نكران الجميل في علم النفس
تعد صفة نكران الجميل من إحدى الصفات المذمومة ، و التي إذا ما وجدت بأي شخصاً كانت دليلاً دامغاً على خسة نفسه ، و مرض قلبه علاوة على نقصان إيمانه بل أن هذه الصفة تتنافى مع الطبيعة الإنسانية السليمة ، و التي تحب بطبيعتها من أحسن إليها بل ، و تتوقف إيذاء من أساء إليها .
لذلك، يعتبر من الصعب العثور على شخص يكون ناكرًا للجميل، ويتصف بالشمولية في نفسه أو في شخصيته، وفي سلوكه تجاه الآخرين، ولذلك يكون المعروف والشكر مهملًا لدى هذا الشخص، ويتم تجاهله في الغالب، ويتم تقليل قيمة كل جميل أو عمل حسن يقدم له.
من الضروري عدم شعور الشخص الذي قام بعمل الجميل بأنه مميز أو كريم أو نبيل، وعدم إنكار الجميل هو تدمير لقيم المجتمع وثوابته. وهناك العديد من الأمثلة التي نراها أو نسمع عنها في مجتمعنا الحالي والتي تتصف بهذه الصفة السيئة، مثل عقوق الوالدين عن طريق إنكار فضلهما وجميلهما .
أمثلة على نكران الجميل
يمكن لبعض الأبناء الجاحدين أن يصلوا إلى حد النكران للجميل ويرسلوا والديهم إلى دار للمسنين أو إلى أشخاص آخرين بعيدين عنهم، وهذا يحدث بعد أن يتمكنوا من استغلالهم وإهمالهم بسبب الشيخوخة أو المرض ونسيان كل ما قدموه من تضحيات.
لا يهم إذا كانوا قد قدموا وقتاً أو بذلوا جهداً في تربيتهم، فكم من أم فقدت زوجها وهي لا تزال في سن مبكرة، ولكنها صبرت واحتسبت الأجر وكافحت وسهرت الليالي من أجل رعاية أولادها ليصبحوا أشخاصاً صالحين ونافعين.
عندما ينجح الناس ويصبحون أغنياء، ينسون جميع التضحيات العظيمة التي قدموها، ولا يحتفظون بالمعروف والفضل، والأدهى من ذلك أنهم يهملون أمهاتهم في بعض الأحيان ولا يحسنون معاملتهن، ويفضلون زوجاتهم عليهن .
بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضًا مفهوم عقوق المبتعث، حيث يعد المبتعث أحد الأشخاص الذين وثق بهم ملكهم ومجتمعهم، وتم صرف مبالغ مالية كبيرة من قبل دولتهم لتعليمهم وتنميتهم ورفع مستواهم، ومع ذلك فإن العقوق يأتي عندما يلجأ المبتعث إلى ارتكاب جرائم ضد وطنه ومجتمعه وإخوانه وأهله وبلدته .
و مثالاً أخر على نكران الجميل موظفاً كان مديره سبباً في الارتفاع بمستواه الوظيفي أو المهني ، و ما لبث أن تنكر له ، و لفضله أو لصديق مخلصاً وقف إلى جواره سواء بفكره أو بماله أو مشورته أو لزوجة مخلصة ضحت بالكثير من أجل سعادة ، و ثراء زوجها ، و نجاحه ، و استقراره أو العكس .
ثم نرى مقابل كل هذا المعروف الجحود ، و النكران بل أن هناك بعضاً من الناس يدعون المولى جل شأنه ، و يتضرعون إليه ليل نهار ليعطيهم المال أو الولد فإذا أعطاهم الله تعالى من فضله نسوا كرمه ، و فضله ، و بدلاً من أن يشكرون نعمته ، و يوجهون ما أعطاهم الله في مرضاته نراهم يستعملون تلك النعم فيما يغضب الله عز وجل .
و قد عرف العلماء ناكر الجميل بأنه هو ذلك الشخص الذي لا يعترف بلسانه بما يقر به قلبه من المعروف أو الصنع الجميل الذي قدم له ، و قد جاء بعضاً من أقوال الفضلاء لتؤكد على هذا في أقوالهم (الكريم شكور أو مشكور) بينما (اللئيم كفور أو مكفور) .
فالنفس البشرية السليمة ، و السوية تحب ، و تقدر بفطرتها كل من يقدم لها الإحسان ، و الخير بل أن الإحسان يقلب مشاعرها العدوانية إلى موالاة ، و حب كما جاء في قوله تعالى (أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عدواه كأنه ولي حميم) صدق الله العظيم، و في تلك الأية القرآنية الكريمة تأكيداً صريحاً على أهمية تقديم الإحسان ، و دوره في تغيير المشاعر العدوانية إلى مشاعر الدفء ، و الحب .
أهم الآثار ، و العواقب السلبية لنكران الجميل
هناك عدد من النتائج السلبية المترتبة على نكران الجميل، وتشمل ما يلي
تؤدي قطع الأواصر والروابط بين الناس إلى ظهور الكراهية والضغائن .
٢- يؤدي نسيان الجميل إلى فقدان النعمة بعد الحصول عليها .
3- جلب الشقاء ، و سوء الحال .
– يجب على الناس تجنب نسيان الجميل، وخاصة في حالة الحاجة إلى المساعدة .
نكران الجميل في علم النفس
عادةً ما تتفاوت درجة السلوك السلبي من شخصاً إلى أخر ، و يوجد عدداً من الصفات السلبية في السلوك مثال التشاؤم (العزلة ، و التكاسل) إضافةً إلى نكران الجميل ، و يعرف السلوك السلبي بأنه من أحد الأنماط السلوكية التي تصدر عن بعضاً من الأشخاص بشكل غير مباشر ، فتكشف بناءا على ذلك عن خبايا نفوسهم ، و مشاعرهم بشكل واضح ، و صفة نكران الجميل من إحدى أهم تلك الصفات السلبية المدمرة لصاحبها بل ، و الدلالة على معاناته الداخلية ، و عدم سلامة شخصيته من الناحية النفسية .
لذا، ينصح الأطباء النفسيون أولئك الذين يعانون من ميلا لنكران المعروف أو الجميل باللجوء إلى استشارة أحد أطباء النفس فورا، وذلك للحصول على المساعدة في تشخيص جوهر مشكلتهم وتقديم الخيارات العلاجية المتاحة لتغيير سلوكهم والتخلص من هذا السلوك السلبي الذي يؤدي في الغالب إلى فقدانهم لعلاقاتهم الاجتماعية .