معنى اية بئس الاسم الفسوق بعد الايمان
القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى، وهو كلام معجز لم يأت به أحد ولم يكتب عبثًا، فهو جاء مقرونا بالأدلة والشواهد والعبر، ويُعد هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وجاءت بعده السنة النبوية، لكي توضحه أكثر وتوضح مظاهر جماله، وكان القرآن الكريم في بداية نزوله سهل الفهم جدًا نظرًا لأنه أنزل على أمة فصيحة تتقن اللغة العربية، وتفهم المكنونات والمدلولات له، ولكن بعد أن توسعت الدولة الإسلامية ودخلت الكثير من الأعاجم إلى الإسلام أصبح هناك ضرورة مُلحة من أجل تفسير آيات كتاب الله لفهم المقصود منها.
نظرة عامة في سورة الحجرات
تعد سورة الحجرات سورة مدنية نزلت في المدينة بإجماع الصحابة، وتبدأ السورة ببسم الله الرحمن الرحيم، بقولها `يا أيها الذين آمنوا`، وتتألف تلك السورة من ثمانية عشر آية، وتوضع في الترتيب التاسع والأربعين بين سور القرآن الكريم، وتعرف بسورة الآداب، ونزلت تلك السورة على عدة مراحل بحسب الأحداث التي وقعت في ذلك الوقت، حيث جاءت سورة الحجرات لتوضيح أسباب تلك الأحداث، وتدور المضمون العام للسورة حول ضرورة التأدب في الحوار، وخاصة عند التحدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الحرص على تجنب استخدام الألفاظ المهينة.
سورة الحجرات تميزت بالعديد من الآداب العظيمة وانفرادها بها، التي أدب الله سبحانه وتعالى به عباده الصالحين، وخاصة في المعاملة مع الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد قال عنها بعض العلماء (كانت العرب في جفاء وسوء أدب عند خطابهم مع النبي صلى الله عليه وسلم)، فجاءت السورة لتوضيح ذلك، وهذا هو السبب وراء تسميتها بسورة الآداب.
سبب نزول آية (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ)
يشير المفسرون إلى أن الآية نزلت على الصحابي الجليل ثابت بن قيس رضي الله عنه، حينما سأله شخص ما اسمه، فأجاب: “أنا ابن فلان”، فرد عليه ثابت قائلا: “أنت ابن فلانة”، وهو يقصد تحييره بذكر أمه، فخجل الرجل لأنه كان يتعامل بهذه الطريقة في الجاهلية. وحسب رواية ابن عباس رضي الله عنه، فإن الآية نزلت على صفية بنت حيي بن أخطب، حيث أخبرها حفصة بأنها ابنة يهودي، ودخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فسألها: “ما يبكيك؟” فقالت: قالت لي حفصة إني بنت يهودي، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: “إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، فبم تفخرين عليه؟” ثم قال لها: “اتقي الله يا حفصة.
تفسير آية (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ)
قال الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات مخاطبا المؤمنين خاصة: “يا أيها الذين آمنوا، لا يسخر قوم من قوم، عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء، عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون.” وتعد تلك الآية من أعظم الآيات القرآنية بصورة تامة، ويرجع السبب في أنها توضح السبب وراء تسمية سورة الحجرات بسورة الآداب، لأنها تحوي على الآداب المحمدية والعديد من الخصال الحسنة التي يدعو إليها الإسلام، وما زال يدعو إليها إلى الآن.
ويأتي تفسير آية بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان كالتالي :
الرجل الذي يسمى بهذا الاسم السيء، ويذكر بالفسق والكفر والمعصية، هذا هو المعنى الحقيقي للذكر. قال ابن زيد: (إنه أمر سيء أن يطلق على الرجل اسم الكفر أو الزنا بعد إسلامه وتوبته). ويلقب بفاسق من يستخدم السخرية من المسلمين وينمي اللمز والنبذ. قال القرطبي: (هذا يستثنى في بعض الحالات التي يستخدم فيها عادة، مثل الأعرج والأعمى والأعور وغيرهم، إذا لم يكن لديه سبب يبرر استخدامه، ففي هذه الحالة يكون مقبولا عند الأئمة، واتفق أهل اللغة على هذا القول).