نازك العابد سيف دمشق البتار
نازك العابد هي مثال للفتاة العربية المقاومة التي قضت حياتها في خدمة قضايا وطنها في رحلة كفاح طويلة مكللة بالانتصارات، وهي تعد واحدة من رواد الفكر والتنوير في العالم العربي ورمزًا من رموز المقاومة السورية.
من هي نازك العابد ؟
ولدت نازك العابد في عام 1887م في مدينة دمشق بسوريا، تنتمي لأسرة عريقة ومشهورة هي عائلة العابد الدمشقية، كان أبوها هو الوجيه مصطفى باشا العابد وأمها هي السيدة فريدة الجلاد من طبقة الأثرياء في المجتمع السوري شغل مصطفى العابد وهو أحد أعيان دمشق منصب والي الموصل، عاشت نازك حياة ميسورة وناعمة في ظل عائلتها والتي كانت تنتمي لطبقة الأثرياء.
تأثرت نازك كثيرًا بشخصية والدها وأمها، فقد كان والدها رجلًا سياسيًا وكانت أمها على درجة عالية من الوعي والثقافة، مما دعم مشاعر الحب والانتماء للوطن داخل نازك.
الحرب العالمية الأولى :
نتيجة لاندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1917، تم إلقاء القبض على الكثير من أفراد عائلة نازك نتيجة لموقفهم السياسي الرافض للاحتلال مما أدى إلى صدور أحكام ضد أسرتها بالنفي خارج البلاد وتحديداً إلى تركيا.
البداية من جديد في تركيا :
نتيجة للحكم الصادر بالتهجير عن عائلة نازك، اضطرت العائلة للانتقال إلى تركيا وتحديدًا إلى مدينة إزمير، حيث بدأت العائلة من الصفر ولم يبقَ أي ثروة أو مال كما كان سابقًا. ومع ذلك، أثبتت نازك صلابتها وتماسكها ووقوفها بجوار عائلتها، وعدم السماح للروح الانهزامية بالتسلل إلى الأسرة.
أبدت والدة نازك حرصا شديدا على استكمال تعليم ابنتها في المراحل الدراسية، بناء على موهبتها وتفوقها، مما جعل الجميع يدركون أن لهذه الفتاة مستقبلا كبيرا. درست نازك العديد من اللغات مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وتفوقت فيها بجانب دراستها للفنون مثل الموسيقى والعزف على البيانو وهواية التصوير. تزوجت من المؤرخ اللبناني محمد جميل بيهم، الذي دعم روح الوطنية والدفاع عن قضايا المرأة، فقد كان أحد رواد الفكر والتنوير في الوطن العربي.
نازك العابد والدفاع عن المرأة :
قررت نازك أن تصبح صوت المرأة الضعيفة والمهملة منادية بكل ما أوتيت من قوة بالبحث عن حقوق المرأة وتحريرها من القيود وعبودية الرجل فالمرأة من حقها الصمود والمدافعة عن حريتها وحقوقها داخل المجتمع العربي تلك أحد كلماتها التي أطلقتها من خلال جريدة الحارس والتي كانت تتخذها منبراً لإطلاق هذه الدعوات.
في عام 1920م، تسلمت منصب رئيس جمعية النجمة الحمراء وأصدرت أول مجلة اجتماعية تربوية بعنوان نور الفيحاء، كما سعت إلى إنشاء مدرسة خاصة لتعليم البنات وسمتها مدرسة بنات الشهداء.
نازك العابد سيف دمشق البتار :
شكّل إعلان الانتداب الفرنسي على الأراضي السورية بداية نازك العابد في العمل على هذه القضية، حيث سعت باستمرار لخدمة وطنها الحبيب سوريا، وقد حققت نازك العابد حلمها بالعودة إلى وطنها من خلال العمل الدؤوب والمثابرة.
نظمت نازك المؤتمرات وأشعلت حماس الجماهير لإثارة روح الثورة ضد الاحتلال الفرنسي وطرده من الوطن، ولقد حظيت نازك بترحيب وتأييد واسع من الجماهير، مما أدى إلى إغلاق الحكومة الفرنسية لجميع مؤسساتها في سوريا وإغلاق المدرسة وحظر الجريدة ومنعها من المشاركة في أي ندوة أو اجتماع.
لا تراجع ولا استسلام :
زاد موقف الحكومة الفرنسية المعادي لنازك وموقفها السياسي من عناد وصلابة نازك العابد حيث قامت بالانضمام إلى الجماعات السرية المسلحة وشاركت في الهجوم على العدو مما كبده الكثير من الخسائر حتى وقعت أسيرة في يد العدو وقررت السلطة الفرنسية إعادة نفيها إلى تركيا مرة أخرى وبعد مرور عامين بالمنفى اندلعت الثورة السوريا ضد المستعمر الفرنسي مما جعل نازك تعود إلى سوريا لممارسة دورها في الصفوف الأولى.