سلسلة روايات كتبها المؤلف الأمريكي جورج آر آر مارتن تحت اسم لعبة العروش أو صدام الملوك ، تدور أحداثها في قارتين خياليتين تشهد صراعا بين سبع عائلات تتنافس على السيطرة على العرش الحديدي للممالك السبع، وتناقش القضايا الاجتماعية والدينية والحرب الأهلية والجريمة وعقوبتها من خلال شخصياتها ، وهو أغلى مسلسل خيالي تم إنتاجه وعرضه على التلفزيون ، ونترككم الآن مع مقتطفات من رواية صدام الملوك.
نبذة عن المؤلف جورج رايموند مارتن
جورج رايموند ريتشارد مارتن هو مؤلف أمريكي، ولد عام 1948 في مدينة بايون في ولاية نيو جيرسي الأمريكية بدأ في بيع قصصه القصيرة في عمر الحادية والعشرين واشتهر بسبب سلسلة روايات (أغنية من ثلج ونار) التي حققت أفضل المبيعات حول العالم وتم تحويلها إلى مسلسل درامي الذي سمي بصراع العروش او صدام الملوك، ودخل قائمة أكثر الأشخاص نفوذاً وتأثراً في العالم.
المشهد الأول
يقف المايستر في الشرفة المكشوفة للريح خارج مسكنه، حيث يأتي الغدفان بعد التحليق الطويل، وقد لوثت فضلاتهما التمثالين اللذين يرتفع كل منهما اثني عشر قدما على جانبيه، أحدهما يمثل وايڤرن وهو مخلوق يشبه التنين والآخر كلبا من كلاب الجحيم، في حين يطل ألف رجل آخر من على أسوار القلعة العتيقة.
في البداية، كان جيش المسوخ الحجرية غير مرتاح بمجرد وصوله إلى دراجونستون، لكن مع مرور الوقت، تعودوا على وجودها وأصبحت تعتبرهم أصدقاء. والآن، يقفون معا ينظرون إلى السماء بخوف. وعلى الرغم من كونه قد عاش سنوات طويلة، لم ير مذنبا لامعا مثل هذا من قبل، بلونه الرهيب، لون الدم واللهب والغضب.
المشهد الثاني وتساؤلات بداخل الرأس
تساءل الشخص عن ما إذا كانت قد رأت مكانًا مثل هذا من قبل، فقد كانت هناك منذ فترة طويلة وستبقى هنا بعد أن يرحل الكثيرون. لو كانت الأحجار الحجرية قادرة على الكلام، لاستند إلى حائط الشرفة ووصف ملمس الأحجار السوداء الخشنة تحت أصابعه وصوت الأمواج المتلاطمة في الأسفل.
قال لنفسه: هل من الحكمة أن أفكر كطفل طائش وأنا رجل هرم يقف على عتبة القبر؟ هل تركت الحكمة التي اجتهدت طوال حياتي لاكتسابها؟ هل تركتني قوتي وصحتي؟ يا للحماقة
إنه مايستر يتعلم ويتدرب في قلعة البلدة القديمة العظيمة، وعنقه مغلق بسلسلة تابعيه، فماذا أصبح الآن وقد امتلأ عقله بالخرافات وأصبح مجرد فلاح مستأجر جاهل؟ كان يشعر بالذنب طوال الوقت، حتى في النهار، بينما تتصاعد البخار الرمادي الباهت من فوهات بركان دراجونمونت الساخنة وراء القلعة، وفي صبيحة الأمس جاء غداف أبيض يحمل خبرا من القلعة نفسها، خبرا طال انتظاره وطال الخوف من قدومه، خبرا يزيل الشك عن نهاية الصيف.
كان يُعاني من الرَّغبة في أن يَصرُخ بأعلى صوته: ماذا يعني كل هذا، يا مايستر كرسن؟” قال پايلوس بصوت خافت كأنه يكره مقاطعة كرسن أثناء تأملاته، في حين لو أدرك الهراء الذي ملأ رأس العجوز لحظتها، لصاح بهدهشة.
