نظرية الفشل في الاسترجاع
نبذة عن سيكولوجية النسيان
النسيان شيء شائع في حياتنا اليومية، ففي بعض الأحيان يكون نسياننا بسيطًا كنسيان إجراء مكالمة هاتفية، لكن في بعض الأوقات يمكن أن يكون للنسيان تأثيرات خطيرة وشديدة، مثل عدم تذكر شاهد على جريمة ما لبعض التفاصيل الهامة حول تلك الجريمة.
يمكن أن يحدث فشل الذاكرة يوميا، والنسيان يعتبر شائعا للغاية، لذلك يجب على الأشخاص في بعض الأحيان الاعتماد على وسائل مختلفة للمساعدة في تذكر المعلومات الهامة، مثل كتابة الملاحظات في مذكرة يومية، أو ترتيب المواعيد الهامة على جدول الهاتف.
على سبيل المثال، عندما يبحث الشخص عن مفاتيح سيارته، فإن هذا يعني أن المعلومات حول مكان ترك المفاتيح قد اختفت من الذاكرة، ولكن النسيان في الواقع لا يعني فقدان المعلومات من الذاكرة طويلة الأجل
دور الزمن في عملية النسيان
كان العالم النفسي هيرمان إبنجهاوس واحدا من أوائل العلماء الذين درسوا النسيان والذاكرة علميا، وقام بإجراء العديد من التجارب على نفسه، حيث اختبر ذاكرته باستخدام مقاطع لفظية مكونة من ثلاثة أحرف بدون أي معنى، واعتمد على هذه الكلمات غير المفهومة لأن استخدام كلمات معروفة مسبقا يمكن أن يؤدي إلى الاعتماد على المعرفة السابقة والارتباطات في الذاكرة.
قام إبنجهاوس بإختبار ذاكرته لفترات زمنية مختلفة، تراوحت بين 20 دقيقة و31 يوما، وذلك لإختبار المعلومات الجديدة التي تعلمها. ونشر النتائج التي وصل إليها بعد أبحاثه عن الذاكرة تحت عنوان “الذاكرة: مساهمة في علم النفس التجريبي
أظهرت نتائج أبحاث ابنجهاوس في ما يعرف بمنحنى النسيان وجود علاقة بين النسيان والوقت، حيث يتم فقدان المعلومات بسرعة كبيرة بعد تعلمها، وذلك يعتمد على عدة عوامل مثل كيفية تعلم المعلومات ومدى تكرارها. أما المعلومات التي تتمكن من الوصول إلى الذاكرة طويلة الأمد فهي ثابتة بشكل ملحوظ.
يوضح منحنى النسيان أيضًا أن النسيان لا يستمر حتى يتم فقدان جميع المعلومات، إذ يحدث في توقيت معين توقف مستويات النسيان، وعدم استمرارها.
كيف يتم قياس النسيان
في بعض الأحيان، يشعر الشخص بأنه نسي بعض المعلومات، لكن عندما يتعرض لشيء معين، تعود تلك المعلومات التي اعتقد أنه نسيها، يمكن أن تتخيل، على سبيل المثال، أنك تستعد لامتحان في المدرسة أو الجامعة، قد يبدو لك وكأنك نسيت تلك المعلومات أو لم تستعد بشكل كاف، ولكن عندما ترى تلك المعلومات في الاختبار، تستعيد كل ما درسته في السابق واعتقدت أنك نسيته.
فكيف يمكن للشخص معرفة أنه نسي شيئًا ما؟ هناك عدة طرق لقياس عملية النسيان
- الاستذكار: يمكن طلب من الأشخاص الذين يريدون حفظ قائمة مصطلحات معينة تذكرها بالذاكرة فقط، ومن خلال رؤية الأشياء التي يتذكرونها، يمكن للباحثين تحديد المعلومات التي تم نسيانها، ويمكن استخدام بعض التلميحات لتحفيز الذاكرة وتذكر المعلومات.
- التعرف: تشمل هذه الطريقة التعرف على المعلومات التي تم تعلمها سابقا، على سبيل المثال، يمكن للطلاب أن يطلب منهم التعرف على المصطلحات التي تعلموها في إحدى فصول القراءة أو الدراسة التي خضعوا لها أثناء إجراء اختبار.
