نبذة عن توران شاه آخر ملوك الايوبيين
تولى توران شاه، الابن الوحيد للسلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، حكم مصر والشام في الفترة من 1249 – 1250 بعد وفاة والده. وبمساعدة زوجة والده الملكة شجرة الدر التي أرسلت له لطلب عودته للبلاد، تمت تنصيبه على العرش. كان توران شاه يتمتع بسمات شخصية سيئة، وكان يعيش بعيدا عن والده الذي كان غاضبا من تصرفاته وسلوكه السيئ. كما كان يكره والده لاعتقاده الخاطئ بأن المماليك متحالفون معه بقوة وأن بعضهم يتمتع بتفضيلات عليه .
تولي توران شاه مقاليد الحكم في مصر
الدولة الأيوبية شهدت سلسلة من المعارك التي خاضتها للدفاع عن العالم الإسلامي ضد الصليبيين. نجحت في العديد من المعارك واستعادة بيت المقدس من سيطرة الصليبيين. في نهاية حياة الملك الصالح أيوب، هاجمت الحملة الصليبية السابعة مدينة دمياط بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا في عام 647 هـ. ذهب الملك الصالح أيوب إلى المنصورة لمواجهة جيش لويس التاسع وأصيب أثناء الدفاع عن المنصورة بمرض تفاقم حتى وفاته في 15 شعبان 647 هـ .
واجهت الدولة أزمة كبيرة بعد فقدان قائدها وملكها، بوفاة الملك الصالح نجم الدين ايوب. في نفس الوقت، كانت سفن الحملة الصليبية السابعة تحتل ميناء دمياط. زوجته، الملقبة بشجرة الدر، أخفت خبر وفاته وأعلنت للجميع أنه مريض، ومنعت الناس من زيارته. استمرت في تقديم مراسيم الدولة بالنيابة عنه، حتى جمعت قادة الجيش وأمراء الدولة وأخبرتهم بالحقيقة. اتفقت معهم على الاتصال بابنها الكبير، الأمير توران شاه، الذي كان يعيش في الشام، وكان يكره والده الملك الصالح .
هدف شجرة الدر، الذي وافق عليه قادة الجيش والأمراء، من استقدام توران شاه هو ضمان ولاء الجيش للبيت الأيوبي وتفادي الخلافات بين الأمراء. نجحت شجرة الدر في إدارة الأزمة بحكمة بالغة، حيث اتفقت مع كبير الوزراء للملك الصالح، فخر الدين يوسف، على إدارة شؤون البلاد حتى عودة توران شاه. تم تكليف فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس بالاستمرار في التحضير للمعركة ضد جيش الحملة الصليبية السابعة في المنصور .
نجحت إدارة شجرة الدر، وسارت الأمور بشكل طبيعي بعد وفاة الملك الصالح، ولم يحدث اضطراب في أركان الدولة نتيجة هذه الوفاة المفاجئة، كما وافق توران شاه على العودة إلى مصر، وتولى الحكم وقاد الجيوش المصرية وحقق انتصارًا كبيرا على الصليبيين، وأسر ملكهم لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية السابعة .
معركة المنصورة العظيمة
تسربت أخبار وفاة الملك الصالح أيوب للجمهور ووصلت إلى الصليبيين، مما ساهم في تشجيعهم على المشاركة في القتال وتراجع معنويات الجيش المصري. بقي الجيش المصري ثابتا في المنصورة، وقام فارس الدين أقطاي مع ركن الدين بيبرس بوضع خطة لمواجهة الجيش الفرنسي في المنصورة، وعرضت هذه الخطة على شجرة الدر وتمت الموافقة عليها، واستعاد الجيش المصري مواقعه واستعد للقتال .
في اليوم الرابع من شهر ذي القعدة لعام 647 هجرية، جرت موقعة المنصورة العظيمة، وانتصر فيها الجيش المصري بانتصار باهر، وحدثت معركة أخرى خارج المنصورة بين جيش الملك لويس التاسع والجيش المصري، حيث تمكن لويس التاسع من صدها .
وصل توران شاه وتسلم مقاليد الحكم بعد وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وأعلن رسميًا توليه حكم مصر والشام. وبعد ذلك، ذهب إلى المنصورة وبدأ في التخطيط لهجوم جديد على الجيش الصليبيين الذي كان في وضع سيء، ثم بدأ في الانسحاب نحو دمياط .
استطاع الجيش المصري أن يلتقي مرة أخرى مع الصليبيين، عند مدينة ” فارسكور ” في أوائل المحرم سنة 648 هجرية، بعد أقل من شهرين من موقعة المنصورة الكبيرة، ودارت هناك معركة هائلة تحطم فيها الجيش الصليبي تماماً، بل وأسر الملك لويس التاسع نفسه، وحبس في دار ” فخر الدين إبراهيم ابن لقمان “.
مقتل توران شاه
في صباح أحد الأيام الأخيرة في شهر المحرم من العام 648 هـ، كان توران شاه يتناول وجبة الإفطار في خيمته، وتعرض لهجوم من مجموعة من المماليك بعد أن شكوا في نواياه السلبية تجاههم، وتم قتله، وبموته انهارت الدولة الأيوبية في مصر ونشأت دولة المماليك .