المشهد الثاني وحوار بين بايلوس والأميرة
بايلوس على صوابٍ دائمًا، والآن كان يدعوها الأميرة بما أن السيد والدها ملك لصخرةٍ في عرض البحر المالح العظيم تتصاعَد منها الأدخنة والأبخرة، لكنه ملك على الرغم من ذلك. أدارَ العجوز ظَهره للفَجر وقد أبقى يده على تمثال الوايڤرن كي يقف بثبات، وقال: خُذني إلى مقعدي ودَعهما يَدخُلان.
أمسك پايلوس ذراعه وأخذه إلى الداخل. في شبابه، كان كرسن يسير بخطوات سريعة ورشيقة، لكنه الآن يقترب من يوم ميلاده الثمانين، وأصبحت ساقيه هشتين ومرتعشتين. قبل عامين، تعثر المايستر وكسر ركبته، ومنذ ذلك الحين لم يتعاف الكسر كما ينبغي، وفي العام الماضي، وهو مستلق في فراشه بسبب المرض، أرسلت القلعة پايلوس من البلدة القديمة قبل بضعة أيام من إغلاق اللورد ستانيس للجزيرة.
تركَ الرَّجل الشَّاب يُساعِده على الجلوس وراء كُتبه وأوراقه، ثم قال: اذهب واحضرها، فمن الغير إن تجعل السيدة تنتظر.
المشهد الثالث وزيارة مفاجأة
عادَ پايلوس والفتاة معه وقد بدَت خجولًا كالمعتاد، ومن ورائها جاءَ مهرِّجها بمشيته الجانبيَّة الغريبة التي تجمع بين جَرِّ القدمين والتَّواثُب، وقد وضعَ على رأسه خوذةً مصنوعةً من صفيح دلوٍ قديم، رُبِطَ حول قمَّتها حزام ثُبِّتَت فيه قرون وعلٍ يتدلَّى منها عدد من الأجراس الصَّغيرة التي تُعَلَّق في أعناق الأبقار، ومع كلِّ خطوةٍ متمايلةٍ يخطوها كانت الأجراس تُجَلجِل فيُصدِر كلٌّ منها رنينًا مختلفًا عن الآخَر، قال كرسن: مَن جاءَ لزيارتنا في هذه السَّاعة المبكِّرة يا پايلوس؟.
أجابَته الطِّفلة وعيناها الزَّرقاوان تَرمُقانه بنظراتهما البريئة: أنا هي، يا مايستر، ومعي شخص ذو وجه مرقع، وجهي للأسف ليس جميلا، فقد ورثت من والدي الفك المربع البارز، ومن والدتي الأذنين الكبيرتين، وإضافة إلى التشوه الذي أصابني، والذي يبقى كتذكار دائم لصراعي مع الداء الأرمد، الذي كاد أن يقضي علي عندما كنت في المهد. بشرتي جافة ميتة عبر نصف وجنتي وعنقي، حيث تشقق جلدي وتقشر وتتواجد فيه البقع السوداء والرمادية، ويبدو شكلي كحجر عند اللمس. قال پايلوس إننا نستطيع أن نرى الغداف الأبيض، فرد عليه كرسن: بكل تأكيد، يمكن أن يحرمها من ذلك، فقد حرمت من الكثير جدا في حياتها القليلة. اسمها شيرين، وستصبح في العاشرة من عمرها في يوم ميلادها القادم، وهي أتعس طفلة عرفها المايستر كرسن في حياته.
المشهد الرابع وتساؤلات أخري
قال العجوز لنفسه: إشارة أخرى لفشلي، ثم قال للشاب: أيها السيد بايلوس، هل تكرمت بجلب الطائر من العش الخاص به ليراها السيدة شيرين؟ أجابه بسرور. كان بايلوس شابا مؤدبا، لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، ولكنه كان يتمتع بالكرامة والنضج كرجل في الستينات، يتميز بروح الدعابة والحيوية، وهذا هو بالضبط ما يحتاجه هذا الموقف.
تحتاج الأماكن الجحيمية إلى الخفة وليس الرفعة، ويعتبر دراجونستون بدون أدنى شك مكانا جحيميا، حيث تقف قلعة وحيدة وسط هذا الصحراء الظلماء، لا يحيط بها سوى الملح والعواصف، في حين يلقي الجبل المشتعل ظله عليها من الخلف.