نظريات النسيان.. نظرية الفشل في الاسترجاع
في بعض الأحيان، تكون المعلومات موجودة، ولكننا ببساطة لا يمكننا الوصول إليها، حيث يعود سبب فشل استرجاع المعلومات إلى فشل عمليات التشفير ونقص إشارات الاسترجاع الضرورية للاستذكار، كما أن سببا شائعا آخر لعدم تذكر المعلومات هو عدم وصولها أصلا إلى الذاكرة الطويلة الأمد في المرحلة الأولى.
لفهم نظرية الفشل في الاسترجاع بشكل أفضل، يمكن تطبيق الطريقة المعروفة التي استخدمها لأول مرة الباحثان نيكرسون وآدامز، وهي محاولة رسم الجانب الخلفي لعملة واحدة، وعند الانتهاء من الرسم، يمكن مقارنة الرسم بالعملة الأصلية.
يشعر الشخص بالدهشة عندما يدرك أنه غالبًا ما ينسى الجزء الخلفي من أي عملة بصورة دقيقة، على الرغم من أنه قد يكون لديه فكرة جيدة عن الشكل العام ولون العملة، ولكن تفاصيل العملة يمكن أن تكون غامضة.
السبب وراء ذلك هو أن الشخص لا يحتاج فعليا إلى معرفة شكل العملة المعدنية بدقة لتمييزها عن العملات المعدنية الأخرى، بل يحتاج فقط إلى المعلومات الأساسية مثل الحجم الكلي والشكل واللون. ونظرا لعدم وصول هذه المعلومات إلى الذاكرة في المقام الأول ، فإن الشخص لا يستطيع تذكر شكل الجزء الخلفي من العملة.
اسباب النسيان في نظرية الفشل في الاسترجاع
تم تطوير نظرية فشل الاسترجاع من قبل العالم النفسي الكندي إندل تولفينج. وتنص هذه النظرية على أن النسيان يحدث بسبب عدم القدرة على استرجاع الذاكرة، وعلى الرغم من أن المعلومات في الذاكرة الطويلة الأمد لا تفقد، إلا أن الشخص يكون غير قادر على تذكرها في لحظة معينة. ومثال شائع على ذلك هو عندما يشعر الشخص بأن الكلمة على طرف لسانه، لكنه لا يستطيع تذكرها.
تشمل أسباب فشل استرجاع المعلومات الشائعة فشل التشفير، حيث يتعذر علينا تذكر المعلومات لأنها لم تصل إلى الذاكرة طويلة الأمد، أو أن تم تخزين المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد ولكن لا نستطيع تذكرها لأننا لا نتلقى إشارات استرجاع.
إشارات هامة في علمية استرجاع الذكريات
- إشارات الاسترجاع
إشارات الاسترجاع هي محفز يساعدنا على تذكر معلومة ما، عندما نشكل ذاكرة جديدة، نحتفظ بعناصر الحدث، وتكون هذه العناصر فيما بعد إشارات الاسترجاع، حيث يتم استرجاع المعلومات بسهولة أكبر من الذاكرة طويلة الأمد بفضل إشارات الاسترجاع، والعكس صحيح، أي أن فشل الاسترجاع يحدث عند نقص إشارات الاسترجاع.
- الإشارات الدلالية
الدلالات هي علامات مرتبطة بذكريات سابقة، فمثلاً، قد ننسى كل شيء عن رحلة قمنا بها منذ عدة سنوات، ولكننا ما زلنا نتذكر زيارة قمنا بها لصديق في هذا المكان، وهذه الدلالة تساعدنا على تذكر تفاصيل أكبر عن الرحلة.
- الإشارات المعتمدة على الحالة العامة
تعتمد الإشارات المرتبطة بالحالة العامة على حالتنا النفسية أثناء تجربة معينة أو حدث، مثل العصبية أو السعادة المفرطة. وعندما يتكرر الحدث أو التجربة، مثل الشعور بالسعادة المفرطة، يمكننا تذكر الذكريات السابقة بشكل أفضل. ونفس الأمر ينطبق على العصبية الشديدة أو الحزن.
- الإشارات المتعمدة على سياق الحادثة
تعتمد الإشارات المعتمدة على سياق الحادثة على عوامل بيئية عادة مثل الأصوات والروائح. على سبيل المثال، يتم إعادة الشواهد على الجرائم إلى موقع الجريمةالذي يتضمن شواهد بيئية وذلك لتنشيط الذاكرة لدى الشاهد وتذكر تفاصيل الجريمة كما شاهدها.