من القائل ” أراد أن يوثقني فربطته “
أراد شخص ما تثبيتي، فقمت بربطه باستخدام جملة من قول الإمام أبو حنيفة النعمان، وذلك بعدما أدركت الحيلة التي كان يريد أن يقع فيها الشخص الذي كان يريد تثبيتي، وهذا بفضل ذكاء وفطنة أبو حنيفة الذي كان يعرف نواياه الخبيثة وأراد أن يفرق بينه وبين أمير المؤمنين، وهذه الحكاية ذكرت في كتاب الف قصة وقصة من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين.
الإمام أبو حنيفة وأبو العباس الطوسي:
كان أبو العباس الطوسي ينتقد أبا حنيفة، وعلم ذلك أبو حنيفة، فذهب لزيارة أبي جعفر المنصور، وأخبر الحاضرين بذلك، فقال الطوسي إنه يريد قتل أبا حنيفة، ولكن أبو حنيفة سأل الطوسي إذا أمر أمير المؤمنين بضرب عنق شخص بدون سبب، هل يجب على الشخص أن يسمح بذلك؟ فأجاب الطوسي بالحق، فقال أبو حنيفة: “فافعل الحق حيثما كان ولا تسأل عنه”، ثم ربط نفسه عندما شعر بأن الطوسي يريد توثيقه.
أبو العباس الطوسي:
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي [214هـ – 298 هـ]، أحد أعلام التصوف السني ومن علماء السنة والجماعة قال عن الإمام الذهبي: “الشيخ الزاهد الجليل الإمام شيخ الصوفية” من أقواله: “شجرةُ المعرفة تُسقَى بماء الفِكْرة. وشجرةُ الغفلة تسقى بماء الجهل. وشجرة التوبةِ تُسقَى بماء الندامة، وشجرة المحبَّةِ تسقى بماء الاتِّفاقِ والمراقبة والإيثار” توفي أبو العباس بن مسروق عن أربع وثمانين سنة في يوم الأحد 10 صفر سنة 298 هــ ودفن في مقابر باب حرب.
المستفاد من القصة:
كان ابن داود يقول: الناس في أبي حنيفة يحسدونه، وهم جهلة، وأفضل منهم حالا عندي هو جاهل.” وعلى الرغم من أن أبو العباس الطوسي ليس جاهلا، إلا أن نار الحسد والغيرة أفسدت قلبه من حيث يتعلق بأبي حنيفة، حيث أراد أن يثير الفتنة بينه وبين الخليفة أبو جعفر المنصور. ولكن ذكاء أبي حنيفة أوصله إلى أن يجيبه بطريقة تكشف حيلته وتجعله يدرك أن المنازعة بينهما ليست في صالحه. فالحكمة هنا تغلبت على الشجاعة وسرعة الرد، وبفطنته أنقذ أبو حنيفة نفسه من الشر الذي نصبه الطوسي.
إنها رسالة واضحة لشباب اليوم، الذين يتسمون بالحماس الزائد والاستجابة السريعة دون التفكير والحكمة. غالبا ما يتبع أحدهم نصيحة صديقه الذي يدفعه نحو الشر والمعصية، فيقع في الفخ الذي يعده له الشيطان بمساعدة أصدقائه من البشر، أو ينجرف وراء خبر أو تغريدة لا يكمن وراءها سوى تسويق الفتنة، ولا يدرك المقصود منها. يجيب عليها وينشرها دون أن يكون لديه وعي حقيقي للحقيقة. لذلك، أوصيك أخي المسلم بأن تقرأ بين السطور وتفهم الغرض الحقيقي وراء كل العداوات التي تحدث بين الأمم المسلمة، وما هو الهدف الحقيقي منها، وعدم أن تكون مجرد متبعا لشائعاتها. كن حذرا بما يريده الغرب منا كمسلمين، نحن الأمة الفخورة والعزيزة، الأمة التي ستستمر حتى قيام الساعة، بإذن الله.