السكري هو مرض يتميز بزيادة مستويات السكر في الدم، وتثار تساؤلات عديدة حول ما إذا كان تناول السكر يمكن أن يسببه. وعلى الرغم من أن تناول كميات كبيرة من السكر قد يزيد من خطر الإصابة بالسكري، إلا أن تناول السكر هو جزء فقط من اللغز، حيث تؤثر العوامل الأخرى مثل النظام الغذائي العام ونمط الحياة وعلم الوراثة أيضا .
ما هو مرض السكري ؟
يحدث داء السكري عندما يفقد الجسم القدرة على تنظيم مستويات السكر في الدم بشكل فعال، ويمكن أن يحدث هذا عندما يتوقف البنكرياس عن إنتاج كمية كافية من الأنسولين، ويعد الأنسولين هو الهرمون المسؤول عن نقل السكر من الدم إلى الخلايا .
إذا ارتفعت مستويات السكر في الدم لفترة طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات مثل زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، بالإضافة إلى تلف الأعصاب والكلى .
النوعان الرئيسيان لمرض السكري
النوع الأول : يحدث هذا عندما يهاجم جهاز المناعة البنكرياس مما يؤدي إلى تدمير قدرته على إنتاج الأنسولين .
النوع الثاني : يحدث عندما يتوقف البنكرياس عن إنتاج كمية كافية من الأنسولين، وعندما لا تستجيب خلايا الجسم للإنسولين الذي ينتجه .
“يُعد مرض السكري من النوع الأول نادرًا نسبيًّا، وهو يعتبر وراثيًا إلى حد كبير ويشكل ما بين 5-10% من جميع حالات السكري .
مرض السكري من النوع الثاني، والذي سيتم تناوله في هذا المقال، يشكل أكثر من 90٪ من حالات مرض السكري، ويحدث أساسًا بسبب النظام الغذائي ونمط الحياة الذي يتبعه الفرد .
السكر
عندما يتحدث معظم الناس عن السكر ، فإنهم يشيرون إلى السكروز أو سكر المائدة المصنوع من بنجر السكر أو قصب السكر ، والذي يتكون من جزيء واحد من الجلوكوز وجزيء واحد من الفركتوز ، وعند تناول السكروز يتم فصل جزيئات الجلوكوز والفركتوز بواسطة إنزيمات في الأمعاء الدقيقة قبل امتصاصها في مجرى الدم .
يؤدي زيادة مستويات السكر فيالدم إلى إعطاء إشارة للبنكرياس لإفراز الأنسولين، ويقوم الأنسولين بنقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا حيث يمكن استقلابه لتوليد الطاقة .
يتم نقل الفركتوز إلى الكبد لتحويله إلى جلوكوز أو دهون، ولقد تم ربط زيادة استهلاك الفركتوز بارتفاع مستويات الدهون الثلاثية والكبد الدهني وزيادة حمض اليوريك في الدم، وهذا يؤدي إلى الإصابة بمرض النقرس .
هل يزيد السكر من خطر الإصابة بمرض السكري ؟
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يشربون بانتظام المشروبات المحلاة بالسكر لديهم خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 يزيد بنسبة 25٪، وأن شرب كوب واحد فقط من المشروبات المحلاة بالسكر يوميًا يزيد الخطر بنسبة 13٪ .
على الرغم من أن هذه الدراسات لا تثبت أن السكر يسبب مرض السكري، إلا أن العديد من الباحثين يعتقدون أن تناول السكر يزيد من خطر الإصابة بالسكري بشكل مباشر وغير مباشر .
يمكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة من السكر إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري بشكل غير مباشر، من خلال المساهمة في زيادة الوزن والدهون في الجسم، وهي عوامل خطر منفصلة أخرى تسهم في الإصابة بالمرض .
توصي منظمة الصحة العالمية بالحصول على ما لا يزيد عن 10٪ من السعرات الحرارية اليومية من السكريات المضافة التي لا توجد بشكل طبيعي في الأطعمة، وذلك لتقليل الآثار السلبية لاستهلاك كميات كبيرة من السكر .
السكريات الطبيعية ليس لها نفس التأثير
في حين أن تناول كميات كبيرة من السكريات المضافة قد ارتبط بمرض السكري، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على السكريات الطبيعية، فالسكريات الطبيعية هي تلك الموجودة في الفواكه والخضروات، وهذه الأنواع من السكر موجودة وسط كميات من الألياف والمياه ومضادات الأكسدة والمواد المغذية الأخرى، لذلك يتم هضمها واستيعابها بشكل أبطأ، ويقل احتمال تسببها في ارتفاع السكر في الدم .
