نظرية حارس البوابة
تشهد العالم يوميا ملايين الأحداث التي تحدث على جميع المستويات، ولكن عدد قليل من هذه الأحداث يتحول إلى أخبار، من خلال ما يعرف بنظرية حارس البوابة، حيث يقرر الشخص ما إذا كان سينقل هذا الحدث أم لا، وكيفية نقل المعلومات حول هذا الحدث. وهذا يعني وجود عدة قرارات تتخذ في الفترة بين وقوع الحدث ونقله كخبر، وتشار إلى هذه القرارات باسم البوابات، ويطلق على المتخذ للقرار اسم حارس البوابة .
نظرية حارس البوابة
تتألف نظرية حارس البوابة من مرحلتين رئيسيتين؛ الأولى هي وقوع الحدث وتحويله إلى خبر، والثانية هي عملية الحراسة واتخاذ القرار بتحويل الحدث إلى خبر ونقله إلى الجهة المعنية؛ ويطلق على الشخص الذي ينقل الحدث إلى الجهة المعنية حارس البوابة .
أثناء نقل المعلومات من شخص لآخر، يمكن لحراس البوابة إدخال تعديلات على المعلومات المتعلقة بالحدث الذي وقع، سواءً كان ذلك بشكل متعمد أو غير متعمد، وقد يتم حجب بعض المعلومات أو نقلها بشكل مختلف عن الواقع، وذلك يتوقف على حراس البوابة .
قديما كان ينظر إلى حارس البوابة على أنه الصحافي، ولكن اليوم ظهرت وسائل التواصل الاجتماعية التي تداخلت مع الوسائل الإعلامية بصورة كبيرة، وساهمت في نقل المعلومات، بالإضافة إلى حدوث اندماج بين الوسائل الإعلامية المختلفة، وهو ما قلل بشكل كبير من دور الصحافي في السيطرة على كم المعلومات التي تتدفق في الوسائل المختلفة، وهو ما قلل كثيرا من دور حارس البوابة .
خلال فترة الخمسينيات والستينيات، كانت نظرية حارس البوابة واحدة من النظريات الأساسية المطبقة في المجال الأكاديمي للصحافة والإعلام، من خلال دراسة ما يعرف بنظريات الاتصال والاتصال الجماهيري. شهدت هذه المرحلة تخرج أول دكتور في مجال نظريات الاتصال، وأصبح هناك قاعدة كبيرة من الأساتذة الجامعيين الذين يدرسون نظريات الاتصال .
تنبع نظرية حارس البوابة ونظريات الاتصال من عدة علوم، بما في ذلك علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية والأنثروبولوجيا. في عام 1927، نشر هارولد لاسويل إحدى الدراسات حول حملات الدعاية خلال الحرب العالمية الأولى بهدف فهم عمليات اتخاذ القرارات التي نشأت نتيجة تداول الأخبار في تلك الفترة .
وبعد ما يقرب من 20 عامًا نُشر ” كورت لوين ” مقال من جزئين يتحدث عن نظرية حارس البوابة ، في إطار معرفة كيف أثرت الحرب العالمية الثانية على ممارسات استهلاك الغذاء ، ولاحظ الكاتب أنه يمكن تطبيق نظرية حارس البوابة على الأخبار والإعلام ، وفي عام 1955 ركزت الأبحاث على أن المعلومات تتدفق من خلال طريقتين هما :
الطريقة الأولى
يمكن أن يمتد التأثير من وسائل الإعلام إلى قادة الرأي ومنها إلى جميع الأشخاص، بدءًا من أعلى المستويات إلى الأسفل .
الطريقة الثانية
تتدفق المعلومات في نظرية حارس البوابة من الأسفل إلى الأعلى، حيث تبدأ بعامة الأشخاص وتنتهي بالوسائل الإعلامية .
مفهوم حارس البوابة الاعلامية
حراسة البوابة تشمل عملية اختيار وفحص العناصر والمواد التي يمكن نقلها خلال فترة زمنية محددة، وتتم اتخاذ قرارات خاصة بحراسة البوابة يوميا في محاولة لتصفية العناصر التي يجب نقلها إلى الجمهور .
تساعد نظرية حارس البوابة على الحفاظ على سلامتنا من خلال اختيار المحتوى الذي يحمل الأهمية بالنسبة لنا، وتجاهل الملايين من المعلومات والبيانات التي لا تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لنا .
يقرر حارس البوابة ما هي المعلومات التي يجب نقلهعبر بوابة المعلومات إلى الأفراد والمجموعات الخارجية، ويحجب المعلومات التي لا يجب نقلها إلى الجمهور .
يتمتع حراس البوابة بقدر كبير من القدرة على صنع القرارات، نظرًا لأنهم يتحكمون في كمية المعلومات التي يتم إدخالها إلى قاعدة البيانات التي تتضمن العديد من الأشخاص في المجتمع، ويتم اتخاذ القرارات بناءً على عوامل متعددة مثل:
- التفضيل الشخصي .
- الخبرة المهنية .
- التأثيرات الاجتماعية .
- التحيز .
امثلة على نظرية حارس البوابة
إذا أردت مثالا واقعيا على نظرية حارس البوابة، يجب أن تنظر إلى دور المحرر الصحفي، الذي يلعب دورا هاما في اختيار نوع الأخبار التي يتم نشرها، ويختار أيضا بعض المعلومات التي يجب حجبها عن الناس. حيث تتلقى الوسيلة الإعلامية مثل الصحيفة أو القناة يوميا كمية كبيرة من الأخبار من مختلف دول العالم، وتحكمها مجموعة من السياسات والأخلاقيات والانحيازات التي تحدد ما يجب نشره وما يجب حجبه .
في بعض الأحيان، يقرر المحرر عدم نشر عدد كبير من المعلومات بسبب سياسة المؤسسة التي يعمل فيها والتي تحدد ما يصلح وما لا يصلح للنشر، وهذا جزء أساسي من مهام حارس البوابة .
تكمن أهمية نظرية حارس البوابة في تحديد معايير منح المعلومات قيمة، حيث ينتشر العديد من الأخبار المزيفة في جميع أنحاء العالم وتتنافس مع الأخبار الحقيقية والموثوقة التي يجب نشرها. من خلال إدارة البوابة يتم توضيح الفروق بين أنواع المحتوى المختلفة، ولدى حارس البوابة تأثير على الإجراءات والسياسات التي يجب اتباعها .
ويلعب حارس البوابة دور الرقيب داخل المجتمع ، فكل شخص يقوم بحراسة بوابته الخاصة والتحكم فيما يمر عبرها ، فعلى سبيل المثال قد يقوم الشخص بتصفية المعلومات التي يمتلكها في حالة عدم أهميتها ، فعلى سبيل المثال إذا كنت تعيش في كندا ، وحارس البوابة لديه معلومات تتعلق بنوع معين من غسول البشرة فقد يقوم بتجاهله ، وعدم نقله لأنه يرى أن المحتوى غير هام أو مناسب .
وقد يتغير موقف حارس البوابة تجاه المعلومات من وسيلة لأخرى ، فعلى سبيل المثال يمكن معالجة الخبر الواحد بأكثر من طريقة ، حيث تتغير المعالجة بناءً على الاعتبارات التي تم توضيحها مسبقًا والخاصة بتحيزات الفرد وسياسة المؤسسات ، وهو ما يدفعه إلى نقل الأخبار وفقًا لعدد معين من المعايير ، وبأسلوب مختلف يتماشى مع طبيعة الوسيلة التي يعمل بها ، واهتماماتها ، ونوع الجمهور الذي يتابعها .