موضوع تعبير عن الوفاء
الوفاء هو صفة غير واعية من الصفات التي إذا انعدمت سيصبح العالم مكانا غير مرغوب فيه للغاية، حيث يؤكد الالتزام بالوفاء والإخلاص يوما بعد يوم أن حياتنا لها معنى في النهاية، وهو ما يحدد سلوكنا وأفعالنا، ونظرا لأننا كائنات أخلاقية، فإن الوفاء يجعلنا نشعر بأننا إنسانيون .
تعبير حول الوفاء
الوفاء هو نوع من الإخلاص والولاء، ويشير إلى الواجب المتصل بالولاء والإخلاص، وفي أسواق المال في لندن، كان يستخدم تقليديا للإشارة إلى الشعار “كلمتي هي ميثاقنا”. ويعد الوفاء بالوعود والتزامات الإنسان بالله أمرا هاما جدا، خاصة في زمن الخيانة الجماعية التي ينقض فيها الناس العقود. وليس الخيانة مقتصرة فقط على العلاقات الزوجية، بل تمتد إلى العلاقات الأخرى بين الأفراد، وهذا يشير إلى زيادة معدلات الطلاق يوما بعد يوم، حيث تخلي الكثيرون من الرجال والنساء المتدينين عن التزامهم الدائم والوفاء به .
والوفاء هو الفضيلة المتحالفة مع الصدق، وتتمثل مهمتها في توجيه الشخص إلى الوفاء بوعوده، إن الصدق يحث المرء على أن يلائم كلامه أفعاله، حتى في النظام الطبيعي فإن الوفاء فضيلة، فنحن بطبيعتنا كائنات اجتماعية، وهذا يعني في الواقع أننا نعتمد على الآخر، وبما أننا نعتمد، فنحن بحاجة لأن نثق ببعضنا البعض حتى نتمكن من بناء الوحدات الاجتماعية الضرورية، مثل الأسرة والمجتمع المحلي والدولة، وما إلى ذلك، وإذا كان الأفراد ليسوا صادقين، وليسوا جديرين بالثقة، ولا يتمتعون بالوفاء لما يقومون به، يبدأ النظام الاجتماعي كله بالانهيار، وبسبب الافتقار إلى الوفاء في مجتمعنا، فإن العديد من أهم مؤسساتنا تنهار بسرعة، ولا يؤثر الانهيار على المجتمع المدني فحسب، بل على المجتمع الديني أيضا، وذلك لاتصال الوفاء بالدين بصورة كبيرة .
والوفاء بمعانيه من الإلتزام بالعهود والوعود، وأداء الأمانات، واعتراف بالجميل، والحفاظ على المودة والمحبة، هو أمر حث عليه الدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية، وتم ذكره من قبل الله سبحانه وتعالى في العديد من المواضع في القرآن الكريم. ففي سورة الأنعام الآية 152، أمرنا الله بالوفاء بالعهد، حيث قال تعالى: `وبعهد الله أوفوا ذٰلكم وصاكم به لعلكم تذكرون`. وأوضح الله سبحانه وتعالى لنا أن الوفاء هو صفة من صفاته العزيزة، ففي سورة التوبة الآية 111، قال تعالى: `ومن أوفىٰ بعهده من الله`. وفي سورة الروم الآية 6، قال تعالى: `وعد الله لا يخلف الله وعده ولٰكن أكثر الناس لا يعلمون`. وفي سورة الزمر الآية 20، قال تعالى: `لٰكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد`. وكما يقول الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران الآية 9: `إن الله لا يخلف الميعاد` .
والوفاء كذلك من صفات المرسلين والأنبياء، ففي سورة النجم يقول تعالى : ” أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ” الآيات من 36 إلى 41، وكذلك قال تعالى في سورة مريم : ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا، الآية 54 و 55، وعن بن عباس رضي الله عنهما قال : ” أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ، أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ : سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ ؟ – أي النبي صلى الله عليه وسلم – فَزَعَمْتَ : أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ، وَالصِّدْقِ، وَالعَفَافِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، قَالَ : وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ، كما أن الوفاء من سمات المؤمنين حقا، يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 177 : ” وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ “، ويقول تعالى : ” وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ” سورة المؤمنون الآية 8، ويأمر الله عباده المؤمنين بالوفاء بالعقود، فيقول تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ” سورة المائدة الآية 1 .