مقومات الحضارة المصرية القديمة
مقومات الحضارة المصرية القديمة
- تطورت الحضارة المصرية على طول نهر النيل في جزء كبير منه، وذلك لأن الفيضانات السنوية للنهر توفر تربة غنية وموثوقة لزراعة المحاصيل.
- أظهرت الصراعات المتكررة للسيطرة السياسية في الحضارة المصرية القديمة أهمية الإنتاج الزراعي في المنطقة والموارد الاقتصادية.
- حفظ المصريون سجلات مكتوبة باستخدام نظام الكتابة المعروف باسم الهيروغليفية.
- استخدم الحكام المصريون فكرة الملكية الإلهية وبنوا المباني الضخمة لإظهار القوة والحفاظ عليها.
- قام القدماء المصريون بتطوير شبكات تجارية واسعة النطاق على طول نهر النيل وبحر الأحمر والشرق الأدنى.
حضارة مصر القديمة
ينقسم جزء كبير من تاريخ مصر إلى ثلاث فترات وهم “المملكة القديمة والوسطى والحديثة” مع فترات وسيطة أقصر وهي الفترات التي تفصل بين الممالك، كما يشير مصطلح “وسيط” إلى حقيقة حيث أن مصر لم تكن في تلك الأوقات قوة سياسية موحدة ولكن بالتالي كانت بين ممالك قوية حتى قبل عصر الدولة القديمة حيث تم إرساء أسس الحضارة المصرية لآلاف السنين حيث ركز الناس الذين يعيشون بالقرب من النيل بشكل متزايد على الزراعة المستقرة مما أدى إلى التحضر والنشاط الاقتصادي غير الزراعي المتخصص
مع وجود أدلة تمتد إلى عشرات الآلاف من السنين على سكن الإنسان في مصر، بدأ الاستيطان على نطاق واسع في المنطقة حوالي 6000 قبل الميلاد، وفي هذا الوقت اتسعت الصحراء الكبرى. يعتقد بعض العلماء أن هذا التوسع نتج عن تحول طفيف في ميل الأرض، بينما اكتشف البعض الآخر تغييرات في أنماط هطول الأمطار. رغم أن الأسباب المحددة ليست واضحة تماما، فإن النتيجة الأكثر أهمية لهذا التوسع في الصحراء بالنسبة للحضارة الإنسانية هي أنه دفع البشر إلى الاقتراب من نهر النيل بحثا عن مصادر مياه موثوقة
فيما يتعلق بمنطقة الدلتا حيث ينساب النهر أثناء تدفقه إلى البحر، يتم تركز معظم المستوطنات في وادي النيل على مسافة قصيرة من النهر نفسه. يتم فيضان نهر النيل سنويا وكان هذا الفيضان منتظما إلى حد ما، بحيث حدد القدماء المصريون ثلاث فصول له. كان هذا الفيضان السنوي حيويا للزراعة، حيث يترسب طبقة جديدة من التربة الغنية بالمغذيات كل عام. وفي السنوات التي لم يحدث فيها فيضان النيل، تنخفض مستويات المغذيات في التربة بشكل خطير، مما يزيد من فرصة نقص الغذاء بشكل كبير
تأثرت الأمدادات الغذائية بشكل سياسي، ولعل فترات الجفاف قد ساهمت في تدهور الوحدة السياسية في مصر في نهاية المملكتين القديمة والوسطى، على الرغم من أن معظم العلماء الذين يدرسون هذه الفترة يعتقدون في وقت ما حوالي عام 3100 قبل الميلاد أن زعيما يدعى نارمر أو مينا ربما وحد مصر سياسيا عندما حصل على السيطرة على كل من مصر العليا والوجه البحري.
المملكة القديمة
خلال العصور القديمة، كانت مصر دولة موحدة إلى حد كبير، حيث توسعت عسكريا وشيد حكام الدولة الأهرامات الأولى. وتعتبر هذه إنجازات رئيسية في الحضارة المصرية القديمة، حيث كانت تستخدم كمقابر للملوك وتحفظ آثارهم. وكان بناء المعمار الضخم مثل الهرم الأكبر والمعابد للآلهة المختلفة ووجود حكومة مركزية تستطيع السيطرة على موارد ضخمة من أهم تلك الإنجازات
لم يكن بناة الأهرامات عبيدا، بل كانوا فلاحين يعملون في الأهرامات خلال فترة الزراعة وليس في فترة الحصاد، حيث عمل هؤلاء الفلاحين جنبا إلى جنب مع متخصصين مثل قاطعي الأحجار وعلماء الرياضيات والكهنة. وكان ذلك جزءا من نظام الضرائب، حيث كان من الواجب على كل أسرة توفير عامل للمساهمة في هذه المشاريع، على الرغم من أن الأثرياء كان بإمكانهم دفع مبلغ بديل. هذا يوضح القوة التي تتمتع بها الدولة في إجبار الناس على توفير العمالة، وأيضا يكشف عن المزايا التي تحظى بها الطبقة الحاكمة التي يمكنها شراء طريقها للتخلص من تكلفة توفير العمالة
بدأ المصريون أيضا في بناء السفن المصنوعة من ألواح خشبية مربوطة بحبال، ومحشوة بالقصب، لتجارة البضائع مثل الأبنوس والبخور والذهب والنحاس والأرز اللبناني. وكانت هذه ذات أهمية كبيرة في الحضارة المصرية القديمة، وخاصة في مشاريع البناء على طول الطرق البحرية.
