غالبا ما تظهر وتنتشر شائعات وتحليلات نفسية تربط بين الخصائص والتصرفات والسمات البشرية المختلفة وحركة الكواكب والنجوم والأقمار والأجرام السماوية، ومن هنا ظهرت بعض النظريات المزيفة مثل نظرية التأثير القمري.
نظرية التأثير القمري
هي نظرية أشيعت في وقت ماضي وأُطْلِقَ عليها أيضا نظرية تأثير القمر، وهي تعتبر أحد العلوم الزائفة التي لم يثبت العلم صحتها بعد، والتي تعتبر حلقة مشتركة ما بين علم الفلك وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم الفسيولوجيا، وتلك النظرية تقترح أن هناك صلة وثيقة ما بين الحالات القمرية الأرضية والسلوك المغاير في الطبيعة البشرية، وأن هناك ارتباط ضمني ما بين حركة القمر وأطواره المختلفة وبين مزاج البشر وتصرفاتهم في أوقات محددة من الشهر.
حتى الآن، لم يتم العثور على دليل على ربط القمر بالبشر، بل على العكس من ذلك، ظهرت العديد من الأدلة التي تثبت أن هذه الخرافات هي نوع من الأساطير الزائفة، ويشير العلماء إلى هذه النظرية باسم “الفرضية الترانسيلفانية” أو “تأثير ترانسيلفاني” في الأدب خلال الثلاثين سنة الماضية
أصل المعتقدات
لم يعرف مصدر تلك النظرية بعد وكيفية انتشارها والشخص الذي نشرها أو أعلن عنها، لا يزال غير معروف، ولكنها نظرية انتشرت منذ قرون عديدة، وتم ذكرها في التاريخ الروماني القديم عندما ارتبطت ببعض أفعال وخيارات ومصائر البشر، وأطلقوا عليها اسم `لونا` ومن هنا اشتقت كلمة `مجنون` والتي تشير إلى الجنون والهمجية وهي مشتقة من الكلمة `لونا`.
أرسطو” فيلسوف يوناني معروف، والمؤرخ الروماني “بليني الأكبر” قد أشارا إلى أن الدماغ هو العضو الأكثر رطوبة في الجسم، ولذلك فهو أكثر عرضة للتأثيرات الضارة للقمر التي تسببها ظاهرة المد والجزر. وفي فترة من الفترات عندما انتشر بين الناس على نطاق واسع فكرة التحول إلى مصاصي الدماء أو مستذئبين أثناء اكتمال القمر، أدى ذلك لزيادة الاقتناع بأن القمر يؤثر على تصرفات البشر، واستمر ذلك الاعتقاد شائعا بكثافة في أوروبا خلال العصور الوسطى.
ومن بين المؤيدين لتلك النظرية نجد الطبيب النفسي المعاصر `أرنولد ليبير` الذي أشار إلى أن التأثيرات المفترضة لاكتمال القمر على السلوك تنشأ نتيجة تأثيره على المياه في الجسم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تغير أطوار القمر يؤثر على حركة المد والجزر في البحار والمحيطات. لقد كان رأي هذا الطبيب له تأثير كبير في انتشار هذه الظاهرة، خاصة أنه طبيب نفسي وكان الجميع يؤمنون ويثقون في تحليلاته النفسية في ذلك الوقت الذي كان فيه العلم محدودا ومقتصرا على طبقة معينة.
ولكن على الجانب الآخر ظهرت العديد من التفنيدات التي ألغتا تلك الفكرة؛ فكما أوضح عالم الفلك “جورج أبيل” أن تأثير القوة التي يحدثها القمر علينا أقل من تأثير بعوضة واقفة على أيدينا، وأشار إلى أن تأثير القمر يكون على المسطحات المائية الكبيرة فقط ولا يشمل أمورا صغيرة ومحدودة كالدماغ.
الأبحاث العلمية حول نظرية التأثير القمري
وقفت الدراسات والأبحاث العلمية بجدية وصرامة أمام تلك الادعاءات الكاذبة، حيث اشارت إلى أن فكرة التأثير القمري التي انتشرت في القرون الوسطى وسلبت عقول الكثيرين وجرت على إثرها العديد من التجارب والدراسات، كلها غير صحيح ولم توجد ثمة دراسة واحدة تؤكد علاقة القمر بالإنسان، وأن تأثير القمر على الجاذبية والمد والجزر لا يعني أبدا تأثيره على مخ الإنسان، وإذا كان له تأثير على المياه بجسم الإنسان فليكن تأثيره أكبر على المعدة والمثانة وليس المخ البشري.
أظهرت إحدى الدراسات أن جميع الأشخاص الذين يدعون تأثير القمر على الإنسان لا يؤمنون به في الواقع، ولكنهم يطرحونه كفكرة فقط، وهذا يؤكد عدم وجود داعٍ لدراسة تلك النظريات الزائفة وإضاعة الوقت في نفيها.