من هو الخليفة المأمون
في التاريخ الإسلامي، نفذت الدولة العباسية ثورة مسلحة في سنة جديدة بعد هزيمة بني أمية في المعركة الشهيرة الزاب عام 132 هـ، وكانت جهود الدعاة أحد العوامل الرئيسية في إسقاط الدولة الأموية وإقامة الدولة العباسية، وكان تأسيس الدولة العباسية يعتبر انقلابا، حيث قامت دولة الخلافة بالانتفاضة ضد حاكمها بدعم من المسلمين، في حين اعتبر بعض العلماء هذا الفعل حتميا، واعتبر آخرون أنه اجتهاد فقهي خاطئ، بينما امتنع آخرون عن الحديث في هذا الموضوع .
في البداية، تم اختيار الكوفة كمركز للدعوة العباسية لأن آل البيت كانوا متمركزين فيها، ثم انتقلوا إلى خراسان وركزوا الدعوة فيها بين الفرس والترك. ونتيجة للتخطيط والسرية التامة بقيادة القائد أبو مسلم الخراساني وبمساهمة سكان خراسان سواء كانوا من الأتراك أو العرب أو الفرس، حدثت الحرب مع الأمويين وانتصر العباسيون ونشأت الدولة العباسية. تميزت الدولة العباسية بعدة ميزات، حيث توسعت أركان الدولة الإسلامية وانتشرت العلوم وحدثت طفرة فكرية كبيرة نتيجة لحركات الترجمة وظهور المكتبات. وأولى الخلفاء العباسيون اهتماما كبيرا بتأهيل أبنائهم ثقافيا ومعرفيا ممتازا ليكونوا من النخبة وخلفاء الدولة وفقا لنظام ولاية العهد .
بذل كل خليفة جهودا في تأهيل أبنائهم لهذا الهدف، وهكذا فقد وجدنا أن هارون الرشيد اهتم بتأهيل أبنائه ومتابعتهم بطرق مختلفة. حظ المأمون من هذا التأهيل والإعداد، على الرغم من عدم الترحيب بالمعتزلة في عهد الرشيد، لم يمنع وجودهم في القصر والمشرفة على تربية ابنه المأمون ونشأته في المراحل المبكرة من عمره
من هو الخليفة المأمون
هو عبدالله بن هارون بن الرشيد سابع خلفاء الدولة العباسية ولد عام 170هـ ، تولى الخلافة عام 193هـ ، كلف الرشيد يحيي بن المبارك اليزيدي بمهمة تنشئة وتربية المأمون وكان اليزيدي معتزليًا يميل إلى الاعتزال الأمر الذي ترك في أثره الواضح على الخليفة المأمون في بدايته حاز على الكثير من العلوم والمعارف .
تعليم المأمون
كانت تدريسه لتلاوة القرآن الكريم على قراءة أبي عمرو جزءا من برنامج اليزيدي لإعداد المأمون، وتعتبر هذه القراءة واحدة من القراءات السبع المشهورة. بالإضافة إلى ذلك، أظهر المأمون مهارته في حفظ القرآن الكريم، وقيل أنه كان أحد الخليفتين اللذين اتسما بحفظهما للقرآن الكريم، والخليفة الأول هو عثمان بن عفان رضي الله عنه. بعد ذلك، بدأ المأمون في دراسة الفقه وأصبح فقيها، وقيل أنه كان أفضل الحكام في معرفته بالفقه والكلام. كان المأمون يدرس الفقه الحسن اللؤلؤي في صباه، وكان ماهرا في فقه المواريث. وعندما تولى الخلافة، عين يحيى بن أكثم كأحد مستشاريه، وكان يحيى بن أكثم من الفقهاء المشهورين في عصره .
وقد استفاد من تحصيل الحديث بشكل كبير، حيث سمع موطأ الإمام مالك من أخيه الأمين وأبيه الرشيد، وسمع الحديث من محدثين مثل إسماعيل بن أبي بكر بن عياش وأبي معاوية ويوسف بن عطية وعبيد بن العوام ومحمد بن عمران النجعي .
كما حظي علم الكلام في عصره باهتمام كبير، وأصبح محط اهتمام المعتزلة، وأثار آمالهم بعد أن تضايقت حالتهم في عهد الرشيد. وقد أحب الفيلسوف الفلسفة والمنطق بشكل كبير، وكان يطرح الأسئلة عن أهل العلم والفلاسفة الإغريق. وشهد عصره نهضة كبيرة في مختلف المجالات العلمية، وازدهرت حركة الترجمة. كما كان مهووسا بقراءة الكتب واكتساب المعرفة. وشهد بلاطه مناقشات فكرية عميقة في مسائل علم الكلام، وكان يرد على الملحدين وأهل الأديان .
الخلاف مع أخيه الأمين
اندلع خلاف بين الأخوين حول مسألة العهد المطلق في الكعبة، حيث اعتبر المأمون أن العهد ينص على استقلال شؤون خراسان عن حكم الأمين، فيما رأى الأمين أنه كخليفة للمسلمين له حق التصرف في خراسان. وانتهت الأزمة بقتل الأمين وتولي المأمون الخلافة في عام 193 هـ .
اهتمامه بالعلوم
لم يقتصر اهتمام المأمون على علم الكلام والعلم الشرعي فحسب، بل كان يهتم أيضا بالعلوم الأخرى. أمر بنقل كتاب أقليدس في الهندسة وأمر بشرحه وتفصيله. كان يزور الكيميائي يوسف بن بن لقوة ويشاهد تجاربه الكيميائية. وكان المأمون يقوم بإجراء التجارب بنفسه، مبديا اهتماما بالتجارب الزراعية. زار الأهرامات في مصر وأحب فك رموزها، فأمر بفتح إحداها. وبعد مجهود شاق، وصل العمال لنقطة معينة فاقتنع المأمون بالتوقف عن العمل. كما اهتم بعلم الفلك والفضاء .
محنة خلق القرآن
أصبحت محنة خلق القرآن محط اهتمام الباحثين، إذ أنها نتيجة لتبني المأمون لفكر المعتزلة في الصفات الإلهية، حيث ذكر أن صفات الله في ذاته هي الحقيقة، وأن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى الشرك، وقال إن قول بقدم القرآن يؤدي إلى الشرك لأن المعتزلة اعتمدوا منهجا عقلانيا صرفا، وقالوا إن القرآن محدث ومخلوق، ولم يتصدى له إلا محمد بن نوح ومات وهو مسجون والإمام أحمد بن حنبل .
وفاته
توفي في أرض الدولة البيزنطية غازيا شمال طرسوس بسبب إصابته بالحمى في يوم 18 رجب عام 218 هـ وتولى الخلافة بعده أخوه المعتصم بالله .