يجب على كل مايستر الذهاب إلى المكان الذي يتم إرساله إليه، ووصل كرسن إلى هنا مع سيده اللورد قبل اثني عشر عامًا، وقضى تلك الأعوام في الخدمة وأديت خدمته بشكل ممتاز، وعلى الرغم من ذلك لم يتمكن أبدًا من الإحساس بأن دراجونستون هو بيته الحقيقي أو الوطن الذي ينتمي إليه.
المشهد الخامس ما قبل الاخير
طلع الفجر ومن المفترض أن يكون الكل نائم ولكن قالت شيرين: رأيت أحلاما مخيفة، حيث جاءت التنانين لتأكلني، وكانت هذه الصغيرة مبتلاة بالكوابيس منذ وقت طويل لا يمكن لكرسن أن يتذكرها، فتحدث إليها بلهجة لطيفة قائلا: لقد ناقشنا هذا من قبل، الحياة لا يمكن أن تتجسد في التنانين لأنها محورة من الحجر يا صغيرتي، في الماضي البعيد كانت جزيرتنا أقصى نقطة مراقبة غربية تابعة لمعقل ڤاليريا الحر العظيم، والڤاليريون هم من بنوا القلعة، وكان لديهم طرق لتشكيل الحجارة لم نعد ندركها.
ينبغي أن يتم إقامة برج في كل قلعة حيثما يتقابل سوران من أجل الدفاع عنها، وقد قام الڤاليريون بإقامة هذه الأبراج على هيئة تنانين لجعل قلعتهم تبدو مهيبة أكثر، تماما كما أنهم زينوا الأسوار بآلاف الكراجل بدلا من التصميم التقليدي، وأخذت يدها الوردية الصغيرة في يده المرقعة الهشة واعتصرها بلطف مضيفا: لا يوجد شيء يستحق الخوف كما ترين.
قالت شيرين وقد بدا عليها عدم الاقتناع: وماذا عن هذا الشيء في السماء؟ كانت دالا وماتريس يتحدثان عنه عند البئر، وقالت دالا إنها سمعت المرأة الحمراء تقول لأمها إنه أنفاس التنانين. إذا كانت التنانين تتنفس، فهل هذا يعني أن الحياة تتدفق في الكون بالفعل؟.
المشهد السادس والاخير
قال المِايستر كرسن لنفسه بامتعاض: المرأة الحمراء، سيِّئٌ بما فيه الكفاية أنها ملأَت رأس الأمِّ بالجنون، أفيجب أن تُسَمِّم أحلام البنت كذلك؟ عليه أن يُوَجِّه تحذيرًا صارمًا لدالا ويقول لها ألَّا تَنشُر تلك الحكايات. الشَّيء الذي في السَّماء مذنَّب يا حُلوتي، نجم مذيَّل ضائع في الأعالي، وسيختفي عمَّا قريب ولن نراه في حياتنا هذه ثانيةً، سترين.
أجابَته شيرين بهزَّةٍ شُجاعةٍ من رأسها، ثم قالت: تقول أمي أن ظهور الغِدف الأبيض يدل على نهاية الصيف، وهذا صحيح؟ الغِدفان البيضاء تأتي فقط من القلعة في البلدة القديمة، وتم تصميم سلسلة كرسن المحيطة بعنقها بمهارة فائقة، حيث تم صنع كل حلقة فيها من معدن مختلف يرمز إلى إتقان فرع معين من المعرفة.
سلسلة المايستر هي العلامة التجارية المميزة لجماعته، وكان كرسن يرتدي سلسلته بشكل بسيط عندما كان شابًا، أما الآن فقد أصبحت تزيد من وزن عنقه وتسبب له الإحساس ببرودتها على جلده.
إنها أكبر حجما وأذكى من سائر الحمولات البريدية الأخرى، وقد تم تعليمها لنقل أهم الرسائل على الإطلاق. جاءنا هذا الغداف ليخبرنا بأن اجتماع المايسترات قد تم عقده وتم دراسة التقارير والقياسات التي قام بها كل مايستر في جميع أنحاء البلاد، وأعلن أخيرا أن هذا الصيف العظيم قد انتهى بعد مرور عشر سنوات ودورتين قمريتين وستة عشر يوما، وهو أطول صيف في ذاكرة البشر.