من هو مسعود زقار
تتميز السياسة الجزائرية بمستوى عال من السرية والغموض، خاصة فيما يتعلق بالشؤون الدبلوماسية وحرب الاستقلال الجزائرية، وكذلك شؤون الجيش الجزائري وبعض الصراعات الداخلية المتعلقة بنظام الحكم. وعند الحديث عن الجزائر، يجب ذكر اسم مسعود زقار، رجل المخابرات الجزائرية الذي لعب دورا كبيرا في الحياة السياسية، وسيتم توضيح من هو مسعود زقار بالتفصيل .
من هو مسعود زقار
مسعود زقار هو من مواليد عام 1926 في منطقة العلمة بولاية سطيف شرق الجزائر، وكانت عائلته فقيرة للغاية. وقد تميز والده بالبساطة وأجبره منذ صغره على تحمل مسؤولية عائلته، وعندما كان عمره لا يتجاوز عشر سنوات هاجر إلى فرنسا .
عمل زقار لمدة 4 شهور، وعاد بمبلغ ضئيل جدًا. وبدلاً من أن يتلقى تعليمه، قام بمساعدة والدته في العمل بالمقهى، وكان يتميز بالقوة والنشاط. وقرر والده أن يزوجه وهو لم يتجاوز الـ 13 عامًا .
عقبَ مُرورِ وقتٍ طويلٍ من الزواجِ غضبت زوجةُ زقار، وعادت إلى أهلها طالبةً الطلاقَ، وعكفَ زقارُ على بيعِ الحلوى، ثم بدأ في صناعتِها بنفسِه، ونجح في امتلاكِ محلٍ لصناعةِ الحلوى سماهُ “برلنڤو والفليو”، وفيهِ قامَ بتصنيعِ الحلوى ثم بيعِها خارجَ المدينةِ، ومن هنا كانت بدايةُ النجاحِ .
انتقل مسعود زقار مع عائلته إلى وهران بعد أحداث 8 مايو 1945، وكانت حياته مليئة بالغموض والشائعات، وقبل اندلاع الحرب، كان لديه شركات خاصة في وهران، مما مكّنه من بناء شبكة علاقات مثيرة للاهتمام، خاصة داخل الميناء .
مسعود زقار والعمل السياسي
كان هناك شخص يدعى الحاج بن الله المعروف بزقار منذ عام 1948، وتم تجنيده في عام 1956، ثم أرسل إلى المغرب بسبب قدراته الرائعة في بدء وإدارة الصناعة العسكرية الجزائرية
بعد فترة قصيرة، تمكن زقار تحت قيادة عبد الحفيظ بوسوف من استخدام شبكة علاقاته القديمة لشراء الأسلحة التي تركها الجنود الأمريكيون في الجزائر والمغرب بعد الحرب العالمية الثانية، ونجح في تشكيل شبكات علاقات جديدة في المغرب وإسبانيا، مما مكنه من تهريب الكثير من الأسلحة إلى الجزائر وإطلاق بعض الأسلحة الحديثة في المغرب، وكانت الحكومة المغربية غير علم بما يفعله زقار
اعتمد زقار على أهله وأقاربه في إدارة الأسلحة بسبب ثقته الكبيرة بهم، وخوفه من كشف السلطات لما يقوم به، حيث استطاع الحصول على 90٪ من أدوات الاتصال الجزائرية، وتم تعديل بعضها واستخدامها لنقل برامج إذاعية مثل “صوت الجزائر
في عام 1957، نجح مسعود زقار في توسيع شبكة علاقاته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، حيث كان على تواصل مع العديد من كبار المسؤولين مثل عائلة كينيدي ونيلسون روكفلر
امتدت كفاءة وبراعة زقار لتشمل العديد من المواقف التي حددت مصير البلاد آنذاك، فمن أهم مساهماته في مجال الاستخبارات كان إرسال الخطاب المزيف الذي قام بكتابته وإرساله إلى جمال عبد الناصر من خلال كولونيل فرنسي يعمل في الإليزيه، وطلب فيه من الرئيس المصري التوقف عن مساعدة الجزائريين للحصول على المساعدات المالية الفرنسية، ورحب عبد الناصر بالطلب
أدهش الكثيرون قدراته على تثبيت أجهزة الاستماع في مكتب الرئيس الفرنسي، وعن طريقها تمكن من جمع الكثير من المعلومات المفيدة للجزائريين خلال مفاوضات إيفيان، وتمكن أيضًا من إفشال العديد من خطط اغتيال القادة الجزائريين
بعد استقلال الجزائر، قرر زقار ترك السياسة الجزائرية واستغل علاقاته الواسعة ليصبح رجل أعمال ناجح، وكان من بين أعماله التجارة بالأسلحة، لكنه لم يستطع التوقف عن العمل في الجزائر
كان زقار صديقًا لبومدين، وقيل إنه أنقذ حياة الرئيس الجزائري خلال الحرب، لكن وزير الشؤون الخارجية في ذلك الوقت، بوتفليقة، لم يكن يحب زقار لأنه لم يكن يعرف أعماله أو دوره.[1
واشتملت قائمة أصدقاء زقار في الولايات المتحدة الأمريكية على الكثير من الأسماء البارزة مثل ريتشارد نيكسون ويليام كيسي وعائلة بوش، ومن خلال صداقته الوثيقة معهم تمكن من تحقيق العديد من الخدمات للجزائر ولنفسه. في إحدى المرات نجح في إقناع نيكسون بمقابلة بومدين في عام 1974، وجعل الرائد الفضائي الأمريكي فرانك بورمان يزور الجزائر
من إنجازات مسعود زقار الهامة كان لعب دور كبير في فترة تأميم المواد الهيدروكربونية، حيث نجح في إقناع الأمريكيين بالحياد وعدم الانضمام إلى فرنسا، وقام بترتيب لقاء معهم للمساعدة في بناء مصفاة أرزيو، ويقال إنه حصل على العديد من الرشاوى في هذا المشروع، ومن أهم إنجازاته الأخرى كان إقناع الأمريكيين بعدم مهاجمة الجزائر خلال حرب 1967
وفاة مسعود زقار
توفي مسعود زقار عن عمر يناهز 61 عامًا في عام 1987، وكان حينها في فندق يملكه في مدريد، إسبانيا. تم نقل جثمانه إلى الجزائر، ولم تكن جنازته عادية بسبب حضور عدد كبير من رجال الأعمال الأجانب والعرب من عدة دول خليجية .