المملكة الوسطى
في عام 1869، شهدت المملكة الوسطى في مصر عملية توحيد مصر مرة أخرى، حيث استخدم الملوك الطرق المناسبة لاستعادة السيطرة على الحكم من حكام المناطق الأخرى. بدءا من عصر الدولة الوسطى، بدأ الملوك المصريون في الاحتفاظ بجيوش دائمة ومدربة جيدا، مما أظهر قدرة الدولة المصرية على إنشاء قوة عسكرية دائمة والحفاظ عليها، وكذلك بناء التحصينات، مما أدى إلى استعادة السيطرة على موارد كبيرة. ومع وجود الانقسام السياسي، فإن الفترة الانتقالية الثانية ليست واضحة من حيث التواريخ الدقيقة، ورغم أن الكتابة سمحت بتسجيل المزيد من الأحداث، فإن العديد من الأشياء لم يتم تسجيلها بشكل صحيح أو تم فقدانها أو تدميرها
وكما استغل مشغلو عدم الاستقرار السياسي في مصر، حيث ظهر الهكسوس حوالي عام 1650 قبل الميلاد، وكانوا شعبا ساميا، أي أنهم يتحدثون لغة نشأت في الشرق الأوسط، مما يدل على أنهم ليسوا من مواطني مصر. فرض الهكسوس حكامهم السياسيين، ولكنهم جلبوا أيضا العديد من الابتكارات الثقافية والتكنولوجية، مثل تقنيات صناعة البرونز والفخار، وسلالات جديدة من الحيوانات والمحاصيل الجديدة، والحصان والعربة والقوس المركب وفؤوس المعركة وتقنيات التحصين للحر.
المملكة الحديثة
بدأت فترة المملكة الحديثة في التاريخ المصري حوالي عام 1550 قبل الميلاد، حيث تم طرد الهكسوس من مصر واستعادة السيطرة السياسية المركزية. وكانت هذه الفترة هي الأكثر ازدهارا في تاريخ مصر، وشهدت ذروة قوتها. وفي هذه الفترة، أنشأت حتشبسوت، أشهر حاكمة مصر، شبكات تجارية ساعدت في بناء ثروة مصر ومئات المشاريع البنائية وقطع التماثيل، بالإضافة إلى إنشاء معبد جنائزي مثير للإعجاب في دير البحري. كما أمرت بإصلاح المعابد التي تعرضت للاهمال أو الإتلاف خلال فترة حكم الهكسوس
بمجرد أن أصبح التعبير `فرعون`، الذي كان في الأصل يشير إلى قصر الملك، وسيلة للتحدث مباشرة إلى الملك نفسه في هذا الوقت، أصبح هذا يعزز فكرة الملكية. كما ربط الفراعنة أنفسهم بالإله آمون رع، في حين أنهم لا يزالون يعترفون بالآلهة الأخرى. في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد، حاول أحد الفراعنة تغيير هذا التقليد عندما اختار عبادة آتون حصريا وغير اسمه إلى أخناتون تكريما لهذا الإله. يفسر بعض العلماء هذا باعتباره أول مثال على التوحيد أو الإيمان بإله واحد، ولكن هذا التغيير لم يستمر بعد حكم إخناتون
وعندما وصلت المملكة الحديثة في مصر إلى ذروة قوتها تحت حكم الفراعنة سيتي الأول ورمسيس الثاني والذين حاربوا لتوسيع القوة المصرية ضد الليبيين في الغرب والحثيين في الشمال، حيث كانت مدينة قادش الواقعة على الحدود بين الإمبراطوريتين مصدر نزاع بين المصريين والحثيين والتي خاضوا عدة معارك حولها ثم وافقوا في النهاية عند أول معاهدة سلام معروفة في العالم.