ماذا عن عصير الفاكهة ؟
تشير العديد من الدراسات إلى وجود ارتباط بين تناول عصير الفاكهة والإصابة بمرض السكري، وربما يعود ذلك إلى ارتفاع نسبة السكر في العصير وانخفاض محتوى الألياف، ولكن لم تظهر جميع الدراسات هذه النتائج، ولذلك يتعينى الحاجة إلى إجراء مزيد من الأبحاث في هذا الصدد .
ماذا عن المحليات الطبيعية ؟
على الرغم من أن المحليات الطبيعية مثل العسل تصنع من مصادر نباتية طبيعية ، فإنها تحوي نسب عالية من السكروز والفركتوز وتعتبر من مصادر السكر المضاف عند استخدامها في الطهي ، لذلك يجب استهلاكها باعتدال مثل كل السكريات المضافة ، بحيث تشكل أقل من 10٪ من السعرات الحرارية اليومية وهو الحد المسموح به كما ذكر سابقا .
هل تزيد المحليات الصناعية من خطر الإصابة بالسكري ؟
المحليات الصناعية هي مواد صنعها الإنسان توفر شعورا بالحلاوة دون أي سعرات حرارية، وعلى الرغم من أن المحليات الصناعية لا تزيد من مستويات السكر في الدم، فإنها مرتبطة بتطور مقاومة الأنسولين وداء السكري من النوع 2 .
من غير وضوح سبب زيادة خطر الإصابة بالسكري بسبب المحليات الاصطناعية ، لكن هناك نظريات متنوعة
- تزيد المنتجات المحلاة اصطناعيًا من الرغبة الشديدة في تناول الطعام، مما يؤدي إلى زيادة استهلاك السكر والوزن، مما يزيد من خطر الإصابة بالسكري.
- تعوِّل الجسم على القدرة على تعويض السعرات الحرارية المستهلكة من السكر بشكل صحيح، ولكن المحليات الاصطناعية تعطل تلك القدرة، لأن الدماغ يربط الذوق الحلو بالسعرات الحرارية .
- يمكن للمحليات الاصطناعية تغيير نوع وعدد البكتيريا التي تعيش في القولون، مما يمكن أن يؤدي إلى عدم تحمل الجلوكوز، وزيادة الوزن، والإصابة بمرض السكري .
على الرغم من وجود صلة بين المحليات الاصطناعية ومرض السكري، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بينهما بالتحديد .
عوامل الخطر الأخرى للإصابة بمرض السكري
على الرغم من أن استهلاك كميات كبيرة من السكر المضاف يزيد من خطر الإصابة بالسكري، إلا أن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر بشكل هام، مثل:
- وزن الجسم : تشير الدراسات إلى أن السمنة تعتبر عاملًا رئيسيًا في الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني .
- التدخين : يزيد تدخين 20 سيجارة أو أكثر في اليوم من خطر الإصابة بمرض السكري بشكل مضاعف .
- توقف التنفس أثناء النوم : تعتبر حالة توقف التنفس أثناء النوم حالة يحدث فيها انقطاع التنفس أثناء الليل .
- علم الوراثة : إذا كان أحد الوالدين مصابًا بداء السكري من النوع الثاني، فإن خطر الإصابة بهذا المرض يصل إلى 40٪، وإذا كان كلا الوالدين مصابين، يصل الخطر إلى حوالي 70٪ .
الحمية الغذائية التي تخفض خطر الإصابة بمرض السكري
بالإضافة إلى تقليل السكريات المضافة، هناك العديد من التغييرات الغذائية الأخرى التي يمكن اتباعها لتقليل خطر الإصابة بالسكري، وتشمل هذه التغييرات ما يلي:
- اتباع حمية غذائية كاملة : تشير الدراسات إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالمكسرات والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري .
- شرب القهوة : شرب القهوة قد يقلل من خطر الإصابة بنوع السكري الثاني .
- تناول الخضار الورقي الأخضر : تشير الدراسات إلى أن تناول الغذاء الغني بالخضراوات الورقية الخضراء يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بداء السكري بنسبة 14٪ .
- إذا كان خفض كمية السكريات المضافة أمرًا صعبًا بالنسبة لك، فيمكنك البدء بتقليل تناول المشروبات المحلاة بالسكر، والتي تعتبر المصدر الرئيسي للسكريات المضافة .