ثم أتاهم فقام عليهم وناداهم، قائلا: يا أبا جهل بن هشام! يا أمية بن خلف! يا عتبة بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدتم ما وعد ربكم بالحق؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي بالحق، فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: كيف يسمعون وكيف يجيبون وقد همشوا؟ فقال: والذي نفسي بيده، إنكم لستم بأسمع مما أقول منهم، ولكنهم غير قادرين على الرد، ثم أمر بهم فسحبوا، وألقوا في قليب بدر) فإذا نظرنا إلى كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نجد بوضوح قوله بأن الموتى يسمعون كلام الأحياء، عندما قال لعمر: (أنتم لستم بأسمع مما أقول منهم)، ولكنه نفى عنهم القدرة على الرد على ما يسمعون، فأثبت لهم السمع ونفى الكلام عنهم.

قد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر الصحابة بالسلام على أهل القبور، مما يدل على أنهم يسمعون كلام الأحياء، وإذا كانوا لا يسمعون، لما أمر بهذا الأمر، وإنما أمر بهذا الأمر وهم يسمعون كلام الأحياء، فإذا كانوا لا يسمعون، لكان أمره لا معنى له، ولا ينبغي لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكون لغوا أو بدون معنى.

نفت السيدة عائشة، أم المؤمنين، مسألة قدرة الموتى على سماع كلام الأحياء. واتفق معها في ذلك جماعة من المحتلفين وبعض العلماء المعاصرين مثل ابن باز وابن عثيمين وغيرهما. استدلت السيدة عائشة على قولها بآية قرآنية تقول: `إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين`

وبقوله تعالى: وأنت لست بمسمع لأولئك الموجودين في القبور. أما سماع أهل القليب للنبي عندما خاطبهم بعد معركة بدر، فيرونها معجزة خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنها لا تحدث إلا للنبي وحده ولا يمكن أن يشهد بها أحد آخر من الخلق. وبالنسبة لقولهم `يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه`، فقد قالوا: إن هذا يحدث للميت عندما يوضع مباشرة في القبر، حيث تعود الروح إليه حتى يحاسبه الملكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى