اول شخص صام رمضان

في الواقع، ذكر السيوطي في كتابه `الوسائل إلى معرفة الأوائل` أن أول نبي صام رمضان هو سيدنا آدم عليه السلام. وكانت مدة الصيام ثلاثة أيام يصومها كل شهر باستمرار. أخرجه الخطيب في (أماليه) وابن عساكر عن ابن مسعود .

صام بعد نزوله مباشرة إلى الأرض وقبول الله دعائه وتوبته النصوحة، ومن حكمة الله أن تكون أول مرة يصوم فيها إنسان وسيلة لنحمد الله ونتقرب إليه.

هناك أيضًا من يقولون أن آدم كان يصوم ثلاثة أيام في كل شهر قمري، وكانت البداية من الليلة الثالثة عشرة من الشهر حتى نهاية اليوم الخامس عشر من نفس الشهر.

أول من أدى الصيام بعد آدم عليه السلام هو النبي نوح عليه السلام في تلك الأيام البيض، بالإضافة إلى أنه أضاف إليها صيام اليوم الذي تمت نجاته فيه من الطوفان ليشكر الله على إنقاذه.

يقال إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يصوم الأيام الستة التي تلي عيد الفطر، وهذه الأيام البيض تتواجد في جميع شهور السنة وتبلغ مدتها ٣٦ يومًا.

إذا صُمِّمَ شهر رمضان كاملاً في وقت وصوله، فسيكون مدته ثلاثين يومًا، وإذا قُرِنَت هذهالستة أيام الإضافية به، فسيصبح مجموع أيام الصيام مساويًا لعدد الأيام التي كان النبي نوح يصومها.

وفقًا لاعتقاد الضحاك الذي نقله ابن أبي حاتم، يُعتقد أن الصوم الأول يعود إلى نوح، ولم يكن معروفًا قبله، حتى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصومون لمدة ثلاثة أيام شهريًا حتى العشاء.

هذا النمط الذي كان يسير عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأول من كان يصوم في الإسلام هو النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك اتبعوه أصحابه لكي يقتدوا به وبأفعاله وامتثالا لأمره وإيمانا برسالته إلى أن قام الله بفرض صيام في شهر رمضان المبارك، وأكد ذلك في القرآن كتابه الكريم والله جل جلاله أعلم.

يذكر القرآن الكريم في سورة البقرة قول الله تعالى `يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون`، وتفسير تلك الآية يشير إلى أن الصيام فُرض علينا وعلى الأمم السابقة.

من هي الأمة التي فرضت عليها الصيام

ليس هناك حديث صحيح يحدد الأمم التي كان الصيام فرضًا عليها قبلنا بشكلٍ أولي ولا شروطه وكيفية الصيام، إلا أن بعض المفسرين ذكروا آثارًا عن مجموعة سالفة، منها:

• قال ابن عباس رضي الله عنه إن السالفين هم أهل الكتاب.
• يعتقد بعض الناس، بما في ذلك ابن مسعود وغيره، أن الصيام كان مفروضًا بصورة دائمة ثلاثة أيام في كل شهر، ولكنه تم نسخه بالقرآن.
• بالنسبة لحسن البصري نسأل الله الرحمة له قال: الصيام قد كُتب على جميع الأمم السابقة، والله قد كتب الصيام علينا لمدة شهر كامل.

بالنسبة للصيام الذي كان يصومونه كلا من زكريا ومريم عليهما السلام فهو صيام عن الكلام، وذلك بسبب أن المعنى اللغوي للصيام هو: الإقلاع والامتناع فقد قال تعالى عن زكريا عليه السلام في سورة آل عمران “أيام ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار”.

وفيما يتعلق بالسيدة مريم عليها السلام، فقد ذُكِر في سورة مريم أنها قالت: `إني نذرت للرحمن صوماً، فلن أكلم اليوم إنسياً`، ويعلم الله وحده ما يقصده المعنى الشرعي من فريضة الصيام.

لم يخرج الصوم عن حدود الإمساك والاقتلاع والتوقف، فهو يتضمن مجموعة من النصوص والقيود الخاصة التي أضافها الله، ويقول بعض الفقهاء إن الصوم بالمعنى الشرعي هو الامتناع عن كل ما يفطر.

بمناسبة شهر رمضان الكريم، تمتلئ كل القلوب بالمشاعر الحسنة التي يسيطر عليها فضائل الصوم وآثاره الكريمة.

لأن الله رحيم بعباده، جعل صيام شهر رمضان يتبع نظامًا محددًا يعمل على تحقيق التوازن الكامل بين نزعات النفس ورغبات الروح، حتى يتمكن الإنسان من تحقيق تحسن في صفاته الأخلاقية والخلقية.

الهدف من الصيام ليس التخلي عن أشياء حلال أو لذيذة، بل هو تنقية الذنوب وتطهير الروح وتحرير النفس. قال تعالى في سورة المائدة: `مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ`.

فوائد صيام شهر رمضان

رمضان يقوم بكسر الغرور المتواجد في قلوب بعض الناس، حيث يوجد أشخاص يتباهون بعبادتهم وقربهم من الله، ويعتقدون أنه لا يوجد مثلهم في الوجود. يأتي رمضان ليخبرهم أن هناك من ينافسهم ويتفوق عليهم في فعل الخيرات. ففي هذا الشهر، يصلي الناس في المساجد بأعداد كبيرة، مما يجعل الإنسان يشعر بتواضعه وقدره أمام هؤلاء الذين يتنافسون في محبة الخير. عندما يتم قراءة القرآن كاملا، هناك من يكون قد قرأه أكثر من مرة .

الصيام يحمل العديد من الآثار الصحية والإيجابية على جسم الإنسان، والتي يعرفها المتخصصون بالتفصيل، ويشعر بها جميع المسلمين.

يشعر المؤمن بالخشية في قلبه، حيث يبكي المسلم خوفًا من الله، ويكون الخشوع خاصًا لله وحده جل جلاله، وقد بكى نبينا صلى الله عليه وسلم عند سماع القرآن، فإذا لم يبكِ الإنسان، فليتحلى بالخشوع لأنه من أعظم الأمور .

تعد أحكام رمضان دليلاً جليًا على سماحة الإسلام وسهولته، وبما أنه دين كامل وعظيم وأفضل ما اكتملت به الأديان، وهذا تم تأكيده بحكمة الإسلام في حالة نسيان الصائم أنه صائم وتناول الطعام أو الشراب، فإنه يستطيع استكمال صيامه دون عقاب.

وقت الإمساك يكون قليلًا مقارنة بالوقت الآخر، إذ يحدث الصيام في شهر واحد فقط في السنة، وإذا كان الشخص في السفر، يجوز له الإفطار، وعلى كل من يحتاج إلى الإفطار أن يفعل ذلك ويعوّض عن الأيام التي صامها، وهذا يدل على أن هذا الشهر ليس بعذاب، بل يثير فينا الأمور الصالحة.

يعتبر شهر رمضان فرصة لزيادة الإيمان والأعمال الخيرية والتقرب إلى الله، ويظهر من يصوم ويقيم الصلاة ويتجهد في هذا الشهر أكثر من غيره على الآثار الإيجابية التي يتركها هذا الشهر .

يقوم المسلمون في هذا الشهر بتغيير نمط حياتهم العادي والصيام خلال النهار والقيام بالتحية لليل والصلاة الجماعية وجمع النوافل، مما يجعل حياتهم في هذا الشهر مختلفة وجميلة بالنسبة لهم.